الطفولة المتأخرة ومرحلة ما قبل المراهقة
تتراوح الطفولة المتأخرة ومرحلة ما قبل المراهقة من سن 6 – 12 سنة (البعض يذكر أنها تبدأ عند 5 سنوات)، كما توضح دكتورة علم النفس مى الرخاوى قائلة إن أهم صفات هذه المرحلة:
السمات الاجتماعية، حيث يتعلم الطفل كيفية تكوين الصداقات ويتعلم كيفية اتباع القواعد الاجتماعية، كما يبدأ التفكير المعرفى فى إظهار تقدم ملحوظ.
ولعل من أشهر المقولات فى هذا المجال ما ذكرته منتسورى من أن الطفل يشبه الإسفنج الذى يمتص كل ما يدور حوله من خبرات منذ الولادة، ثم يرجع يسترجعه بعد عمر الست سنوات.
أى أن المقصود هنا أن سلوكيات الطفل وتصرفاته ونمط تفكيره سيكون ناتجا عن الخبرات التى تعرض بها سابقا، ومن هنا كانت أهمية العمل على توعية التوجه التربوى السليم منذ بدء الحياة لابننا ولابنتنا، وفيما يلى أهم صفات هذه المرحلة:
– سن 6 و7 سنوات تظهر بدايات تعلم التفكير المنطقى الأوسع ويتضح تطور النمو العقلى.
– فى سن 8 سنوات تظهر زيادة عدد الأصدقاء ويميل الأولاد لتعدد الصداقات بينما تميل البنات لوجود صديقة حميمة ولا يمنع ذلك وجود “الشلة”.
– من سن 6 إلى 8 سنوات تتسم هذه المرحلة بالخيال المتسع والتخيل بكونه بطلا وقد يلجأ بعضهم إلى تأليف القصص والشعر.
– كذلك مع ملامح اكتمال شخصية الطفل نجده يبدأ عمر 8 سنوات فى التمرد، وقد يبدأ فى إظهار تقلب تام فى الشخصية (وهذا الانقلاب قد يظهر أيضا فى عمر السبع سنوات)، وعلاقة الوالدين بالطفل هى التى تحدد مسار هذا الانقلاب.
– سن 9 سنوات تقل المشاحنات وأن تظهر فرط الحساسية عند التعامل معهم ليزداد تدريجيا ويصبح تحديا فى عمر الـ12 سنة.
– من عمر 10 – 12 سنة هو بدايات الدخول فى مظاهر المراهقة المبكرة حيث يبدأ الطفل فى الاعتراض وإثبات الذات.
– فى هذه المرحلة لم يعد الطفل طفلا فقط، بل هو طفل وراشد هو مشروع راشد حيث يبدأ فى اكتساب كل من نضج الشخصية والنضج المعرفى، هى إذا مرحلة التفكير المعرفى الأكثر تقدما والذى يبدأ من عمر 8 سنوات ولا ينته.
أهمية هذه المرحلة:
– إن العلاقة بين الوالدين والأبناء فى سنوات ما قبل العاشرة هى التى تثرى العلاقة فى مرحلة ما قبل المراهقة، فاذا اكتفينا بالدور الأبوى غير التربوى أى الأوامر والإرشاد فقط سنقابل مرحلة صعبة، أما إذا كانت العلاقة بها مرونة فى التربية مع الحوار الذى لا يخلو من الحزم، فسوف تمر هذه المرحلة بسهولة أكثر.
– يجب العمل على ترغيب الطفل فى كل مسئولية جديدة تبدأ فى حياته، ومن أمثلة ذلك الاستذكار، العناية الذاتية ، الواجبات الاجتماعية.
– إن وسائل الترهيب المبالغة تجعل العلاقة بين الطفل والوالدين معقدة وتؤدى إلى المزيد من المشكلات السلوكية لدى الأطفال.
– ولأن هذه المرحلة تمتاز بالنمو العقلى السليم والسريع، فعلى الآباء استغلال ذلك فى الحث على المزيد من تنمية النمو المعرفى للطفل، وذلك من خلال العمل على توسيع دائرة معارفه من خلال مشاركته مشاهدة بعض الأخبار مع التعليق عليها، حثه على القراءة، الزيارات الميدانية، الحوار البناء بين الطفل ووالديه، الحث على المزيد من التعلم.
– وهناك العديد من الأنشطة والألعاب التى تعمل على تنمية عقل الطفل وشخصيته والتى يجب على الوالدين والمؤسسات التعليمية اللجوء إليها.
– ولعل من أهم ما يجب العمل عليه تدعيم القدرة الإبداعية والفكر البناء المبدع الذى يؤدى إلى إثراء حياة الطفل.
