ذوي الاحتياجات الخاصة في ألمانيا

الخدمات المُقدّمة والإجراءات القانونيّة الخاصّة

موسى الزعيم

عَرَّفَت الأمم المُتّحدة ذوي الاحتياجات الخاصّة، بأنّهم الأشخاص الذين يُعانون حالةً دائمةً من الاعتلال الفيزيائيّ أو العقليّ، ممّا يَمنعهم من المُشاركة الكاملة والفعّالة في المُجتمع، بالشّكل الذي يجعلهم متساوين مع الآخرين، كما ذكرت مُنظّمة الصحّة العالميّة أنّ الإعاقة هي مُصطلحٌ جامعٌ، يضمّ تحت مِظلّته الأشكال المُختلفة من مَحدوديّة النّشاط، والقيود التي تَحدّ من المُشاركة الفاعِلة في أنشطة المجتمع.

وتعرّف الإعاقة أيضاً بأنّها حالة تَحدّ من قدرة الفرد على القيام بوظيفةٍ واحدةٍ أو أكثر من الوظائف الأساسية في الحياة اليومية، كالعناية بالذات،أو ممارسة العلاقة الاجتماعية والنشاطات الاقتصاديّة ضمن الحدود الطبيعيّة للفرد. أوهي عدم تمكّن المرء من الحصول على الاكتفاء الذاتي، وجعله في حاجةٍ مستمرةٍ إلى معونة الآخرين، وإلى تربيةٍ خاصةٍ تساعده على التغلّب على إعاقته.

ويمكن تقسيم الإعاقة إلى أربعة أنواع:

الإعاقة الجسميّة: وهي الإعاقة التي يفقد فيها الفرد جزءاً من أعضاء جسمه، أو يّصاب بشللٍ يُعيقه عن الحركة، وتكثر مثل هذه الحالات في أوقات الحروب والكوارث الطبيعيّة وغيرها.

 الإعاقة الحسيّة: و تعني فقدان إحدى الحواس، أو الإصابة بنقص وظائف إحداها، مثل فقدان البصر أو السّمع أو غيرها.

الإعاقة الذّهنيّة: و هي الإعاقة التي تحدث نتيجة فقدان أو قصور في القدرات العقليّة.

الإعاقة النّفسيّة: و تحدث نتيجة الاضطرابات النفسية كالانطواء و الرّهاب والاكتئاب وغيرها.

الاضطرابات اللّغوية: مثل صعوبة النطق، اضطراب الكلام.

ومن الممكن أن يُعاني الشّخص من أكثر من إعاقة في وقتٍ واحدٍ.

أمّا عوامل الإصابة بالإعاقة : فلها عاملان أساسيان

أولاً: عوامل وراثيّة: هي العوامل التي ترتبط بالجينات، و تبين من خلال الدّراسات أن العوامل الوراثيّة هي السّبب الرئيس وراء ارتفاع نسبة الإعاقة وخاصةً في الوطن العربي.

ثانيا:ًعوامل وراثيّة ثقافية: يندرج تحتها عدّة عوامل منها:

– ما قبل الولادة: ترتبط بعدّة عوامل منها زواج الأقارب، و الزّواج المُبكّر، والإصابة بالأمراض من بينها ( اختناق الطفل بسبب نقص الأكسجين و فقر الدّم و التعّرض للأشعة والأخطاء الطبيّة.. )

– أثناء الولادة  كعسر الولادة أو الولادة المبكّرة.

 بلغت نسبة ذوي الاحتياجات الخاصة في العالم تقريباً 15% منهم  8% في الوطن العربي .

وقد حرص المجتمع الدّولي، والمنظمات العالميّة، ومنظمات حقوق الإنسان، في الربع الأخير من القرن الماضي على أن يأخذ المَعوق نصيبه من الرّعاية والاهتمام في الحقوق والواجبات، فأصدرت الأمم المتحدة – إعلان حقوق المُعاقين عقلياً- عام 1971، وإعلان حقوق المْعوّقين عام 1975م كما أنّها أعلنت العام الدولي للمُعاقين عام 1981م.

ذوو الاحتياجات الخاصّة في ألمانيا: في القانون الاجتماعي الألماني XII  (Sozialgesetzbuch)SGB   في المادة §§53 و54 تعرّف الإعاقة بأنّها حالة مؤقتة أو دائمة، تؤدي إلى تناقص القدرات الجسديّة أو اضطراب الحالة النفسيّة للمصابين بقصور ذهني.

