مسألة زوال إسرائيل ..

البحث عن وطن يهودي للطوارئ

أحمد الجمال /

عبّر وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، عن مخاوفه “الوجودية” على مستقبل “دولة إسرائيل”، لينضم بذلك إلى مجموعة من القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية التي تحدثت عن مخاوفها من “زوال إسرائيل” خلال المستقبل القريب.

إذ قال غانتس، في تصريحات حسب وصف وسائل إعلام إسرائيلية: إن المخاوف من سيطرة الفلسطينيين على “إسرائيل” في المستقبل ليست “بعيدة عن الواقع”. وأضاف غانتس أن “الدولة اليهودية ستتقلص خلال السنوات المقبلة لتصبح ما بين مستوطنة غديرا والخضيرة”، حسب وصفه.

صحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية أوضحت أنه، في الجزء المغلق من اجتماع لحزب أزرق أبيض، قرأ وزير الدفاع بني غانتس رسالة اجتاحت البلاد على تطبيق “واتساب”، وتحدثت عن “زوال إسرائيل”.

كما قالت الصحيفة: إن الرسالة تضمنت تهديدات من قبل عناصر عربية مجهولة بالسيطرة على دولة إسرائيل، وقال غانتس: إن “من كتب الرسالة على حق، وإن مستقبل الدولة اليهودية قد ينتهي بين غديرا وخضيرة”، على حد قوله.

“زوال إسرائيل” يقلق السياسيين

تأتي تصريحات غانتس، بعد أيام فقط من مقال لرئيس حكومة الاحتلال الأسبق إيهود باراك، الذي شغل أيضاً مناصب عليا بينها رئاسة الأركان، يثير فيه قلقاً كبيراً مما سماها “لعنة العقد الثامن” التي عاشتها “الممالك اليهودية” السابقة، وقد تطيح بدولة الاحتلال خلال السنوات القريبة.

إذ قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك محذرا من “زوال إسرائيل”: إن إسرائيل تقع في محيط صعب لا رحمة فيه للضعفاء، محذراً من العواقب الوخيمة للاستخفاف بأي تهديد.

كما أوضح باراك، في مقال نشر بصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، أنه بعد مرور 74 عاماً على قيام إسرائيل، أصبح من “الواجب حساب النفس”، منوهاً إلى أن “إسرائيل أبدت قدرة ناقصة في الوجود السيادي السياسي”.

فيما نبّه إلى أن العقد الثامن لإسرائيل بشّر بحالتين: “بداية تفكك السيادة ووجود مملكة بيت داود، التي انقسمت إلى يهودا وإسرائيل”.

وأضاف: بوصفنا كياناً “وصلنا إلى العقد الثامن، ونحن كمن يتملكنا العصف، في تجاهل فظ لتحذيرات التلمود (نرد النهاية)، غير مرة (نصعد في السور)، والمرة تلو الأخرى نصاب بالكراهية المجانية”.

إيهود باراك قال أيضاً: “لسنا الوحيدين في نقمة العقد الثامن؛ في العقد الثامن منذ إقرار الدستور نشبت في الولايات المتحدة الحرب الأهلية، في العقد الثامن من توحيد إيطاليا الفاشية، في 1860، تحولت إلى فاشية، وفي عمر مشابه بعد توحيد ألمانيا أصبحت نازية، وفي العقد الثامن للثورة الشيوعية تفكك الاتحاد السوفيتي، وهناك من يقترحون تفسيراً لذلك.

الصهيونية تؤدي الى البؤس وسفك الدماء

ويرى آرون كوهين، الحاخام اليهودي الأرثوذكسي المعاصر من حركة “ناتورا كارتا” المناهضة لإسرائيل أن النظرة الصحيحة لليهودية تتعارض تماما مع ما يسمى بالصهيونية. فالصهيونية كما يقول حركة قومية نشأت قبل نحو 100 عام وتتعارض مع تعاليم اليهودية، و الصهيونية تؤدي الى البؤس وسفك الدماء، وشدد على أن كارثة حدثت منذ تشكيل الحركة.

