التعاون الأوروبي الليبي في وقف تدفق المهاجرين عمل “لاإنساني”.

مسؤول بالأمم المتحدة يصف إعادة مهاجرين إلى مراكز احتجاز في ليبيا بأنها عار على الضمير الإنساني، متحدثا عن فظاعات تشمل القتل والاغتصاب.

 

أحمد الجمال

 

أعلنت الأمم المتحدة أن السياسة التي يتبعها الاتحاد الأوروبي في مساعدة السلطات الليبية على اعتراض المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط وإعادتهم إلى مراكز احتجاز “مروعة” على الأراضي الليبية، هو عمل “لاإنساني”.

وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين في بيان “إن معاناة المهاجرين المحتجزين في ليبيا هي عار على الضمير الانساني”. وأضاف “سياسة الاتحاد الأوروبي في مساعدة خفر السواحل الليبيين على اعتراض المهاجرين في البحر المتوسط وإعادتهم تتسم باللاإنسانية”.

وتحولت ليبيا التي تعمها الفوضى منذ وقت طويل إلى مركز ترانزيت للمهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا والعديد من المهاجرين واللاجئين وقعوا ضحية اساءات خطيرة على أيدي مهربي البشر وغيرهم.

وحذر المسؤول الأممي من أن “نظام احتجاز المهاجرين في ليبيا قد أصابه الانهيار ولا يمكن إصلاحه”.

وأضاف “لا يمكن للمجتمع الدولي أن يواصل غض النظر عن الفظائع التي تفوق التصور التي يعاني منها المهاجرون في ليبيا والتظاهر بأنه لا يمكن معالجة الوضع سوى من خلال تحسين ظروف الاحتجاز”.

 

وردا على هذه الاتهامات قال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي إن بروكسل تريد تعزيز قدرات حرس الحدود الليبيين لإنقاذ أرواح الكثيرين من الذين يعبرون البحر المتوسط وهي تحرص على أن تتم اعادة المهاجرين إلى “مراكز استقبال تتمتع بمعايير انسانية دولية”.

وتابع المتحدث أن “مراكز الاعتقال في ليبيا يجب أن تغلق والوضع فيها غير مقبول”، مشيرا من جهة ثانية إلى أن الاتحاد الأوروبي يمول نشاطات حماية المهاجرين التي تقوم بها الأمم المتحدة في ليبيا.

وتأتي تعليقات زيد بعد أن بحث 13 وزيرا من دول أوروبية وأفريقية سبل تخفيف أزمة الهجرة السرية في المتوسط، متعهدين بتقديم المساعدة لتحسين ظروف المهاجرين المحتجزين في ليبيا.

وخلال لقاء في برن لمجموعة الاتصال حول أزمة ما يسمى بطريق الهجرة في وسط المتوسط، كرر الوزراء أيضا تعهدهم بتعزيز خفر السواحل الليبيين.

ومنذ الصيف الماضي تدرب ايطاليا بمساعدة الاتحاد الأوروبي أفراد خفر السواحل الليبيين على اعتراض المراكب المحملة بالمهاجرين وذلك كجزء من اتفاق مثير للجدل أدى إلى خفض وصول المهاجرين إلى ايطاليا بمعدل 70 بالمئة منذ يوليو/تموز.

 

تعذيب واغتصاب

وانتقد مكتب حقوق الانسان في الأمم المتحدة الدول الأوربية لتجاهلها التحذيرات بأن الاتفاق يمكن أن يزيد عدد المهاجرين في السجون الليبية ويعرضهم للتعذيب والاغتصاب والسخرة والابتزاز.

وأورد البيان أن آلاف المحتجزين من الرجال والنساء مكدسون فوق بعضهم البعض في مستودعات “دون أن تتاح لهم إمكانية الحصول على أهم الضروريات الأساسية وقد انتزعت منهم كرامتهم الإنسانية”.

 

وبحسب جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا فإن 19900 شخص كانوا محتجزين في مراكز خاضعة لسيطرته في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، في مقابل ما يزيد على 7000 شخص في منتصف سبتمبر/أيلول.

وهذا الارتفاع الكبير جاء بعد احتجاز آلاف المهاجرين الذين كانوا تحت سيطرة مهربي البشر عقب اشتباكات مسلحة في مدينة صبراتة التي تعد مركزا للتهريب والاتجار وتقع على بعد حوالي 80 كيلومترا غرب طرابلس.

وحذر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من أن “التدخلات المتزايدة للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه لم تكن مجدية حتى الآن في الحد من الانتهاكات التي يعاني منها المهاجرون”، مضيفا “أعمال الرصد التي نقوم بها تظهر في الواقع تدهورا سريعا في أوضاعهم في ليبيا. مصدوم ومنهك”.

وقال زيد رعد الحسين إن مراقبي حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة زاروا أربعة مراكز تابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية الليبي في طرابلس بداية الشهر وكانوا “مصدومين” لما شاهدوه: آلاف الرجال والنساء والأطفال الهزيلين في حال الصدمة، المكدسين بعضهم على البعض الآخر، محتجزون في عنابر (…) ومجردون من كرامتهم”.

ووصف مهاجرون بينهم أطفال الضرب العنيف الذي تعرضوا له من قبل حراس مراكز الاحتجاز، كما روت نساء عن تعرضهن للاغتصاب على أيدي المهربين والحراس.

وأبلغت امرأة المراقبين بأنها تعرضت للاغتصاب على يد ثلاثة رجال بينهم حارس في المركز، فيما قالت أخرى إن أربعة رجال اغتصبوها وهي حامل، مضيفة ” تعرضت لنزيف شديد وأعتقد أنني فقدت الطفل جراء ذلك. ولم يتم عرضي على الطبيب حتى الآن”.

وحثت الأمم المتحدة السلطات الليبية على اتخاذ خطوات ملموسة للقضاء على انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات في المراكز الخاضعة لسيطرتها وإقالة الأشخاص المشتبه بشكل معقول بارتكابهم انتهاكات والتحقيق مع المسؤولين عنهم.

وقال زيد “لا يمكننا أن نقف موقف المتفرج على العبودية الحديثة والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي والقتل غير القانوني باسم إدارة الهجرة ومنع أشخاص يعتريهم اليأس والقنوط من الوصول إلى شواطئ أوروبا”.

اترك تعليقاً