والقانون الاجتماعي الألماني يميّز بين الإعاقة البسيطة Behinderung و الإعاقة الشديدة Schwerbehinderung فمن خلال الفحوصات الطبيّة الخاصة فإن ذوي الاحتياجات الخاصة لهم الحقّ القانوني في أن يحصلوا على المساعدة الاجتماعية  ضمن هذا الحقّ، أي من خلال هذا القانون مع التقارير الطبيّة يحصل المَعوق على حقوقه وفي حال كان هناك تقصير من قبل الدوائر المختصّة في تقدير حالته الصحيّة ودرجة إعاقته يستطيع الاعتراض ضمن هذا القانون الذي يكفل له حقّه.

فمن حقّ ذوي الاحتياجات الخاصة في ألمانيا الحصول على بطاقة إعاقة (هويّة) فيها الكثير من الميزات ومن خلالها يستطيع المَعوق الحصول على المساعدة المطلوبة.

كيفية الحصول على بطاقة الإعاقة: الحصول على بطاقة الإعاقة يتم من خلال تقديم طلب إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، التي تنظر بالتقارير الطبية المرفقة، وتحدّد من خلال أطباء مختصيّن درجة إعاقة الشخص “وهناك عدد من المراكز والجمعيات التي تساعد في تعبئة الاستمارة المطلوبة للحصول على بطاقة الإعاقة”.

درجات الإعاقة  “التصنيف والحروف” درجات الإعاقة في البطاقة الممنوحة لذوي الاحتياجات الخاصة من 10 حتى 100  يُصنف أصحاب درجات الإعاقة من 10 حتى 50 إعاقة بسيطة “الاستفادة من هذه البطاقة تكون محدودةً” أمّا من 50 حتى 100  درجة يُعتبرون من الإعاقات الشديدة أو الخطرة، وتسجّل في البطاقة درجة إعاقة حاملها، وعادة ما يُضاف إليها حروف (حرف أو حرفين) تبعاً لشدّة حالة حاملها، تمنح البطاقة صاحبها فرصة الاستفادة من الخدمات الخاصّة الممنوحة قانونياً لذوي الاحتياجات الخاصة، حسب نوع ودرجة الإعاقة.

ويمكن أن تزيد درجة الإعاقة المدونة في البطاقة تبعاً لحالة المعوق، ففي حال طرأت تطورات صحية لدى حامل البطاقة سلباً يقوم بإرسال تقارير طبيّة جديدة إلى الدائرة المختصة التي تمنح البطاقة، وبناء عليها يمكن زيادة درجة الإعاقة، من جهةٍ أخرى في حال تحسّنت الحالة الصحيّة للفرد يمكن أن تنخفض درجة الإعاقة، كما يمكن الاعتراض على درجة الإعاقة خلال أربعةِ أسابيع من تاريخ صدور البطاقة.

دلالة الحروف في بطاقة الإعاقة:

الرمز G: يعني أنّ إمكانية حركة حامل البطاقة محدودة بشكلٍ كبيرٍ.

الرمز aG: يعني أنّ الإعاقة الحركية لحامل البطاقة “استثنائية”.

الرمز gL: يعني أنّ حامل البطاقة أصمّ.

الرمز H: يعني أنّ حامل البطاقة غير قادر على مساعدة نفسه.

الرمز bL: يعني أنّ الشخص كفيف.

الرمز B: يعني أنّ من حقّ حامل البطاقة أن يكون معه شخص مرافق.

الرمز rF: يعني أنّ حامل البطاقة مؤهل أن يتم إعفاؤه من ضرائب الإذاعة والتلفزيون ويحصل على تخفيضات لدى شركة الهاتف.

الرمز T:  يحقّ له طلب شركة النقل الخاصة بمساعدة ذوي الحاجات الخاصة.

أحياناً يتساءل بعض ذوي الاحتياجات الخاصّة ” إعاقتي تشبه إعاقة فلان، لكن الدّرجة في بطاقته تختلف عن بطاقتي”.

