زيارة الطبيب النفسي بين ثقافة العيب و واقع الحاجة

على الرغم من تقدم الثقافة حول الصحة النفسية وأهمية الحفاظ عليها، إلا أن العديدين لا يطلبون أو يسعون للحصول على علاج لها. أما نتائج ذلك، فغالبا ما تكون مدمرة، إذ أن ذلك يفضي إلى معاناة المصاب نفسيا وإصابته بالأمراض العضوية وفقدانه لوظيفته وفشل زواجه وغير ذلك. والأسوأ من ذلك، فإن عدم علاج الاضطرابات النفسية قد يؤدي إلى وفاة المصاب، سواء انتحارا أو من شدة الأعراض العضوية والسلوكيات النفسية الخطرة الناجمة عنه، والتي تتضمن الامتناع عن تناول الطعام وإيذاء النفس المتعمد.

فعلى سبيل المثال، قامت منظمة الصحة العالمية بتصنف الاكتئاب بأنه واحد من أكثر الأمراض تعطيلا للفرد عن ممارسة حياته وواجباته ونشاطاته اليومية. أما مع العلاج، فإن نحو 70% ممن يحصلون عليه يتحسنون خلال أسابيع قليلة على الأغلب.

بعض الناس يعاني في حياته اليومية من الحالات النفسية المتنوعة كالحزن و القلق و الارق واضطراب المزاج و اشياء اخرى كثيرة، وقد تكون لهذه المعاناة ارتباطات كثيرة بالنواحي الشخصية و الاجتماعية و العملية للانسان؛ لذلك فان اي اثار سلبية لاستمرار هذه المعاناة سوف تنعكس سلباً على تلك النواحي، و قد يؤدي الى خلل فيها او تعطيلها مما يزيد المشكلة و يؤدي الى زيادة المعاناة. البعض الاخر تكون معاناته اكبر مما يجعل حياتة صعبة و يبدو فيها عاجزا امام ما يعانيه.

ماذا افعل؟

هذا السؤال الذي يراود اذهان الكثيرين من هؤلاء الاشخاص بعد ان تتمكن منهم الحالة وتفشل كل وسائلهم للحل او التعايش مع هذه المعاناة.

الجواب: ربما ان ما يعاني منه هو حسد او سحر، اذا لا مانع من زيارة الشيوخ او المشعوذين او من يدعون العلاج الروحاني، لكن المفاجأة ان المشكلة تعقدت وأصبحت تسبب الضرر على جميع المستويات من معاناة يومية توسعت لتؤثر على الاسرة بالكامل وخسائر مادية و مال مهدور اضافة الى العطل الذي يجعل عمل الانسان في خطر الفقدان.

هل اذهب الى طبيب نفسي؟

الجواب المعتاد هو (لا، لأنه ليس مجنون او مريض نفسي) رغم قناعته بان ما يعاني منه هو حالة نفسية لو اهملها ستتفاقم، الا ان خوفه من ان يُطلق عليه المجتمع اسم مريض نفسي او يُتهم بالجنون يمنعه من زيارة الطبيب النفسي. البعض الاخر يعتقد انه قادر لوحده ان يتجاوز ازمته بدون الرجوع الى طبيب نفسي. و اخرين يكونون تائهين لا يعلمون الى اي تخصص طبي يذهبون للمساعدة.

ماذا سيحصل اذا لم اذهب الى الطبيب النفسي؟

لكل ما تقدم لابد لكل هؤلاء الاشخاص ان يعلموا ان الخجل و تجنب الذهاب الى الطبيب النفسي ليس له إلا ضحية واحدة وهو الشخص ذاته و اسرته بكاملها، حيث أنه إن ذهب الى الطبيب النفسي مبكرا يساهم في علاج المشكلة وهي لا تزال في حدودها الضيقة، بينما التأخر في طلب العلاج يسبب تفاقماً للمشكلة و يحتاج الى علاج بطريقة اوسع قد تتضمن الدخول الى مستشفى لتلقي العلاج، وتكون نتائجها احيانا اقل ايجابية من العلاج المبكر.

سرية المعلومات الطبية

ان التعامل في الطب النفسي يمتاز بالسرية التامة بكل ما يتعلق بالمريض من معلومات و علاج، فلا داع للقلق و التردد من زيارة الطبيب النفسي.

يتعرض كثيرون إلى أوقات عصيبة. فحتى الأحداث السعيدة، منها الزواج وإنجاب مولود جديد والدخول لعمل جديد، تجلب معها الضغوطات النفسية.

