هل سيكون التحالف الحكومي الجديد، جديدا في مضمونه ؟!
د/ أمير حمد
انصرم عام 2017 حافلا بتقدم الاقتصاد وعلو صوت ألمانيا كدولة ديمقراطية متعددة الآراء السياسية وفوق كل شيء وطن جديد للاجئين، غير أن في هذا الوطن يكرهم كثير من المواطنين والأحزاب اليمينية فيه كحزب AFD البديل الذي رفض وانتقد تهنئة العام الجديد باللغة العربية ضمن اللغات العالمية الأخرى. يقول رئيس هذا الحزب لا يمكن تحية الأجانب بالعربية وهم يتحرشون جنسيا وفوضويون كما في حوادث كولون السابقة التي وُصفت ألمانيا بسبها كدولة مهملة لأمنها تدافع عن الغرباء وتترك حقوق أبنائها مُهملة. إلى جانب هذا طالب حزب CSU بتقليص الميزانية الاجتماعية للاجئين وتحديد نسبتهم لاسيما الأطفال والصبيان منهم اثر أن اغتال شاب أفغاني شابة ألمانية وكشفت التحريات فيما بعد بأنه ليس صبيا كما سجل في ملفه بل يتجاوز عمره ما فوق العشرين عام.
بالرغم من غياب حكومة ألمانية طيلة الفترة السابقة بعد الانتخابات البرلمانية في سبتمبر 2017 إلى عامنا الجديد هذا لم يزل الاقتصاد الألماني منتعشا وقلت نسبة البطالة وظلت أبواب ألمانيا مفتوحة بعد للاجئين، نعم ارتفعت الصادرات الألمانية وبمثلما أقلق العالم ـ لاسيما الرابطة الأوروبية ـ وضع ألمانيا الحرج هذا “بدون حكومة”، ارتفع صوت ديمقراطيتها في العالم للتحدي الجاد بين الأحزاب وتفاوت الآراء السياسية مما جعل بعض الأحزاب ترفض الحكم لعدم تناسق برنامجها السياسي مع حزب ميركل CDU الفائزة للدورة الرابعة. هذا كما ظلت قضية هجرة اللاجئين الضخمة منذ عام 2015 تشغل القيادة السياسية الألمانية وكل الأحزاب الأخرى بل أصبحت المحور الأساسي والأول لتناسق سياسة الأحزاب الحاكمة.
تظل ألمانيا تستقطب ثلث تعداد اللاجئين وبقية دول الرابطة ـ 26 ـ دولة توزع بينها الثلثين المتبقين وترفض تقبل أي لاجئ. كما هو حال النمسا والمجر وبولندا ودول شرق أوروبا.
كان وقد تناولنا في العدد السابق من مجلة الدليل ( رفض الأحزاب اليمينية و CSU) لتوسيع نسبة اللاجئين بلم شملهم وأشرنا إلى حزب البديل AFD الرافض للاجئين و تمركزه كثالث أكبر حزب سياسي داخل البرلمان الألماني. لم ينته الجدل حول اللاجئين عن هذا الحد وإنما توسع ليشمل دعمهم المالي والتأكد من أعمارهم …!
