أرمين لاشيت،الذي قد يصبح مستشاراً

منير الزغبي

أصبح أرمين لاشيت، الزعيم الجديد لـ”حزب الاتحاد الديمقراطي-المسيحي” في ألمانيا، وهو أحد أبرز الأسماء المطروحه لخلافة أنغيلا ميركل التي قادت ألمانيا 16 عاماً.

ولنعرف توجهات الرجل السياسية والاقتصادية يجب أن نعرف كيف يفكر الزعيم الجديد لأكبر الاحزاب الألمانية.

السياسة الأوروبية

أمضى لاشيت، البالغ من العمر 59 عاماً، ست سنوات في بروكسل من عام 1999 حتى عام 2005 ، حيث شغل منصب عضو في البرلمان الأوروبي عن حزب “الشعب الأوروبي”. خلال ذلك الوقت، ركّز لاشيت بشكل أساسي على معالجة قضايا السياسة الخارجية الأوروبية والعلاقات الدولية ومسائل الميزانية.

ولما عاد إلى ألمانيا، انتقد أحياناً حكومة ميركل واصفا إياها بالحكومة التي ” يعوزها الطموح الكافي” في ما يتعلق بالدفاع عن أوروبا.

وفي هذا الصدد، قال في مؤتمر ميونيخ للأمن العام الماضي: “يقدّم اليوم الرئيس الفرنسي، إيمانويل مارون مقترحات، لكننا نأخذ وقتاً طويلاً للرد عليها”. ومع ذلك، يُنظر إلى خطه السياسي كخط يتماشى مع خط ميركل بشأن الاتحاد الأوروبي.

الشؤون الخارجية

يعتبر بعض المنتقدين أن الزعيم الجديد لحزب الاتحاد الديمقراطي-المسيحي غير حازم تجاه روسيا وفلاديمير بوتين، إذ قال في عام 2019: “بالنظر إلى أن الحوار بين الشرق والغرب كان ممكناً حتى عندما كان الاتحاد السوفيتي السابق موجوداً. علينا أن نكون قادرين على فعل الشيء نفسه اليوم”.

ويعتقد لاشيت أن ألمانيا، ووراءها التكتل الأوروبي “بحاجة إلى روسيا في العديد من القضايا في العالم”.

ويرى بعض منتقدي لاشيت أن موقفه تجاه الصين “ناعم” وهو الذي كانت تعتبر حماية صناعات التصدير الألمانية بالنسبة إليه واحدة من أكبر انشغالاته.

ويعتبر لانشيت أن ألمانيا “ليست اللاعب الجيوسياسي ذا التوجهات السلبية” والذي تشتكي منها الولايات المتحدة والدول الأخرى في كثير من الأحيان”، ويعلل أن برلين تشارك في بناء الاستقرار عالمياً.

وبما يتعلق بالصداقة بين ألمانيا والولايات المتحدة، والتي عانت بشدة خلال إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، كان لاشيت أقل حدة في لهجته مقارنة ببعض السياسيين الألمان الآخرين.

ويرى لاشيت أن واشنطن أكبر شريك لبرلين خارج الاتحاد الأوروبي.

وواجه لاشيت انتقادات بسبب تغريدة نشرها في 2014، أثار فيها مشكلة مع وزير الخارجية الأمريكي السابق حينها، جون كيري حول سوريا إذ اتهم واشنطن بـ”دعم داعش والنصرة ضد الرئيس الأسد في سوريا” وأضاف ” وقال أن قطر والسعودية تمولان المجموعتين”.

السياسة الداخلية

يشكل الأمن أيضاً قسماً بارزا مما أكده لاشيت في أجندته السياسية الداخلية السابقة. كزعيم لمنطقة رينانيا شمال وستفاليا، الأكبر من حيث عدد السكان في البلاد والتي تأثرت بشكل كبير بالجريمة المنظمة، وكان عليه أن يتعامل مع المخاوف الأمنية لبعض الوقت.

أما بالنسبة للتطرف والإرهاب، فقد تبنى لاشيت شعار “عدم التسامح” ، مشيراً إلى أن بدايته كحاكم تزامنت مع تداعيات الهجوم الإرهابي الذي حدث في 19 كانون الأول/ديسمبر 2016، حيث دهست شاحنة حشداً من الناس في سوق عيد الميلاد في برلين، مما أسفر عن مقتل اثني عشر شخصاً على الأقل وإصابة خمسين آخرين.

