بين ألمانيا والعرب .. حرب غزة

“الأماكن المدنية يمكن أن تفقد وضع الحماية لأن الإرهابيين يستغلونها”.
تصريح مثير للجدل من وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أثار انتقادات شديدة، خصوصًا ممن اعتبر أن الوزيرة المنتمية لحزب الخضر “تبرر قتل المدنيين في غزة”.
التصريح جاء خلال خطاب لبيربوك، التي طالما رفضت تسليح الدول الأخرى – حتى إسرائيل – عندما كانت في المعارضة، ألقته أمام البوندستاغ بمناسبة مرور عام على هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. لكن الجدل حول تصريحها لم يبدأ إلا بعد نحو أسبوع عقب أن تناولته وسائل إعلام عربية.
وقالت وزارة الخارجية: أن بيربوك “أشارت باستمرار إلى أهمية القانون الإنساني الدولي، سواء في سياق ممارسة حق إسرائيل في الدفاع عن النفس أو فيما يتعلق بصادرات الأسلحة. وأشارت أيضًا إلى أننا، كأصدقاء حميمين لإسرائيل، نتعامل دائمًا بوضوح وصراحة مع أمن جميع الأشخاص في المنطقة، في غزة، في الضفة الغربية ولبنان”.
كلمات بيربوك جعلت سهام الانتقادات تتوجه إليها من أطراف مختلفة، منها المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، فرانشيسكا ألبانيزي، التي كتبت على منصة “إكس”: “بصفتي خبيرة مستقلة في الأمم المتحدة، أشعر بقلق عميق إزاء الموقف الذي تتخذه ألمانيا تجاه إسرائيل وفلسطين، وتداعياته وعواقبه الخطيرة.
يجب دعوة الوزيرة بيربوك لتقديم الأدلة على ما تدعيه، ثم شرح كيف يبرر “فقدان الأهداف المدنية لوضعها المحمي” والمجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزة وأماكن أخرى. هل قررت ألمانيا الوقوف إلى جانب دولة ترتكب جرائم دولية، فهذا خيار سياسي، ولكن له أيضًا تداعيات قانونية”.
من جهة أخرى يرى الكاتب الألماني دانيال باكس في مقال لموقع قنطرة أن ألمانيا “عزلت نفسها في جميع أنحاء العالم بموقفها تجاه إسرائيل”، منتقدًا سياسة الائتلاف الحاكم.
وبحسب تقرير لمجلة فورين بوليسي، فإن صورة ألمانيا في العالم العربي “تشوهت” بعد الحرب في غزة. واستشهد التقرير باستطلاع للرأي أجراه “المركز العربي – واشنطن” في عام 2020 كشف أن أغلبية طفيفة من الجمهور العربي لديها آراء إيجابية بشأن السياسة الخارجية الألمانية. وعلى النقيض من ذلك، فقد أظهر استطلاع للرأي أجري في يناير/ كانون الثاني الماضي بين سكان 16 دولة عربية ونشره معهد الدوحة في قطر أن 75% من المستطلعة آراؤهم لديهم رأي سلبي بشأن موقف برلين من الحرب بين إسرائيل وحماس.
وعلى مدار عقود من الزمن، سعت ألمانيا إلى التوفيق بين مسؤوليتها التاريخية تجاه إسرائيل وعلاقتها الودية تجاه العالم العربي. فقد طورت برلين بصمة كبيرة في مجال القوة الناعمة، وكان يُنظر إليها منذ فترة طويلة على أنها وسيط نزيه في العلاقات التجارية والاقتصادية.
.