بالعودة إلى النقاط السابقة نجد أن الحزب الاشتراكي SPD قد عارضها واحدة تلو الأخرى. فأول هذه النقاط المحاور تمركزت في الطلب المقدم من حزب CSU المسيحي الاجتماعي بتقليص الدعم ا للاجئين حتى لا تكون ألمانيا قبلة للاجئين الجدد، لاسيما وقد عرفت ألمانيا بدعمها العالي للاجئين وتقدم الخدمات الطبية والتعليم. رفض حزب SPD هذا الطلب استنادا إلى المحكمة الدستورية التي ترفض نقص المساعدات المخصصة للاجئين من ناحية قانونية وإنسانية. يقول متحدث حزب SPD أن نقص إعانة اللاجئين يؤدي إلى تفشي الجرائم والسطو وفقرهم وعدم التزامهم بالاندماج الايجابي، هذا إلى جانب اندفاعهم للعمل اللاشرعي “الأسود”. هذا كما رفض بل واحتج الحزب الاشتراكي SPD على الطلب الثاني المقدم من حزب CSU الخاص بإجراء فحوصات طبية لتأكد من أعمار اللاجئين الصبيان. دفع حزب CSU إلى هذا الإجراء جريمة قتل ألمانية 15 عام على يد لاجئ أفغاني في مدينة أندل لغيرته الشديدة عليها وحبه لها. رفضته هذه الألمانية الشابة فاغتالها واتضح بعد ذلك تزويره لعمره في طلبات اللجوء. يقول متحدث CSU بأنه هذا الشاب الذي سجل عمره كصبي في ملفه الرسمي مؤشر خطير لتفشي تزوير أعمار اللاجئين وتصغير سنهم لسهولة قبول طلب الصبيان والأطفال، لذا طالب هذا الحزب بإجراء امتحانات كفحص العظام والأسنان للتأكد من بيانات اللاجئين، رفض الحزب الاشتراكي وكذلك حزب الخضر هذا الطلب استنادا على عدم دقة هذه الفحوصات ولا إنسانيتها وعدم جدواها لوجود لوائح وقوانين سارية للتأكد من أعمار اللاجئين. إلى جانب حزب CSU طالبت ولاية “زار لاند Saarland” المحكومة من قبل حزب CDU بإجراء الفحوصات الطبية المذكورة لتفادي جرائم وتزوير هويات اللاجئين كما فعل الشاب الأفغاني المذكور سابقا. وفي تواز مع هذه الاحتجاجات وتضارب برامج الأحزاب الحاكمة CDU و CSU مع حزب SPD ارتفع صوت احتمال فشل محاولة هذا التحالف لقيادة ألمانيا للدورة الرابعة.
اللاجئون القضية المحورية:ـ
توسع البرلمان الألماني ليصل عدد برلمانيه 700 وهو توسع لم تألفه ألمانيا. نبع هذا التضخم بعد عودة الحزب الليبرالي إلى البرلمان ونشأة حزب البديل AFD الرافض للاجئين وسياسة ميركل المتعاطفة معهم بدءا بعام 2015. حشد هذا الحزب الشعارات المؤججة والموقدة لقومية الألمان كما فعل هتلر سابقا لكسب أكبر شرائح الألمان. انتُقدت “ايفون شتروتش” برلمانية بحزب AFD لرفضها لتحية اللاجئين بالعربية بمفتتح العام الجديد. تحية ضمن تحيات لكل الشعوب الأخرى بلغاتهم المتفاوتة وذلك كتعبير لترحيب ألمانيا بالأجانب بداخلها وتأكيدا لقيم ومضامين المسيحية. تقول هذه البرلمانية بأن هذه اللغة العربية لغة اللاجئين المغتصبين والعنيفين المستهترين بالقانون الألماني كما حدث في أعياد السنة من قبل بمدينة كولون.
ساعد مثل هذا التصريح وشعارات حزب AFD لتشويه صورة اللاجئين بل والأجانب بشكل عام و ليثبت كصورة ثابتة مشوهة وقبيحة في بولندا والمجر وكذلك النمسا. يقول صحفي بولندي في إذاعة فونك الألمانية بأن البولنديين مثلا يحذرون أبنائهم من ألمانيا لتفشي عنف اللاجئين بل ويذهبوا أكثر، إذ يقولون بأن النساء والألمان لا يخرجون في المساء خيفة تعدي وعنف اللاجئين في الطرقات والمحطات …. ومن جانب آخر جاء إحدى دراسات مركز اللاجئين بأن هناك فرق واضح بين لاجئي دول شمال أفريقيا وبين لاجئي دول سوريا والعراق، الشريحة الأولى تميل إلى العنف وهي بلا أهداف واضحة على النقيض من لاجئ سوريا والعراق الراغبين في العمل والتعليم، علما بأن هذه الشريحة مراقبة بشدة لاحتراف الكثير منهم تزوير وثائقهم وانتمائهم لتنظيم داعش الدموي. نعم تسيطر قضية اللاجئين على الساحة السياسية والألمانية بل ودول الرابطة ومواطنهم الأم وما يؤكد أهمية هذه القضية هو فشل تحالف الأحزاب السياسية الحاكمة بسبب التعاطف معهم كحزب SPD واليسار والخضر أو رفضهم والتحول تجاههم كحزب CSU و AFD ، ومما يؤكد ذلك هو احتمال البت في قضية لم شمل اللاجئين إلى أن يتم التحالف بين CDU و SPD أي ترك لم شمل اللاجئين كما اتفق عليه إلى شهر مارس وربما تمتد فترة النقاش حوله بكل إيجابياتها من تسهيل الاندماج ومنح الحقوق القانونية والإنسانية وكذلك السلبيات من احتمال تسلل إرهابيين وسط القادمين الجدد وتفشي الفوضى وإنهاك الميزانية الاجتماعية وفشل دمجهم في المجتمع الألماني لاحتمال تحوصلهم.
