ضعف المناعة وأسبابه المتعددة

عادل عثمان

لا تقتصر أسباب ضعف المناعة على الإصابة بالأمراض والمشكلات الصحية، وإنما يمكن أن يحدث ذلك أيضًا نتيجة اتباع عادات يومية سيئة وغير صحية. وتكمن أهمية تحديد سبب ضعف المناعة باعتباره الخطوة الأولى لتحديد الحل والعلاج المناسب لاستعادة المستويات الطبيعية لمناعة الجسم.

أسباب ضعف المناعة

إن المهمة الأساسية لجهاز المناعة هي حماية الجسم من مختلف أنواع الأمراض الناجمة عن العدوى الفيروسية، والبكتيرية، وغيرها من الكائنات الحية الدقيقة الأخرى التي تسبب المرض.

لكن يمكن أن تؤدي بعض العوامل والأسباب إلى ضعف جهاز المناعة وعدم قدرته على مكافحة الأمراض، الأمر الذي يجعل الفرد أكثر عرضة للإصابة بالعديد من الأمراض والمشكلات الصحية. ولهذا، من المهم معرفة أسباب ضعف مناعة الجسم، فذلك يساعد كثيرًا في تجنب هذه المشكلة.

وفيما يلي نذكر هذه الأسباب بالتفصيل:

ـ الأمراض والمشكلات الصحية

إن أول ما يتم التفكير به عند تحديد سبب نقص المناعة لدى أي فرد هو احتمالية إصابته بالأمراض والمشكلات الصحية التي تؤثر على جهاز المناعة نفسه أو الخلايا المناعية. ولعل أهم هذه الأمراض ما يلي:

ـ أمراض المناعة الذاتية

في أغلب الأحيان، يمكن أن يكون سبب ضعف جهاز المناعة هو الإصابة بأحد أمراض المناعة الذاتية، حيث يقوم جهاز المناعة بمهاجمة خلاياه المسؤولة عن الدفاع عن الجسم. ويحدث ذلك عندما ينتج جهاز المناعة عن طريق الخطأ أجسامًا مضادة لا يمكنها التمييز بين خلايا الجسم والأجسام الغريبة، وبالتالي ستهاجم خلايا الجسم عن طريق الخطأ.

ومن أمراض المناعة الذاتية التي يمكن أن تكون سببًا من أسباب ضعف المناعة ما يلي:

الذئبة الحمامية الجهازية، التهاب المفاصل الروماتويدي، السكري من النوع الأول.

ـ فيروس نقص المناعة البشرية ومرض الإيدز

تتسبب أنواع عديدة من العدوى الفيروسية والبكتيرية بتثبيط الاستجابة المناعية، ويُعد فيروس نقص المناعة البشرية أشهر هذه الأنواع، والذي يمكن أن يتطور إلى متلازمة نقص المناعة المكتسب، أو ما تعرف بمرض الإيدز.

يقوم فيروس نقص المناعة البشرية بمهاجمة وتدمير الخلايا التائية المساعدة، أو ما تعرف أيضًا بخلايا CD4، وهي نوع من الخلايا المناعية التي تعد عنصرًا مهمًا في الاستجابة المناعية ضد مسببات الأمراض، الأمر الذي يؤدي إلى تثبيط جهاز المناعة ويجعل الفرد أكثر عرضة للإصابة بالأنواع الأخرى من العدوى.

ـ مرض السرطان

يؤثر مرض السرطان على العديد من وظائف أعضاء وأجهزة الجسم، ولعل أشهر أنواع مرض السرطان تسببًا بضعف المناعة هي:

سرطان الغدد الليمفاوية، سرطان الدم، الورم النقوي المتعدد.

بالإضافة إلى تأثير هذه السرطانات بشكل مباشرة على أنواع متعددة من الخلايا المناعية، يمكن أيضًا أن تتسبب بتثبيط جهاز المناعة بسبب تأثيرها على الطحال، وهو عضو مهم يشارك في الاستجابة المناعية.

فمثلًا يؤدي كل من سرطان الغدد الليمفاوية وسرطان الدم إلى تراكم خلايا الدم الحمراء والصفائح الدموية في الطحال، الأمر الذي يمكن أن يجعل الطحال ينتفخ ويعمل بشكل أقل كفاءة.

ـ مرض السكري

يعتبر مرضى السكري من الفئات الأكثر عرضة للإصابة بضعف المناعة، ويمكن أن يعود السبب في ذلك لدور هرمون الأنسولين المحتمل في تحفيز الاستجابة المناعية للخلايا التائية، حيث يمكن أن يقوم هذا الهرمون بتعزيز نشاط الخلايا التائية، مما يسمح لها بالتكاثر بسرعة وإرسال المزيد من الإشارات، وتنشيط بقية جهاز المناعة حسب الضرورة.

لكن لا تزال هناك حاجة لإجراء المزيد من الدراسات حول علاقة مرض السكري وهرمون الأنسولين بضعف أداء جهاز المناعة.

ـ أمراض أخرى

يمكن أن تتضمن الأسباب المرضية لضعف المناعة أيضًا ما يلي:

نقص المناعة الأولية، الالتهاب الرئوي، أمراض الكبد، أمراض الكلى وفقر الدم المنجلي.

