فقدان الوعي: علامات و أسباب

يعتبر فقدان الوعي أو الإغماء أحد الحالات المرضية التي يعاني منها العديد من الناس لأسباب مختلفة نفسية وعاطفيةٍ وبيولوجيةٍ أيضاً، ففقدان الوعي هو كما يشير اسمه إلى عدم الإحساس بما يحيط بك لبرهةٍ من الزمن وعدم القدرة على السيطرة على العضلات خلال تلك الفترة ممّا يؤدي إلى السقوط على الأرض في حال كان الشخص واقفاً في كثير من الأحيان، ومن ثم يعود الإنسان إلى حالة اليقظة بعد عددٍ من الثواني في كثير من الحالات.

يرجع السبب وراء فقدان الوعي إلى توقف الدماغ عن العمل لفترة من الزمن، فليعمل الجسم بكفاءة تامّةٍ يجب أن يبقى الدماغ وهو المتحكم الرئيسي بجميع أجزاء الجسم المختلفة، فعندما يتوقف الدماغ عن العمل أو تختل وظائفه تتوقف جميع أجهزة الجسم عن العمل وتختل وظائفها أيضاً وهذا هو ما يحدث في حالة الإغماء إذ إنّه عند حدوث فقدان الوعي يتوقف الدماغ عن العمل ممّا يسبب تعطّل جميع أجزاء الجسم عن العمل.

ولكي يستمر الدماغ بالعمل فإنّه يحتاج كما باقي أجزاء الجسم المختلفة إلى الإمدادات المختلفة من الدّم والتي تتوزع على جميع أجزاءه المختلفة، ويقوم الدّم الواصل إلى الدماغ بحمل الأكسجين والسكر اللازم للدماغ كي يستمر بالعمل، وعندما يتوقف الدّم عن التدفق إلى الدماغ لأسباب مختلفة، أو عندما يقلّ إمداد الدماغ بالدّم يتوقف الدماغ عن العمل ممّا يؤدي إلى حدوث فقدان الوعي، أمّا فقدان الوعي الذي يحصل بسبب الإصابات المختلفة التي يتعرض لها الدماغ فهو ما يعرف بارتجاج الدماغ.

وغالباً ما يقصد الناس فقدان الوعي المؤقت عند حديثهم عن فقدان الوعي، وإنّ فقدان الوعي بشكلٍ مؤقتٍ يُعرف أيضاً بالغشيان أو الإغماء ، ويُعزى حدوثه إلى ضعف التروية الدمويّة للدماغ، وفي الحقيقة يحدث الإغماء كرد فعل طبيعيّ من الجسم للبقاء على قيد الحياة، فعندما يحدث هبوط كبير في كميّة الدم والأكسجين الواصلة إلى الدماغ يستجيب الدماغ من خلال إيقاف عمل جميع الأعضاء غير الحيويّة حتى تتركز التروية الدموية نحو الأعضاء الحيويّة.

ولا يعتبر فقدان الوعي من المشاكل الصحيّة الخطيرة في أغلب الأحيان، ولكنّه قد يكون دليلاً على وجود مشكلة صحيّة خطيرة في بعض الحالات، لذلك يجب التعامل مع جميع حالات الإغماء على أنّها حالة صحيّة طارئة إلى أنْ يتم تحديد المُسبّب الذي أدى إلى حدوث الإغماء وزوال الأعراض المصاحبة له.

أسباب فقدان الوعي

هناك العديد من الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى فقدان الوعي، نذكر منها ما يلي:

ـ انخفاض مفاجئ في ضغط الدم.

ـ عدم انتظام دقات القلب.

ـ الوقوف لفترات طويلة.

ـ التعرّض لألم شديد.

ـ الخوف الشديد. الحمل. الإصابة بالجفاف. التعب والإنهاك الشديد. التعرّض لصدمة نفسيّة أو عاطفيّة. انخفاض نسبة سكر الدم. السعال الشديد. التعرّض للنوبات العصبية. تناول المخدّرات والأدوية الممنوعة قانونياً. شرب الكحول.