كان وقد زار أوربان رئيس المجر ألمانيا والتقى زيهوفر رئيس وزراء ولاية بايرن للعلاقات الاقتصادية القوية بين بايرن والمجر لاسيما القطاع الزراعي، أثنى زيهوفر على اوربان الذي أنقذ بايرن من تدفق اللاجئين لغلقه حدود المجر في وجههم. أتت هذه الزيارة متناسقة مع الاجتماع السنوي الحاسم لحزب CSU بزعامة زيهوفر مهم لقدوم ولاية بايرن على الانتخابات البرلمانية في الخريف القادم، هذا وقد أعلنت معظم التنبؤات بفوز حزب AFD وكذلك الحزب الليبرالي FDP لرفضهما لسياسة ميركل المتعاطفة مع اللاجئين. لهذا توجه حزب CSU إلى سياسة الحسم وتقليص تعداد اللاجئين لكسب أصوات الناخبين. يقول دوبرند نائب زيهوفر بأن الوقت قد حان لإرجاع اللاجئين السوريين إلى سوريا ليتم لم شملهم بدلا من استقطاب ذويهم في ألمانيا.
من الملاحظ صعوبة تشكيل تحالف حكومة ألمانية من قبل الأحزاب الحاكمة للمرة الثانية للاختلاف الكبير بين برنامج وخطة كل حزب، فحزب SPD يود لم شمل اللاجئين وتحويل الضمان الصحي الخاص إلى ضمان عام، لا يختلف فيه علاج الأثرياء عن غيرهم ويخطط كذلك لرفع ضرائب الأثرياء، كل هذا مرفوض ومتضارب مع الحزب الاتحادي CDUو CSU ولا يبقى سوى توافقهما في قضايا ثانوية وتكثيف الجهد لإيقاف مد وتوسع حزب AFD لاحتمال احتلاله لمركز حزب CSU وإضعاف كذلك لحزب SPD الاشتراكي لكونه ـ كما يقولون ـ حزب غير مكترث بالألمان فقط الأجانب وكما يروج هذا الحزب ويحاول إضعافه لأكثر مما هو الآن 20% فقط.
صرح دوبرند CSU بأن نسبة نجاح SPD هذه لا تسمح له بفرض وتحقيق مطالبه في تحالفه الراهن مع الحزب الاتحادي، لم يصمت المتحدث الرسمي لحزب SPD إذ أعرب قائلا بأن نسبة CSU لا تتجاوز 6% و CDU 24% أي 30% معا وهي نسبة ضعيفة كذلك كما أن زيهوفر رئيس حزب CSU نفسه يرغب بل ويطالب بتكوين تحالف مع SPD للمرة الثانية. حكومة جديدة قوية تفعل وتدفع بنجاح اقتصاد ألمانيا وهيمنتها على الرابطة الأوروبية. من المعلوم بأن حزب SPD يخطط لتكوين اتحاد أوروبي يضاهي أمريكا، الرافضة لاستقطاب اللاجئين ويحظى زعمائها بنصيب متميز وألا تصيبهم اللعنة وعدم المقدرة على الحكم كما جاء في كتاب الغضب والنار لمستشار ترامب، بالرغم من ضعف أمريكا في الوقت الراهن ورفضها للمسلمين واللاجئين وعدم مقدرة قيادتها السياسية على يد ترامب، لم تزل تحكم الأحزاب الاشتراكية الأوروبية بفكرة بنيتها السياسية إذ طالبت بتكوين الولايات المتحدة الأوروبية وها هو شولتس رئيس الحزب الاشتراكي يضع هذا المنشد كأحد أهم شروط حزبه لتشكيل حكومة جديدة مع ميركل بعد أن فشل تحالف جامايكا جراء انسحاب الحزب الليبرالي.
نقول هذا ونذكر بأن حزب CSU شقيق حزب CDU الحاكم يرفض هذا المنشد إذ يرغب في استقلالية كل دولة داخل الرابطة الأوروبية كما أنه ينحو إلى اليمين المتطرف شيئا فشيئا ليكسب أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية القادمة في بايرن. يقول المتحدث الرسمي لهذا الحزب أن خنوع حزب CSU إلى اليمين ـ رفضه لم شمل اللاجئين وتسفيرهم إلى سوريا والعراق لاستتباب الأمن هناك ـ استجابة لمطالب الألمان وفي ذات الوقت إحياء لحزب CSU وسحب البساط من تحت حزب AFD البديل.