ولمعرفة ما إن كانت هذه الضغوطات النفسية قد أثرت على صحة الشخص النفسية بالفعل، فيجب عليه الانتباه للأعراض التالية التي في حالة ملاحظة أي منها لعدة أسابيع، يجب اللجوء للطبيب أو الاختصاصي النفسي:

• (النكد)، فإن كنت عادة شخصا يتصرف بأريحية وراحة مع الآخرين لكنك أصبحت فجأة شخصية نكدة وكثيرة الجدال مع الآخرين حتى على أبسط الأسباب، فهذا يدل على وجود مشكلة نفسية منها الاكتئاب والقلق. ويذكر أن هذا ليس نفس التغيير الطفيف الذي يحدث على المزاج مع تقدم العمر أو بين الحين والآخر.

• الأرق، فالعديدون يعانون من نقص في النوم، غير أنهم ﻻ يرون ضرورة للجوء إلى الطبيب. إلا أن هذا لا يعد صحيا، فأولا على الطبيب التأكد من عدم وجود سبب عضوي لذلك، فإن لم يكن هناك سبب عضوي، منه الألم، فعندها يجب العرض على طبيب أو اختصاصي نفسي.

• صعوبة الانسجام مع الآخرين، فعادة ما يكون أول أعراض الاكتئاب صعوبة البقاء مع الآخرين، إذ يصبح الشخص الاجتماعي انسحابيا ويتوقف عن التفاعل مع الآخرين. لذلك، فإن وجدت نفسك قد أصبحت انسحابيا، فعليك بزيارة طبيب أو اختصاصي نفسي.

• زيادة أو نقص تناول الطعام من دون سبب، فعلى الرغم من وجود أوقات نتناول فيها الطعام بكثرة، منها الأعياد، إلا أن استمرار هذا الوضع قد يدل على وجود مشكلة عاطفية أو ضغوطات نفسية، خصوصا إن كانت تلك الأطعمة غنية بالدهون أو السكر. فهرمون الضغط النفسي المعروف بالكورتيزول يفتح الشهية. كما وأن النقص في تناول الطعام قد يدل على وجود مشكلة نفسية، منها الاكتئاب.

• صعوبة الاسترخاء، فهذا عادة ما يحدث نتيجة للقلق. وعلى عكس ما هو الحال لدى الاكتئاب الذي قد يظهر ويختفي، فإن القلق قد يبقى مستمرا لدى الشخص. ومن الجدير بالذكر أن للقلق أعراضا جسدية، منها الصداع ومشاكل التنفس واضطرابات المعدة.

وأظهرت الدراسات العلمية أن المرأة أكثر عرضة من الرجل للإصابة بحالات الاكتئاب نتيجة لعدد من العومل البيولوجية والاجتماعية والنفسية الخاصة بالمرأة، ومن أهم هذه العوامل ما يلي:

. التكوين النفسي للمرأة: فالمرأة تتميز بالتكوين النفسي العاطفي، في حين أن الرجل يتميز في معظم الأحيان بتكوينه النفسي العقلاني، وهذا التكوين النفسي لدى المرأة يجعلها أكثر حساسية وتأثراً بضغوطات الحياة، ممّا يجعلها أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.

. خبرات التعلق والفقد: تندمج المرأة بقوة بعلاقتها مع المقربين منها مثل؛ الأم أو الأب أو الزوج أو الأبناء، مما يجعل فقدانها لهم أمراً صعباً للغاية، مما قد يعرضها للإصابة بالحزن والكآبة.

. التغيرات البيولوجية والهرمونية المتلاحقة التي يتعرض لها جسم المرأة:

يتعرض جسم المرأة للعديد من التغيرات خلال مراحل حياتها المختلفة منذ فترة البلوغ وحدوث الدورات الشهرية إلى مرحلة الزواج والحمل والولادة وانتهاء بمرحلة انقطاع الطمث، وخلال هذه المراحل المختلفة من عمر المرأة، تتعرض للعديد من التغيرات الهرمونية والنفسية لتتناسب مع وظيفتها البيولوجية كأم وزوجة وامرأة، وهذه التغيرات تهيئ المرأة لأن تكون أكثر عرضة للإصابة بأنواع الاكتئاب المختلفة.

– المسؤوليات المتعددة: تجبر ضغوطات الحياة اليومية ومتطلبات الحياة العصرية العديد من النساء على العمل خارج المنزل، هذا بالإضافة إلى الواجبات المنزلية ومسؤولية الاهتمام بأفراد الأسرة، مما يجعل المرأة تعمل بلا راحة في العديد من الأحيان، وهذا يجعلها تشعر بالإرهاق والتعب وعدم القدرة على القيام بأمور الحياة بشكل مثالي، الأمر الذي قد يقودها للإصابة بحالات من الاكتئاب.