من جهته يفترض المؤرخ “الإسرائيلي” الشهير بيني موريس أفقا زمنيا لنهاية محتومة في رأيه لكيانهم في أرض فلسطين المحتلة، بحيث اعتبر أن نهاية الكيان الصهيوني محتومة لقلة اليهود من جهة وكثرة أعدائهم من جهة أخرى، ما سيدفع إلى تطور العنف، وسيدفع كل من يستطيع من اليهود للهرب إلى أميركا والغرب.

كذلك جاء في مقالة للكاتب “الإسرائيلي” اليساري جدعون ليفي : “إنّنا نُواجه أصعب شعب في التأريخ ، وعمليّة التدمير الذاتي والمرض السرطاني الإسرائيلي بلغا مراحلهما النهائيّة، ولا سبيل للعِلاج بالقبب الحديديّة ، ولا بالأسوار، ولا بالقنابل النوويّة”.

بينما المحلّل “الإسرائيلي” آري شافيط، قال في صحيفة هآرتس : “اجتزنا نقطة اللّاعودة، وإسرائيل تَلفُظ أنفاسها الأخيرة، ولا طعم للعيش فيها، والإسرائيليّون يُدركون مُنذ أن جاؤوا إلى فلسطين أنهم ضحيّة كذبة اختَرعتها الحركة الصهيونيّة.. “حان وقت الرّحيل إلى سان فرانسيسكو أو برلين”.

وما قاله البروفيسور “إسرائيل شاحاك” يعزز هذا الرأي بقوله إنه متأكد من أن الصهيونية ستندثر في المستقبل فهي تعمل بعكس الآراء المشتركة لمعظم شعوب العالم، مؤكداً أنها ستجلب كارثة على المنطقة، وقبل كل شيء على اليهود أنفسهم.

الاستراتيجيات فشلت في تحقيق وتجسيد الحلم

وليس بعيداً عن ذلك تصريحات الجنرال في الاحتياط شاؤول أرئيليّ، وهو يقدم نفسه على أنه المُستشرِق الإسرائيليّ المختّص بالصراع العربيّ-الصهيونيّ ، الذي أكد أن الكيان الذي اعتمد عددًا من الاستراتيجيات قد فشلت في تحقيق وتجسيد الحلم الصهيونيّ على أرض فلسطين المحتلة، وهي تواصل السير في الطريق نحو فقدان هذا الحلم.

وأوضح في مقالٍ نشره بصحيفة “هآرتس” العبرية أنّ الحركة الصهيونية عملت على تأسيس دولة يهودية على أرض فلسطين المحتلة “بواسطة دمج ثلاث استراتيجيات عمل أساسية، وجميعها لم تنجح في حلّ النزاع أوْ تحقيق الأهداف الثلاثة الرئيسية للحركة الصهيونية، “أرض إسرائيل، وديمقراطية، وأغلبية يهودية”، وهكذا ولد خط سياسي ثالث، هو التقسيم لدولتين”، على حدّ تعبيره.

البحث عن وطن يهودي للطوارئ

اقتراح غريب طرحه مسؤول إسرائيلي دعا فيها إلى شراء جزر في اليونان لتكون “ملاذاً لليهود” في حال تعرضت إسرائيل لهجوم، ولكن هذا الاقتراح أثار انتقادات حادة في الدولة العبرية.

وجاء الاقتراح على لسان مسؤول من حزب “أزرق أبيض” الإسرائيلي، الذي يقوده وزير دفاع الاحتلال بيني غانتس، الأسبوع الماضي، حيث دعا إلى شراءَ جزر في اليونان باستخدام أموال من الصندوق القومي اليهودي “خدمةً لمصلحة الشعب اليهودي”، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Haaretz الإسرائيلية.

عرض أفري شتاينر، الذي يمثل حزب أزرق أبيض في مجلس إدارة شركة هيمنوتا المملوكة للصندوق القومي اليهودي، اقتراحَه الغريب على مجلس الإدارة يوم 10 مارس/آذار. ونقلت عدة مصادر ممن حضروا الاجتماع، أن شتاينر قال إنه يجب شراء الجزر “لإنشاء ملاذٍ للشعب اليهودي في حالة الطوارئ، وليكون ملجأً للاجئين اليهود في أوقات الحرب”.

ويبدو أن الاقتراح جاء تأثراً بما حدث في أوكرانيا من مشاهد للدمار وتدفق للاجئين.

.