مثلت زيارة أوربان رئيس المجر لبايرن ذروة الميل إلى اليمين، فأوربان أغلق الحدود أمام اللاجئين واتهم ميركل بعدم تلبيتها لمطالب الشعب الألماني الرافض لتدفق الأجانب وتهديد أمنها وتسطيح وتذويب ثقافتها وأسلمتها وهدر الأموال في دمجهم وتعليمهم. ومثلما انتقد أوربان الأجانب انتقده أكثر من محلل سياسي وكسب الشعب المجري بالشعارات الجاهزة وعدم مقدرته لإرادة بلاده وضعف فهمه النيابي، يقول “أرنولد لاخ” بأن المجر تتقاضى الملايين من الرابطة الأوروبية ولا تلتزم بشروطها وتطل على سياسة وطيدة مع بوتين. يقول أن اتهام أوربان للاجئين وتسطيحهم ينطبق كذلك ومعظم شرق أوروبا إذ يختلفون تماما عن الحضارات الأوروبية الغربية ولا يرقون إلى مصاف الحضارة الحديثة.
ختاما اقترح حزب FDP الليبرالي تحديد مدة حكم المستشار، استنادا إلى ميركل لم تعد تأت بالجديد كالانفتاح على الرأسمالية ودعم الحوسبة والرقمية والتعليم فميركل تتصور هذا الحزب مهتما بقضايا الأجانب واللاجئين والوضع الاجتماعي والانفتاح على أوروبا بادئ ذي بدء. يقول متحدث الحزب الرسمي بأنه قد حان الوقت لترحل ميركل. يرى معظم المحللين السياسيين غضب الحزب الليبرالي على ميركل نتاج تضيعه لفرصة التحالف معها بعد أن خرجت “لندا” رئيس الحزب من محاولة التحالف مع ميركل قائلا : من الأفضل ألا تحكم ميركل من أن تحكم سيئا. أما حزب CSU شقيق وحليف حزب ميركل CDU فمركز كل جهوده ومقترحاته للمشاركة في تحالف مع CDU وحزب SPD الاشتراكي وفق شروطه الخاصة باللاجئين: عدم لم شملهم وفحص سن الصبيان والأطفال منهم طبيا للتأكد منها وكشف التزوير وتقليص ميزانية دعمهم حتى لا تكون ألمانيا قبلة للاجئين، هذا إلى جانب ترحيل أكبر عدد من لاجئي سوريا والعراق إلى مواطنهم لاستتباب أمن كثير من المدن والمقاطعات هناك، والالتزام بالاتفاق المبرم في الحكومة السابقة مع الحزب الاشتراكي ألا يتجاوز تعداد اللاجئين 200 ألف سنويا. شروط مرفوضة دون حل من قبل حزب SPD إذا فقد حان الوقت للحنكة والدربة السياسية والدبلوماسية لتحقيق كل حزب لشروطه ليتم التحالف أخذا وعطاءً، وإلا فلم يبق لميركل سوى حكومة الأقلية التي لا ترغب فيها لإخضاع البرلمان في كل قرار أو انتخابات جديدة وتتكلف ما يتجاوز 100 مليون يورو.
ذكر دبلوماسي في ألمانيا في إذاعة “فونك” بأن الظروف والأجواء المحيطة بألمانيا لا تسمح بأي ضعف داخلي لاسيما وأن ألمانيا بين محك شرق أوروبا المنتفض وكذلك أمريكا التي و ترامب.
خاتمة:
يمثل عام 2015 عاما حاسما غير خارطة أوروبا انطلاقا بتدفق ملايين اللاجئين إليها وصيحات الدول الأوروبية، هذا إلى احتدام الإرهاب بتحوله من الأصولية إلى الأيدلوجية المتطرفة .