 لذلك يجب الانتباه هنا إلى أنّ كلّ حالة خاصّة بذاتها، ولا تشبه حالة أخرى، وأنّ خصائص إعاقة شخص ما لا تنطبقُ على إعاقة شخص أخرَ، أو أنّ التقارير الطبيّة المُقدمة تختلف أحياناً في توصيف كلِّ حالةٍ.

بعض ميزات بطاقة الإعاقة:

التخفيضات المتعلّقة برسوم بعض الأماكن العامّة أو الخاصّة مثل المسارح، الحدائق، المتاحف، السينما..إلخ، وفي بعض الأحيان  تكون تلك التذاكر مجانيّة تماماً.

هناك ميزات خاصّة بالنسبة لطلاب الجامعات ذوي الاحتياجات الخاصة من حيث رسوم التّسجيل وعلامات القبول الجامعي وغيرها.

يُنصح بإظهار بطاقة الإعاقة عند دخول أي مكان والسؤال عن وجود التخفيض أو الإعفاء.

النّقل الخاصّ:هناك مؤسسة تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية تدعىSonderfahrdienst  تقوم بنقل ذوي الاحتياجات الخاصة إذا كان لديهم موعد ترفيهي( مسرح، سينما، زيارة أقارب، حفلة ..) لكن يجب تحديد الموعد بشكل مسبق مقابل 1,30 €.

وفي حال شراء سيّارة فإن ذوي الاحتياجات الخاصة يُعفَون من الرّسوم والضرائب.

وكذلك الإعفاء من ثمن بطاقة المواصلات للمَعوق ومرافقه، شرط امتلاك وثيقة إضافية تدعى بـ Wertmarke .

السكن: يحصل ذوو الاحتياجات الخاصّة على ميزات إضافيّة في السّكن منها زيادة سعر الإيجار الإضافي الذي تدفعه الدولة أو البيوت الملائمة لسكنهم، وخاصة أصحاب الكراسي المتحركة الذين يحصلون على مساحة أوسع، وتجهيزات سكن خاصة ( حمام ..مصعد .. )  بالإضافة  إلى السكن الجماعي الخاص بذوي الاحتياجات الخاصة ( هايم أو WG )

 العمل: عادةً ما يحصل ذوو الاحتياجات الخاصة غلى فرص عملٍ متساويةٍ مع غيرهم ( للقادرين على العمل ) ففي حال حصول صاحب الإعاقة على مكان عمل، فإنّ الدولة ملزمة بدفع تكاليف تجهيز بيئة العمل ( مكتب، حمام ..مدخل لأصحاب الكراسي المتحركة… ) وكذلك يدفعون نسبة ضرائب أقلّ من غيرهم، تصل أحياناً إلى حدّ الإعفاء، بالإضافة إلى إمكانية الحصول على قرض من أجل شراء سيارة خاصة، بالإضافة إلى ورشات العمل الخاصة بهم حسب درجة الإعاقة، فيكفي أن يعمل المَعوق في إحدى ورشات ( Werkstadt ) ليحصل على راتب تقاعدي جيد.

الرعاية الصحيّة المنزليّة: تقول السيدة روبيا أبو هاشم التي تعمل لدى Lebenshilfe في مجال مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة وتقديم المشورة وخاصةً لأصحاب الكراسي المتحركة.

 يحصل ذوو الحاجات الخاصة على رعاية منزليّة صحيّة حسب وضعهم ودرجة إعاقتهم والتقارير الطبية الممنوحة لهم. لكن هذه الرعاية تشمل الرعاية الجسدية ضمن المنزل فقط ، من نظافة شخصيّة، ومنزليّة، وتأمين الحاجيات المطلوبة، والاهتمام بالوضع الصحي.

وللحصول على الرعاية الصحيّة والمنزليّة يجب أن يكون المعوق لديه تامين صحي لأكثر من عامين، يقوم بتقديم طلب إلى شركة التامين الصحي التابع له. يستطيع تقديم الطلب بمفرده، أو عن طريق إحدى الجمعيات أو بعض مراكز المساعدة. وفي كلّ منطقة من برلين يوجد مركز رعاية Pflegedienst.

أمّا لمن لديه أقل من سنتين تأمين صحي، يمكن تقديم الطلب للحصول على رعاية صحيّة عن طريق البلدية Rathaus.

