النصب على برنامج ألمانيا لإعانة الشركات

تعهدت السلطات الألمانية بمكافحة الاحتيال المتعلق بفيروس كورونا وسط أدلة متزايدة على أن متمرسين في الخداع، كثير منهم يقيمون في أوروبا الشرقية، كانوا يخترقون برنامج الإعانة الألماني السخي الموجه للشركات التي تضررت من الجائحة.

قال هوبرتوس هيل، وزير العمل، إن تحقيقا سيجري مع جميع المحتالين المحتملين ومحاكمتهم. أخبر محطة “إيه آر دي” التلفزيونية الألمانية أن “معظم الناس يتصرفون بشكل لائق وأن الخراف السوداء هي التي ترتكب عمليات الاحتيال، سنمسك بهم وسنعاقبهم”.

قالت شرطة برلين الأسبوع الماضي إن رجلا يخضع للتحقيق بتهمة “استغلال أزمة فيروس كورونا” للاحتيال على بنك التنمية IBB في برلين للحصول على مساعدة مالية بقيمة 18 ألف يورو.

ادعى الرجل الذي قالت الشرطة إن له صلات بحركة متطرفة في العاصمة، أنه يدير نشاطا تجاريا يعاني بسبب الإغلاق المرتبط بفيروس كورونا، بينما كان يعيش في الواقع على الإعانات. فتش رجال الشرطة شقته وصادروا أمواله وأجهزته الإلكترونية.

في أكثر حالات الاستغلال إذهالا حتى الآن، اضطرت حكومة ولاية شمال الراين – وستفاليا، أكبر ولاية في ألمانيا من حيث عدد السكان، إلى تعليق برنامج الإعانات لمدة أسبوع بعد اكتشاف أن المجرمين كانوا يستغلونه لتحويل مئات الآلاف من اليورو إلى جيوبهم.

بنى المحتالون أكثر من 90 موقعا مزيفا لتصيد بيانات الشركات التي تقدمت بطلبات للحصول على أموال الطوارئ، وهو نشاط يعرف باسم “التصيد الاحتيالي”. ثم استخدموا المعلومات لتقديم طلبات للحصول على الأموال التي تدفقت من خزائن الدولة إلى حساباتهم الخاصة.

قالت سلطات الولاية إنها تحقق حاليا في 104 مواقع مزيفة، تم تعقب بعضها وتبين أنها تعود إلى خوادم في سلوفاكيا والولايات المتحدة. قال وزير الداخلية في الولاية، هربرت ريول: “نحن نتحدث عن محترفين تماما يتمتعون بخبرة ممتازة في مجال تكنولوجيا المعلومات”.

ولاحظ أن المجرمين يتفاخرون بما يسمى الويب المظلم، وهو جزء من الإنترنت لا يمكن الوصول إليه إلا باستخدام برامج متخصصة، حيث نجحوا في تصيد ما يراوح بين 3500 وأربعة آلاف مجموعة بيانات.

قالت إيزابيل سكيركا، وهي باحثة في الأمن الرقمي في كلية إدارة الأعمال “أي إس إم تي” في برلين، إن الجائحة أتاحت فرصا جديدة مربحة لمجرمي الإنترنت الذين يستغلون مخاوف الناس. أضافت: “الناس أقل حذرا وأكثر استعدادا لتنزيل المستندات أو فتح الروابط المتعلقة بالفيروس وبوضعهم الشخصي والمالي في هذه الأزمة”.

ومع وجود مزيد من الموظفين الذين يعملون من المنزل أصبح المجرمون، كما قالت، أكثر قدرة على “الوصول إلى الشبكة الداخلية للشركة من خلال إعدادات الموظفين المنزلية غير الآمنة”.

كانت ألمانيا من أوائل الدول التي وضعت برامج إعانة كبيرة للشركات المتضررة من جائحة فيروس كورونا، التي توقع صندوق النقد الدولي أن تتسبب في أسوأ ركود اقتصادي عالمي منذ الكساد الكبير في الثلاثينيات. فقد انخفض الإنتاج بشكل حاد بعد أن علقت الشركات في جميع أنحاء ألمانيا الإنتاج أثناء الإغلاق الذي أدى إلى توقف عشرات الآلاف من الشركات عن العمل.

على مدى الأسابيع القليلة الماضية أنشأت الحكومة الألمانية صندوق إنقاذ بقيمة 600 مليار يورو للشركات الكبيرة، ومخططا مدعوما من الدولة يقدم قروضا سريعة تصل إلى 500 ألف يورو للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وصندوقا مخصصا للصعاب بقيمة 50 مليار يورو يوزع النقد للشركات الصغيرة والعاملين لحسابهم الخاص والمستقلين.

وشدد مسؤولون منذ البداية على أهمية السرعة والبساطة في توزيع الأموال. وقالت وزارة الاقتصاد إنها وافقت على 1.1 مليون طلب لصندوق العاملين لحسابهم الخاص في الأسابيع الثلاثة منذ إطلاقه، ومنحت ما مجموعه تسعة مليارات يورو من المساعدات.

واستحدثت ولايات فردية، مثل شمال الراين – وستفاليا وبافاريا، مخططاتها الخاصة. قال هوبرت أيوانجر، وزير الاقتصاد في بافاريا، الشهر الماضي إن إخراج الأموال بسرعة هو الأولوية الأولى، مضيفا في حديث لراديو بافاريا: “لكن عندما يكون لدينا هواء للتنفس في غضون أشهر قليلة، سنتحقق بالطبع لمعرفة ما إذا كان هناك أي محتالين خدعونا. ستتعين عليهم إعادة الأموال”.

لكن سكييركا أشارت إلى أنه في كثير من الحالات لم يكن بوسع برامج الإعانة التحقق من هوية المتقدمين بشكل صحيح. “لقد عانت ألمانيا من رقمنة الخدمات الحكومية (…) لأعوام، وفي أوقات الأزمات مثل هذه، فإن مثل هذه التأخيرات لها أثرها حقا”.

بدأ برنامج الإعانة في ولاية شمال الراين – ويستفاليا قبول الطلبات مرة أخرى لكن مع متطلبات أمنية مشددة، بعد توقف دام أسبوعا. قال ريول إن المحققين يعملون “بشكل مكثف للكشف عن المخططات الغادرة”.

انتشرت عمليات الاحتيال إلى أجزاء أخرى من ألمانيا. وفي ولاية ساكسونيا الشرقية، أعلن بنك التنمية المحلي “ساب” التوقف عن دفع المنح للشركات الصغيرة بسبب انتشار المواقع الإلكترونية المزيفة. قال البنك إنه “اتخذ كافة الإجراءات اللازمة لتجنب سوء تخصيص الأموال العامة”.

من جانبها حذرت الشرطة الألمانية الشعب من رسائل البريد الإلكتروني المزيفة التي تدعي أنها تأتي من منظمة الصحة العالمية، أو منظمات أخرى مع مرفقات برامج الفدية. ويرسل محتالون آخرون خرائط مزيفة تتضمن انتشار المرض في الوقت الحقيقي.

وبحسب الشرطة، عند فتح الرسالة الإلكترونية يثبتون برامج ضارة تقرأ كلمات مرور الضحية وتفاصيل الحساب المصرفي.

.