يقول أحد برلمانيي برلين بأن زيارة الآثار اليهودية كالمحرقة والأنصاب التذكارية تستوجب إدراجها ضمن إدماج اللاجئين ليقفوا عن كثب من هذه المآسي الإنسانية وينعطفوا بالتالي من عقدة الثأر والعداء لليهود بل وللمسيحية، فالذي يحدث في مصر مثلا من اعتداء وقتل جماعي للمسيحيين القبط وهدم كنائسهم لا يتوافق البتة مع الديمقراطية وحقوق الإنسان والفكر التنويري بألمانيا. وفي هذا السياق تطرقت “إذاعة انفو الالمانية” إلى الشباب الألمان وبأصول أجنبية المشاركين في تنظيم داعش بسوريا وهجرتهم إلى الموت هناك اثر غسل أدمغتهم من قبل الشيوخ السلفيين. يقول هذا التقرير بأن هؤلاء الشباب شباب عاديون غسلت أدمغتهم بمفهوم الجهاد الخاطئ ودخول الجنة وإيواء إخوان لهم هناك أي أسر جديدة. تغير هؤلاء الشباب من مراهقين إلى ملتحين متدينين ثم سياسيين اسلامويين ومن بعد إلى مجاهدين. سافروا ولم يعدوا علما بأن تعداد المشاركين في تنظيم داعش من ألمانيا لا يقل عن 800 فرد من بينهم نساء وأطفال ولاجئين، نعم لاجئون آوتهم ألمانيا بعد تشردهم وقصف الحروب فجازوها بالإرهاب مثل عمري التونسي والخلايا النائمة والناشطة.
تظل قضية اللاجئين الشغل الشاغل للسياسة الألمانية والمحك المحدد لتحالف الحزبين الكبيرين الاتحادي والاشتراكي للمرة الثانية. يقول شولتس رئيس الحزب الاشتراكي بأن التحالف الجديد سيكون جديدا في مضمونه وليس تحت شعار هكذا تباعا weiter so . هذه هي القوة الاجتماعية اليسارية في نضالها للوقوف مع الأجانب واللاجئين فيما تميل الأحزاب الأخرى CSU إلى اليمين أكثر لكسب الانتخابات البرلمانية القادمة في بايرن.
يقول أوربان رئيس المجر في زيارته لبايرن هذه المرة بأن بلاده ترفض إلزامها بشروط من الخارج وستظل رافضة لتقبل اللاجئين خوفا من المجتمعات الموازية وتهديد أمنها. بهذا الترحاب أظهر حزب CSU سياسة السلبية المنخفضة تجاه اللاجئين، يقول زيهوفر بأن أمن ألمانيا وسرعة دمج اللاجئين تحت قيادة الثقافة الألمانية الرائدة وتشغيلهم في القطاعات الشاغرة كرعاية العجزة والعمل في الحقول والمزارع ومحاولات تفعيل الاندماج هو الحل الأسرع والأنجع للتخلص من أزمتهم.
نعم أن ألمانيا تنحو في كثير من الأحيان إلى العنصرية تجاه الأجانب رغم حوجتها إليهم كأيدي عاملة رخيصة: لذا نجد أن الكثير من المشاهير والساسة يقفون بشدة ضد هذا التوجه اللاانساني المتآكل.
قام ابن “بوريس بيكر” لاعب التنس العالمي برفع قضية ضد عضو برلماني بحزب AFD لعنصريته الواضحة هذا كما سارت مظاهرة ضخمة ضد العنصرية لتأبين لاجئ مات حرقا.
نشير في آخر هذا المقال بأن مشروع ماكرون رئيس فرنسا الشاب لتحقيق الولايات المتحدة الأوروبية هو المحك الثاني المهم لحزب SPD إلى جانب قضية اللاجئين والمفتاح لتشكيل تحالف مع الحزب الاتحادي بقيادة ميركل: ومن المعلوم بأن الحزب الاتحادي لاسيما CSU يرفض تعميم ديون الرابطة لتتولى ألمانيا مثلا كإحدى 27 دولة تسديد جزء من هذه الديون: كما يرفض أن يكون وزير المالية الأوروبي غير ألماني للمساهمة الألمانية المالية الأقوى والأولى، ويطالب في المقابل باستقلالية الدول الأوروبية لاسيما ألمانيا. تقول ميركل بأن ألمانيا ستدعم ماكرون بأي شكل ممكن لهزيمة العنصرية الأوروبية.
نعم أن ألمانيا في مرحلة تحدي جديد ومطالبة بالتغير السياسي لتظل زعيمة أوروبا وتهزم بالحوار الديمقراطي وردود الفعل الايجابية حزب AFD البديل الذي يشكل أكبر مقاومة برلمانية في الوقت الراهن.
فلننظر بماذا ستأتي الحكومة الجديدة بعد أطول فترة تشكيل حكم على مر تاريخ ألمانيا.