خطوات تمكن المرأة من التغلب على ظاهرة التوتر قبل الحيض

كثيرات هن السيدات والفتيات اللواتي يعانين من حالة التوتر قبل الحيض في كل شهر، وهذا الأمر قد يؤثر على قدرتهن على ممارسة أمور حياتهن اليومية بشكل طبيعي، كما أنه قد يؤثر على أدائهن الوظيفي وقدرتهن على إنجاز الأعمال الموكولة إليهن بالشكل المطلوب، كما تشكو بعض النساء المتزوجات من أن الأعراض الجسدية والنفسية التي تحصل لهن قبل الحيض مباشرة تؤثر بشكل كبير على علاقتهن مع أزواجهن؛ حيث يصبحن عصبيات وحادات المزاج، وفي كثير من الأحيان قد لا يتفهم الزوج سبب التغيرات التي تطرأ على زوجته في هذه الفترة من الشهر.

تنصح المرأة التي تعاني من هذه الحالة بالتفكير بإيجابية والابتعاد عن الأفكار السوداء المتشائمة؛ فبالرغم من أن الدورة قد تسبب لها بعض الآلام والأعراض المزعجة، إلا أنها في الوقت ذاته دليل على خصوبتها ومقدرتها على العطاء.

كما أن المرأة ذاتها تستطيع القيام ببعض الممارسات الصحية التي من شأنها أن تساعدها على تخطي الآلام والأعراض التي تعاني منها في هذه الفترة من كل شهر، ومن أهم هذه السلوكيات ما يلي:

– ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم طوال الشهر.

– الابتعاد عن تناول وجبات الطعام الكبيرة والدسمة والاستعاضة عنها بوجبات طعام صغيرة ومتعددة، وذلك لتجنب حدوث الانتفاخ والتلبكات المعوية لديها.

– الإكثار من تناول الطعام الصحي مثل؛ الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة.

– التقليل من تناول الأطعمة المالحة والحلويات والمشروبات التي تحتوي على الكافيين وخصوصا في الفترة التي تسبق نزول الحيض.

– كذلك تنصح المرأة بالإكثار من تناول الأطعمة التي تحتوي على الكالسيوم مثل؛ مشتقات الألبان والجبن، وإذا لم يتسنّ لها ذلك، فإن عليها تناول أقراص الكالسيوم المدعمة.

– النوم لمدة 8 ساعات يوميا يساعد المرأة على تخطي حالة الإرهاق والتعب التي قد تكون تعاني منها خلال الدورة الشهرية.

كما تنصح المرأة في هذه الفترة بإيجاد طرق إيجابية للتعامل مع حالة القلق والتوتر مثل:

– الخروج مع الأصدقاء، والتحدث إليهم.

– ممارسة التمارين الرياضية.

– الكتابة وممارسة الهوايات.

– الخروج للتنزه في الهواء الطلق.

كما يمكن للمرأة التي تعاني من هذه الآلام الشهرية تناول بعض الأدوية المسكنة للآلام قبل موعد الدورة الشهرية وبعدها، وتباع هذه المسكنات في الصيدليات من دون الحاجة إلى وصفة طبية، ومنها الأيبوبروفين Ibuprofen والأسبرين والنابروكسين Naproxen، التي من الممكن أن تساعد على التخفيف من الآلام التي تسبق الدورة الشهرية مثل؛ المغص والصداع وآلام الظهر والثدي.

ويلاحظ أن النسوة اللواتي يتناولن حبوب منع الحمل يعانين بشكل أقل من حالة التوتر قبل الحيض؛ ذلك أن هذه الحبوب تمنع الإباضة، وبالتالي من الممكن أن تخفف من الحالة، ولذا يمكن استعمال هذه الحبوب للتخفيف من حالة التوتر قبل الحيض، هذا بالطبع بعد استشارة الطبيب المتخصص.

وفي النهاية، لا بد من التنويه إلى أن معظم التغيرات التي تحصل للمرأة خلال فترة ما قبل الحيض هي تغيرات طبيعية ولا تبعث على القلق، ولذا يجب على المرأة نفسها أولا وعلى المحيطين بها ثانيا تقبل هذه التغيرات والتعامل معها بإيجابية، والمفروض أن لا تعيق الدورة الشهرية المرأة عن ممارسة حياتها بشكل طبيعي، ولا بأس إن تحمل الزوج توتر زوجته في هذه الفترة من الشهر، وبالتعاون والمحبة تسير أمور الحياة الزوجية بالشكل الصحيح والسليم

.