عودة ترمب وتأثيرها على انتخابات ألمانيا

احمد الجمال

شعر المحافظون (cdu, csu) في ألمانيا بالقلق من أن تُعقد عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، مسيرتهم نحو تحقيق فوز ساحق على المستشار أولاف شولتز في الانتخابات المقررة هذا الشهر، بحسب ما أوردته “بلومبرغ”.

وحتى مع تقدم مريح في استطلاعات الرأي، ينظر مستشارو فريدريش ميرز، زعيم حزب “الاتحاد الديمقراطي المسيحي” (حزب المستشارة السابقة أنجيلا ميركل)، بقلق من أن يغير تنصيب ترمب، حسابات الانتخابات من خلال تصوير شولتز بصفته “مدافعاً عن الديمقراطية”.

وقال ميرز عن حفل تنصيب ترمب: “لا أنظر إلى هذا التاريخ كما ينظر الأرنب إلى الثعبان”، مقللاً من شأن المخاوف من أن يؤدي التغيير في القيادة الأميركية إلى قلب السياسة الألمانية رأساً على عقب.

ولكن مع تهديد ترمب بإعادة تنظيم النظام العالمي، والتأثير على الاقتصاد الألماني والتهديد من روسيا، وزيادة الدعم لحزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف، يراهن معسكر شولتز على أن القلق العام من ارتفاع شعبية أليس فايدل، زعمية “البديل من أجل ألمانيا”، قد يصب في مصلحته.

وفي مؤتمر للحزب عقد في برلين، عزز شولتز صورته كمدافع عن القيم الديمقراطية ضد الخطاب الأميركي، حيث تم ترشيحه رسمياً كمرشح للحزب الديمقراطي الاجتماعي، وكثف انتقاداته لخطاب ترمب التوسعي الجديد.

وقال شولتز: “ينطبق مبدأ حرمة الحدود على كل بلد. لا توجد دولة هي الفناء الخلفي لدولة أخرى. لا ينبغي لأي دولة صغيرة أن تخشى جارتها الكبيرة. هذا هو جوهر ما نسميه القيم الغربية – قيمنا”.

شولتز..”باني الجسور”

ومثل ميرز، ينظر شولتز ومساعدوه إلى عودة ترمب إلى البيت الأبيض باعتبارها “عامل تغيير محتمل”، لافتين إلى أن لدى ترمب العديد من الطرق لإلقاء ورقة رابحة يمكن أن تغير مسار انتخابات 23 فبراير.

وفي الإطار، قالت مانويلا شويزيج، حليفة شولتز في الحزب الديمقراطي الاجتماعي: “مع أولاف شولتز، نحن ندعم مستشاراً يتميز بالخبرة والحصافة والموثوقية. الانتخابات هي اختيار بين نوعين مختلفين: شولتز باني الجسور، أو ميرز المثير للانقسام”.

صعود اليمين المتطرف

وأعرب أعضاء حزبيْ “الديمقراطي المسيحي” و”الديمقراطي الاجتماعي” على حد سواء عن استيائهم من صعود حزب “البديل من أجل ألمانيا”، وخاصة بعد أن أجرت زعيمة الحزب أليس فايدل، محادثة حظيت بتغطية إعلامية كبيرة مع الملياردير المتحالف مع ترمب، إيلون ماسك على منصته الاجتماعية “إكس”.

وقال أعضاء الحزب المقربون من ميرز إن الحدث، الذي عرض تدخل ماسك في السياسة الألمانية ودعمه لليمين المتطرف، حظي باهتمام إعلامي مفرط وأزاح رسالة الحزب الديمقراطي المسيحي.

وعقد “البديل من أجل ألمانيا” مؤتمره لتنصيب فايدل كمرشحة لمنصب المستشارة، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك للمجموعة، إذ بدأ الاجتماع متأخراً ساعتين، بعد أن قام نحو 10 آلاف متظاهر بمنع الوصول إلى مكان الحدث.

يشار إلى أن كافة الأحزاب، رفضت العمل مع حزب “البديل من أجل ألمانيا”، الذي يدعو إلى خروج ألمانيا من الاتحاد الأوروبي وترحيل المهاجرين.

نقاط قوة وضعف الأحزاب الكبرى في ألمانيا:

الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD):

نقاط القوة: يمتلك خبرة في الحكم، وقاعدة تاريخية بين الطبقة العاملة والنقابات. فضلاً عن أنه يرفع شعار العدالة الاجتماعية، ما يكسبه شعبية لدى فئات عمالية وشبابية.

نقاط الضعف: تراجُع الثقة بقدرته على إدارة الاقتصاد، تحمّل الحزب مسؤولية التباطؤ الاقتصادي الحالي، عجز في الحفاظ على صورة مستقرة بعد الانهيار الأخير للائتلاف الحاكم.

الاتحاد المسيحي (CDU/CSU):

نقاط القوة: يتصدر الاستطلاعات حالياً، ولديه تراث قيادي طويل في ألمانيا، ويحظى بتأييد ملحوظ من الشرائح المحافظة وأصحاب الأعمال.

نقاط الضعف: عدم الانسجام بين قيادات CDU وCSU بشأن موقفهم من التحالفات، خاصةً مع الخضر. الخشية من مواجهة توجهات اقتصادية قد لا تتوافق مع الوعود الانتخابية حول تقوية الصناعة وإصلاحات سوق العمل.

الخضر (Grüne):

نقاط القوة: يمتلكون دعماً لا بأس به في الطبقات المتعلمة والشبابية، برزوا كصوت مهم في قضايا البيئة والمناخ، لديهم خبرة في حكومات ائتلافية على مستوى الولايات.

نقاط الضعف: يعتبرهم كثيرون سبباً لارتفاع أسعار الطاقة، ويواجهون انتقادات حادة من أوساط الأعمال والصناعات الثقيلة. يفتقرون في بعض الأحيان إلى رؤية اقتصادية متكاملة.

الحزب الديمقراطي الحر (FDP):

نقاط القوة: يُمثل الصوت الليبرالي الذي ينادي بتقليل الضرائب على الشركات وتحرير السوق، ويحظى تاريخياً بدعم قطاعات اقتصادية مهمة.

نقاط الضعف: الانسحاب المفاجئ من الائتلاف الحاكم الأخير أضعف صورته كشريك موثوق، وهناك احتمال فشله في تجاوز نسبة 5%، وصعوبة إقناع الناخبين بأولوياته في ظل الأوضاع الاقتصادية المتوترة.

“تحالف سارة فاجنكيشت”:

نقاط القوة: جديد على المشهد ما يجعل لديه القدرة على مفاجأة المراقبين، ويستخدم خطاباً يستميل بعض اليسار الساخط وبعض اليمين المحافظ في آن واحد.

نقاط الضعف: يُنظر إليه بعين الريبة من قِبل أحزاب الوسط. غموض برنامجه في ملفات حساسة، وأيضاً صعوبة ترجمة الشعبية المحدودة إلى نفوذ برلماني فعلي.

حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD):

نقاط القوة: صعود في استطلاعات الرأي، إذ يعكس تذمّر شرائح واسعة من السياسات التقليدية، ويحمل خطاباً شعبوياً قوياً بشأن الهجرة والسيادة الألمانية.

نقاط الضعف: رفض الأحزاب الأخرى التحالف معه. له سجّل من التصريحات المتطرفة، وهناك مخاوف لدى شريحة واسعة من الناخبين من مواقفه العنصرية أو المعادية للاتحاد الأوروبي.