المظاهر النفسية التى قد يعانى منها الأطفال فى هذه المرحلة:
– الطفل فى هذه المرحلة يدور لديه صراع شديد بين قبول القيم الاجتماعية وبين التمرد وذلك كنوع من تحقيق الذات، ولا يتحقق التوازن لدى الطفل إلا من خلال العلاقة السوية للأم ووضوح الأسلوب التربوى واستقامته مع الإقلال من الخلافات الأسرية وتجنب الأطفال لهذه الخلافات.
– إن أكثر المظاهر النفسية التى تظهر من عمر 6- 8 سنوات هى مظاهر القلق والمظاهر العصابية التى قد تظهر فى شكل مخاوف المدرسة، التبول اللاإرادى الثانوى (أى يكون الطفل تحكم تماما من قبل لمدة تزيد عن 6 أشهر).
– من 8-10 سنوات أكثر المشكلات التى تظهر تكون سلوكية وهى غالبا ما تظهر فى شكل رفض الاستذكار أو مقاومته، رفض اتباع توجيهات الأهل (التمرد – العناد-البركان- الانقلابات الانفعالية- المظاهر البركانية- العدوان)، الكذب وأحيانا السرقة.
– من 10 – 12 عاما تكون أكثر المشكلات تحديات سلوكية موجهة للأهل، وكثيرا ما تكون العلاقات مع أصدقائهم مستقرة، بينما قد تظهر تحديات مع المدرسين ويعتمد ذلك على علاقة الطفل بالمدرس.
إن ما سبق هو المظاهر النفسية التى تنتج عن الصراع النفسى والمشكلات الأسرية المبالغة فى هذه المرحلة، وفى هذا المقال نحن لا نتعرض للأمراض النفسية عند الأطفال.
ولعل أهم المشكلات التى تمثل خطرا على أطفال هذه المرحلة هى الخلافات التربوية الحادة، عدم اتفاق الأسلوب التربوى، عدم تفهم الوالدين لشخصية الطفل وجهلهم لكيفية التعامل معه واللجوء إلى التصلب الشديد فى الرأى، التصلب الدال فى الرأى وكثرة الممنوعات فى مقابل المجتمع متعدد المنبهات الذى يعيش فيه أبناؤنا.
ما يجب الحرص عليه خلال هذه المرحلة:
– يجب أولا على انتقاء الصداقات والإبقاء على الصداقات الجيدة فى المراحل العمرية المختلفة، ففى هذا العمر يبدأ الطفل فى اتباع أصدقائه والاتجاه إلى الصداقات (بالرغم من أنه لم يزل يتبع توجيهات الأسرة)، فإذا اتفقت ميول الأسرة وميول الأصدقاء كان هذا لمصلحة الطفل، وعلى الأهل أن يعملوا على المزيد من التعارف بينهم وبين أسر أصدقاء أبنائهم.
– يجب دائما اللعب مع الطفل بألعابه ومشاركته هواياته وتوجيهه بشكل غير مباشر خلال هذا اللعب، إن هذه المشاركة لا بد وأن تكون يومية مثابرة.
– من أمثلة الألعاب التى يمكن اللعب معها فى هذا العمر ألعاب الورق (الكوتشينة) وألعاب القلم والورقة والمونوبولى والسكرابل وألعاب التذكر وألعاب الفك والتركيب وألعاب الدومينو، هذا بالإضافة إلى قراءة القصص، وفى النهاية الألعاب الالكترونية.
– كلما أمكن إشراكه فى الأنشطة الجماعية الهادفة مثل النشاط الكشفى أو بعض الأنشطة الرياضية الجماعية أو الأنشطة الهادفة إلى تنمية الشخصية لدى الطفل، كلما أمكن ذلك استطعنا العمل على تنمية الشخصية والفكر، مع الحرص دائما على حسن اختيار القائم على التدريب.
– لا تجعل المذاكرة والرعاية الذاتية هى اهتماماتك الوحيدة بالطفل، ولا تكن هذه دائما أوامر، يل اجعل مشاركتك له هذه المسؤوليات متعة له ولك.
– عند الاستذكار اخترع وسائل إبداعية مثل التعبير بالجسد، الارتباط الشرطى بين ما يصعب عليه حفظه، التمثيل الدرامى للتاريخ، الأنشطة الترفيهية للألعاب، وسائل التعليم المثيرة للانتباه مثل عمل جدول الضرب فى شكل لعبة التذكر : المعادلة ما يطابقها يكون حلها، هكذا يمكن أن نستذكر مع أبنائنا، ولا تتردد فى التوجه إلى المدرسة إذا رأيت مبالغة فى الواجبات، فهذا حق ابنك عليك.
– اجعل ابنك يبحث عنك لتشاركه اهتماماته ومذاكرته ومسئولياته من خلال كل ما سبق، ولا تجرى أنت وراءه، ولا تجبره على الهروب منك بسبب انشغالك بكل ما لا يهتم هو به.