و كشف الهجوم عن أوجه قصور كبيرة في الأجهزة الأمنية. وقال لاشيت في وقت سابق: “عندما بدأ وزير داخليتنا العمل، قام أولاً بصياغة تقرير عن الوضع حتى نتمكن من معرفة من تسبب في المشاكل وتحديد السبل الكفيلة للتعامل معها”.

السياسة الاقتصادية

وضع لاشيت نصب عينيه مسألة الاقتصاد، لكنه أشار إلى جدوى تفضيل توخي الحذر المالي على الإنفاق العام المرتفع.

في وقت سابق من هذا الشهر، قال لصحيفة “فرانكفورر ألجماين ” إنه بينما يتفق مع آراء حزب الخضر في منطقة مسقط رأسه، إلا أنه يحكم “عن اقتناع” مع “الديمقراطيين الأحرار المؤيدين للأعمال التجارية”، وهو حزب معروف بمطالبته بخفض الضرائب وتخفيف القيود المالية.

تغير المناخ

سعى لاشيت أيضاً إلى تحقيق توازن في مجال الاهتمام بالبيئة. وشدد على ضرورة اتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ.

خلال نقاش مع منافسيه على منصب زعامة حزب الاتحاد الديمقراطي-المسيحي في وقت سابق من هذا الشهر، قال ” إن سياسات المناخ لا ينبغي أن تخنق الاقتصاد” مضيفا “تم إغلاق أول مصانع الفحم البني قبل أيام قليلة، وهذا أمر محفز للغاية حيث إنه اعتبارا من العام المقبل، سيتم إغلاق محطات الطاقة النووية بالبلاد بحلول عام 2022” على حد قوله.

كما أضاف “أن هناك حاجة إلى كهرباء ميسورة التكلفة للحفاظ على الصناعات الفولاذية والكيماوية في البلاد”.

المستشار القادم !!

بعد فوزه في انتخابات الحزب الديمقراطي المسيحي، بات لزاما على لاشيت أن يدخل في مفاوضات شاقة مع ماركوس زودر، رئيس وزراء إقليم بافاريا (بايرن) والحزب الاجتماعي المسيحي csu لتحديد مرشح الاتحاد المسيحي لمنصب المستشار.

ووفق مجلة دير شبيجل الألمانية ، فإن الاتحاد المسيحي سيعلن على الأرجح اسم مرشحه لمنصب المستشار بعد انتخابات ولايتي بادن فورتمبيرغ وراينلاند بالاتينات، في منتصف مارس/أذار المقبل.

ونظريا، هناك 3 مرشحين لمنصب المستشار داخل الاتحاد المسيحي، هم لاشيت، و ماركوس زودر ، ووزير الصحة الحالي يانس شبان، لكن أداء الأخير الضعيف في انتخابات نائب رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي، هز صورته كثيرا، وأضعف حظوظه بشكل كبير.

يمكن لرئيس ورئيس وزراء ولاية بافاريا ماركوس زودر البناء على استطلاعات الرأي القوية المتزايدة على المستوى الفيدرالي وذكائه في العلاقات العامة لإجراء السباق على منصب المستشارية. في الآونة الأخيرة ، تقرب من ميركل وحذر حتى مرشحي حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي من الخروج عن استراتيجيتها الوسطية ، وهو أمر غير معتاد يأتي من الاتحاد الاجتماعي المسيحي الأكثر تحفظًا تقليديًا.

ومع أن  استطلاعات الرأي تضع رئيس حكومة بافاريا في وضعية ممتازة، بل تضعه في المرتبة الثانية بعد ميركل بين السياسيين الأكثر شعبية، فيما يؤدي رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي الجديد بشكل سيء في هذه الاستطلاعات.لكن الأمر ليس بهذه البساطة، لأن فوز لاشيت برئاسة الحزب الديمقراطي المسيحي، سيحدث صدى كبير في نتائج استطلاعات الرأي في الفترة المقبلة، ويضاعف أرقام شعبيته، وفق دير شبيجل، ما يمكن أن يضعه على أرضية متساوية مع ماركوس زودر وقت المفاوضات.

وهل يمكن أن يكون المستشار من الحزب الاجتماعي المسيحي csu هذه المرة؟

.