ـ عادات يومية سيئة

لا تقتصر أسباب ضعف المناعة على الإصابة بالأمراض المذكورة سابقًا، وإنما يمكن أن تساهم بعض العادات اليومية بتثبيط جهاز المناعة وجعل الفرد أكثر عرضة للأمراض. وتتضمن هذه العادات اليومية ما يلي:

ـ التدخين: يعتبر التدخين من أهم أسباب ضعف المناعة المتعلقة بنمط الحياة المتبع، حيث أن النيكوتين المتواجد في السجائر ومنتجات التبغ الأخرى يمكن أن يضعف من قدرة الجسم على محاربة العدوى.

كما أن للسجائر الإلكترونية دورًا في إصابة الفرد بضعف المناعة، ولا يقتصر الأمر على احتوائها على النيكوتين فقط، وإنما يمكن أن تتسبب المواد الكيميائية الأخرى الموجودة في سوائل السجائر الإلكترونية بتثبيط الاستجابة المناعية لدى الفرد.

ـ الإفراط في شرب الكحول: إن للكحول تأثير سلبي مباشر على جهاز المناعة، ويمكن أن يؤدي الإفراط في شربه إلى إضعاف الجسم وجعله غير قادرًا على مكافحة العدوى والأمراض. فبمجرد قيام الفرد بشرب كميات كبيرة من الكحول سيؤدي ذلك إلى إبطاء قدرة جسمه على محاربة الجراثيم لمدة تصل إلى 24 ساعة.

أيضًا، مع مرور الوقت، يؤدي شرب الكثير من الكحول إلى إضعاف قدرة الجسم على إصلاح نفسه، الأمر الذي يزيد من خطر إصابة الفرد بالعديد من الأمراض التي لها دور في ضعف مناعة الجسم، مثل: أمراض الكبد، والالتهاب الرئوي، والسل، وبعض أنواع السرطان.

ـ عدم ممارسة الرياضة: يمكن أن يساعد ممارسة التمارين الرياضية بانتظام على تعزيز مقاومة الجسم للأمراض التي تسببها الفيروسات والبكتيريا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن مساهمة الرياضة في تحسين تدفق الدم عبر أنحاء الجسم، مما يساهم في وصول المواد والخلايا المقاومة للميكروبات إلى المكان الذي تحتاج إليه.

بالتالي، يمكن أن تتضمن أسباب ضعف المناعة أيضًا اتباع نظام حياة خامل وعدم ممارسة التمارين الرياضية.

ـ عدم النوم لساعات كافية: يؤدي عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم إلى جعل الفرد أكثر عرضة للإصابة بالعدوى، فضلًا عن استغراقه لوقت أطول للتحسن بعد إصابته بالعدوى، ويعود السبب في ذلك إلى أنه في حال عدم النوم يصبح الجسم غير قادر على إنتاج عدد كبير الأجسام المضادة التي تساعد في الدفاع عن الجسم ضد المرض.

ـ اتباع نظام غذائي غير صحي: يمكن أن يتسبب تناول الأطعمة غير الصحية والمعالجة، مثل: الشيبس، والبسكويت، والحبوب المكررة، واللحوم المعالجة، والامتناع عن تناول الأغذية الصحية بجعل الفرد أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.

ـ القلق والتوتر

من أسباب ضعف المناعة أيضًا تعرض الفرد لمستويات عالية من القلق والتوتر، حيث أن ذلك يؤدي إلى زيادة الالتهاب داخل الجسم الأمر الذي يؤثر سلبًا على جهاز المناعة.

وحول مدى تأثير التوتر والقلق على مناعة الجسم، فمن الممكن أن يتسبب كل منهما بإضعاف الاستجابة المناعية في أقل من 30 دقيقة، كما يمكن أن يؤدي التوتر المستمر إلى خسائر أكبر ويجعل من الصعب على الجسم مقاومة الإنفلونزا، والهربس، وغيرها من أنواع العدوى الفيروسية المشهورة.

ـ التقدم في السن: يزداد خطر الإصابة بضعف المناعة مع التقدم بالسن، الأمر الذي يحدث نتيجة لعدة أسباب محتملة، منها:

إنتاج الجسم لعدد أقل من الخلايا التائية، وهذا ما يمكن أن يقلل من استجابة الفرد للقاحات مع تقدمه بالسن.

انخفاض التواصل ما بين الخلايا المناعية، الأمر الذي يؤدي إلى بطء حدوث الاستجابة المناعية لدى الفرد.

ـ الحمل: يعتبر الحمل أحد أشهر أسباب ضعف المناعة عند النساء، وهذا ما يتسبب بجعل الحامل أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المعدية. ويمكن أن يعود السبب في ذلك إلى ما يلي:

ـ تغيرات تحدث في جهاز المناعة

ـ التغيرات الهرمونية

التغيرات في كمية السوائل في الرئتين

تتعدد أسباب ضعف المناعة، فمن الممكن أن تحدث نتيجة الإصابة ببعض الأمراض والمشكلات الصحية أو استخدام بعض أنواع الأدوية. وما لا يتوقعه الجميع هو إمكانية تأثير نظام الحياة والعادات اليومية على قوة وصحة جهاز المناعة. ولهذا لا بد من الالتزام بنظام حياة صحي من أجل تعزيز مناعة الجسم،