أثيوبيا ساحة تنافس بين إيران وتركيا

محمد عبد المنعم /

سعت كل من تركيا وإيران إلى استغلال الحرب في إقليم تيغراي بين الحكومة الإثيوبية والمجموعات المتمردة للتدخل في القارة الإفريقية خدمة لمصالحهما.

واستغلت كل من طهران وأنقرة فقدان رئيس الحكومة الإثيوبية ابي احمد للدعم الأميركي والغربي منذ أن اختار التحالف مع إريتريا وتورط في جرائم حرب في إقليم تيغراي وذلك لبسط نفوذهما المتزايد في إثيوبيا.

واعتمد الجيش الإثيوبي بشكل كبير على سلاح الطائرات المسيرة القادمة سواء من تركيا وإيران لإلحاق الهزيمة سريعة بجبهة تحرير تيغراي خاصة وان البلدين يملكان خبرات في تصنيع هذا النوع من السلاح.

ودعمت كل من ايران وتركيا الميليشيات والمجموعات المسلحة في عدد من الساحات في العالم عبر سلاح الطائرات المسيرة وقد استخدمت تركيا الطائرات المسيرة في الساحة الليبية والسورية والعراقية وفي الحرب في اقليم ناغورني قره باغ بينما سلحت إيران ميليشياتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

وأثبتت تلك الأسلحة كفاءتها في عدد من الصراعات كما ان تكلفتها المنخفضة تدفع الدول الفقيرة إلى التفكير في شراءها.

ومن بين الأسباب التي دفعت واشنطن إلى فرض عقوبات على إيرانيين يعملون في برنامج الطائرات دون طيار وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني هو تصدير تلك الأسلحة إلى دول مثل أثيوبيا.

وطالت العقوبات سعيد آغاجاني قائد قيادة الطائرات دون طيار التي تتبع القوة الجوية للحرس الثوري الإيراني حيث أفادت وزارة الخزانة الأميركية إن فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني “استخدم الطائرات دون طيار القاتلة وانتشر استخدامها من قبل الجماعات المدعومة من إيران، بمن في ذلك حزب الله وحماس وكتائب حزب الله والحوثيون، وإثيوبيا، حيث تهدد الأزمة المتصاعدة بزعزعة استقرار المنطقة الأوسع”.

ومن بين الأسلحة التي سلمتها إيران إلى اثيوبيا طائرات دون طيار تعمل في مجالي التجسس والضربات الهجومية ومنها طائرة “مهاجر 6″، وجرى رصد طائرة نقل “إليوشن Il-76TD إيرانية” (روسية الصنع) في الفترة ما بين يونيو/تموز وأغسطس/اب الماضيين.

وحملت تلك الطائرات المسيرة أسلحة ولوجستيات إلى مطار هارد ميديا الإثيوبي الذي تهتم به إيران لأسباب إستراتيجية.

كما تتحدث تقارير غربية عن تسليم تركيا طائرات “بيرقدار تي بي 2″ و”أنكا – أس” المسيّرة للحكومة الإثيوبية، وتلعب هذه الطائرات دورا في إحداث توازن في ميزان القوى بين الجيش الفيدرالي وقوات جبهة تحرير تيغراي.

كما وقعت تركيا اتفاقية دفاع عسكري مشترك مع آبي أحمد الذي زار أنقرة في أغسطس/اب الماضي والتقى الرئيس رجب طيب اردوغان الذي اظهر اهتماما كبيرا بالقارة السمراء وخصوصا بأثيوبيا.

وتعتبر تركيا ثاني أكبر مستثمر في إثيوبيا بعد الصين، حيث تصل استثماراتها إلى حوالي 2.5 مليار دولار، وهناك حوالي 200 شركة تركية في إثيوبيا معظمها تعمل في قطاع المنسوجات، وتسهم في خلق فرص عمل لحوالي 30 ألف مواطن، في حين بلغ حجم التجارة بين البلدين 650 مليون دولار العام الماضي.

وتعمد كل من تركيا وإيران إلى تجربة أسلحتها بما فيها سلاح الطائرات المسيرة في اقليم تيغراي في وقت تعبر فيه مصر عن قلقها الشديد من النفوذ المتزايد للدولتين الإقليميتين في اثيوبيا خاصة مع تصاعد الخلافات بشان سد النهضة.

على أبواب أديس أبابا

وتسيطر حالة من الغموض والخوف على سكان العاصمة الإثيوبية، والكثيرون يفرون من العنف في إقليم أمهرة المتاخمة لها مع زحف المتمردين نحو أديس أبابا لإسقاط حكومة أبي أحمد الذي غرّد قائلا إن إثيوبيا يجب أن تكون مستعدة “لتقديم تضحيات” من أجل إنقاذ البلاد.

وفي الشمال، يقف تحالف المتمردين، المكون من الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وجيش تحرير أورومو، على بعد أقل من 400 كيلومتر عن العاصمة التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة، وفي الشرق يريدون قطع طريق الإمدادات الذي يصل المدينة بالميناء المهم في دولة جيبوتي المجاورة. ويتساءل الناس متى ستسقط العاصمة، خلال أيام، أم أسابيع ،أم شهور؟ وماذا بعد؟

إنه انهيار مذهل لبلد لطالما كان دعامة للاستقرار في شرق إفريقيا.

ونفت الحكومة التي أعلنت حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، أي تقدم كبير للمتمردين وأي تهديد للعاصمة، مؤكدة أنها ستنتصر في هذه “الحرب الوجودية”. وانتقدت المتحدثة باسم رئيس الوزراء بيلين سيوم “خطابا مثيرا للقلق” أججته “معلومات مضللة” من جبهة تحرير شعب تيغراي تهدف إلى خلق “شعور زائف بانعدام الأمن”.

ولا يزال المعسكران صامتين عن الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار والمفاوضات التي نقلها المبعوث الأميركي للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان الموجود في العاصمة الإثيوبية.

في مواجهة هذا التصعيد طلب عدد من السفارات بينها بعثات الولايات المتحدة والسعودية والسويد والنروج من رعاياها مغادرة إثيوبيا. ودعا مجلس الأمن الدولي الجمعة إلى “إنهاء القتال والتفاوض على وقف دائم لإطلاق النار” في بيان مشترك نادر منذ بدء القتال قبل عام.

وأدى القتال الذي تسبب بسقوط آلاف القتلى ونزوح مئات الآلاف إلى إغراق شمال البلاد في أزمة إنسانية عميقة. وتقول الأمم المتحدة إن 400 ألف شخص على الأقل باتوا على حافة المجاعة في تيغراي حيث لم تتمكن من إيصال مساعدات منذ 18 أكتوبر الماضي. كما أدى النزاع إلى تفاقم الخلافات العرقية، خصوصا على شبكات التواصل الاجتماعي حيث تنتشر الخطب الحربية والدعوات إلى الكراهية.

.