التامين الصحي يقوم بإرسال خبير إلى منزل صاحب الطلب و يقوم بتقدير درجة حاجة المَعوق للرعاية الصحيّة، وتقدر الدرجات حسب شدّة الحالة والدرجات تكون (1 حتى5) على أن يقوم شخصٌ قريب من المَعوق برعايته صحياً وعادةً ما يكون زوج أو زوجة أو أحد أفراد الأسرة أو مؤسسة، كما يحصل الشخص المَعوق على ميزات إضافية أخرى في هذا الشأن.

الرعاية النفسيّة الاجتماعيّة: يقول السيد فيصل باكير الخبير في جمعية  MiGes التي تقدم خدمات المرافقة ودمج ذوي الاحتياجات الخاصّة حسب لغتهم الأم. 

يستطيع  صاحب الإعاقة الحصول على عددٍ من الساعات (المرافقة الاجتماعية) بعد تقديم طلب إلى الجهة التابع لها مرفقاً بتقارير طبيّة حديثة، وتقوم لجنة بتحديد عدد ساعات المرافقة ضمن أهداف تحدد بالمشاركة معه، والهدف منها تسهيل اندماجه في المجتمع، والخروج من عزلته، من خلال التواصل مع الآخرين والتشارك في حلّ مشكلاته، تختلف ساعات المرافقة والمساعدة من شخصٍ لآخر تبعاً لحالته الصحية ودرجة إعاقته وعادة ما ينظر فيما اذا كان للمَعوق أسرة أو وجود أحد يساعده في الاندماج وعادة ما يحصل الأشخاص على أربع إلى عشر ساعات مرافقة أسبوعياً .

يستطيع ذوي الاحتياجات الحصول على مساعدة اجتماعيّة ودعم نفسي من خلال التقدم إلى دائرة الشؤون في البلدية والمساعدات الاجتماعية والتي تقوم بدورها بتحويل الطلب إلى مديرية الصحة، حسب درجة الإعاقة، ونوعها، وتصنيفيها، وحسب القسم التابع له مثل ( أمراض ذهنية، عقلية، إعاقة جسدية، حركية، أو إعاقة نظر، سمع، ايدز، أو أمراض السرطان، أو إلى قسم الأمراض النفسيّة).

أمّا المُقيم في الهايمات يتمّ تقديم الطّلب حسب تاريخ الميلاد والمنطقة التابع لها.

هناك لجنة مؤلفة من أطباء واختصاصين اجتماعيين ونفسيين، تقوم بدراسة وضع صاحب الطلب بحضوره يتم في هذا الاجتماع تحديد عدد الساعات المخصصة لمساعدته، والأهداف التي يجب العمل عليها معه، حسب حاجته.

أمّا إجراءات التنفيذ فتكون من الجمعية التي تقوم برعايته، وغالباً ما تتركز الأهداف حول الدعم النفسي والاجتماعي والمهني والاندماج في المجتمع والمشاركة الاجتماعية والعمل على إخراجه من عزلته ، كذلك من بين الأهداف الدعم الصحي، وتعلم اللغة، والتجول في المدينة، والاطلاع، والمعرفة، والاستقرار النفسي، عادةً ما تكون هذه الأهداف تشاركيه ويمكن العمل معه حسب لغته الأم والهدف البعيد من وراء ذلك اعتماد الشخص على ذاته بعد انتهاء فترة المساعدة التي تكون عادةً لسنة واحدة يمكن تمدديها.

حول القانون الجديد الذي سيدخل حيث التنفيذ مستقبلاً فإنه تمّ اختصار المكاتب الموزعة في برلين الخاصّة بفحص ذوي الاحتياجات الخاصة إلى أربعة مراكز يستطيع المَعوق إنهاء جميع إجراءاته الإدارية في مكان واحد.

سابقاً من حق المَعوق أن يكون لديه في البنك 2600 يورو أما في القانون الجديد فقد ارتفع إل 25 ألف يورو دون خصومات.في القانون الجديد لا تساهم أسرة المعوق «اذا كان لديها دخل جيد» في دفع جزء من رسوم الرعاية الاجتماعية (سابقا يدفع الوالدين جزء من تكاليف الرعاية) ويحصل ذوي الاحتياجات الخاصة على رحلات خارجية مدفوعة التكاليف من قبل المساعدات الاجتماعية عند الحاجة.

.