عوامل تزيد خطر التعرّض للإغماء

يزداد خطر التعرّض لفقدان الوعي عند الأشخاص المصابين بالحالات الصحيّة التالية: مرض السكري (Diabetes). الأمراض القلبيّة (Heart disease). تصلب الشرايين (Atherosclerosis). اضطراب النظم القلبي (Arrhythmia). اضطراب القلق ونوبات الهلع (Panic attacks). الأمراض الرئوية المزمنة كمرض النفاخ الرئوي (Emphysema).

أعراض وعلامات فقدان الوعي

قد يسبق حدوث الإغماء ظهور عدد من الأعراض والعلامات، ومنها ما يلي:

ـ الشعور بالغثيان.

ـ عدم وضوح الكلام.

ـ تغير مفاجئ في حرارة الجسم.

ـ التعرّق المفاجئ.

ـ شحوب الجلد.

ـ حدوث اضطراب في الرؤية.

ـ الشعور بالدوار والدوخة.

ـ الشعور بالخدران.

ـ تسارع دقات القلب.

أنواع فقدان الوعي

يوجد العديد من الأنواع المختلفة للإغماء، والأنواع الثلاثة الآتية هي الأكثر شيوعاً، وفيما يلي بيانها:

ـ الإغماء الوعائيّ المبهميّ: (Vasovagal syncope) ويعتمد هذا النوع من الإغماء على تحفيز العصب المبهم من خلال التعرّض إلى صدمة عاطفية، أو بسبب رؤية الدم، أو نتيجة الوقوف لفترات طويلة.

ـ إغماء الجيب السباتيّ: ويحدث هذا النوع من الإغماء عندما يعترّض الشريان السباتيّ (Carotid artery) الموجود في الرقبة إلى الضغط، بسبب تغير في وضعية الرأس، أو بسبب لبس قلادة ضيقة على الرقبة.

ـ الإغماء الظرفيّ: (Situational syncope) ويحدث هذا النوع من الإغماء بسبب الضغط أثناء التبول، أو الإخراج، أو السعال، أو بسبب وجود مشاكل صحيّة متعلقة بالجهاز الهضميّ.

كيفية التعامل مع حالات فقدان الوعي

هناك بعض الإجراءات التي يجب اتخاذها في حال شعور الشخص بإمكانية حدوث الإغماء، ومنها:

ـ إيجاد مكان مناسب للجلوس أو الاستلقاء.

ـ وضع الرأس بين الركبتين بعد الجلوس.

ـ النهوض ببطءٍ بعد الشعور بالتحسن.

كما يوجد بعض الإجراءات التي يمكن اتباعها للتعامل مع الأشخاص الفاقدين للوعي، ومنها ما يلي:

ـ تمديد المريض على ظهره.

ـ رفع قدمي المريض عن مستوى القلب بما يقارب 30 سم لزيادة كمية الدم المتدفق باتجاه الدماغ.

ـ محاولة تخفيف الضغط من خلال إزالة القلادات، والأحزمة، وربطة العنق، والملابس الضيقة.

ـ منع الشخص من النهوض مباشرة بعد استعادته للوعي.

ـ الاتصال بالطوارئ وطلب المساعدة الطبية في حال عدم استعادة الشخص للوعي بعد مرور دقيقة واحدة.

ـ التأكد من عدم وجود ما يعيق المجرى التنفسيّ في حال توقف نَفَس الشخص المغمى عليه، وفي حال عدم استعادة الشخص قدرته على التنفس الطبيعيّ يجب القيام بعمل إنعاش القلب والرئتين، إلى أنْ يستعيد الشخص قدرته على التنفس أو حتى تصل المساعدة الطبيّة.

تشخيص فقدان الوعي

يتم تشخيص سبب فقدان الوعي من خلال إجراء عدد من الفحوصات المختلفة، ومنها ما يلي:

ـ الفحص السريري، وذلك بسؤال المريض عن الظروف التي حدث خلالها الإغماء، والتاريخ المرضي للشخص بما في ذلك الأدوية التي يتناولها سواءً الموصوفة منها أو الأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة طبيّة.

ـ تخطيط للقلب (Electrocardiogram). تخطيط القلب باستخدام جهاز هولتر (بالإنجليزية: Holter monitor) وهو جهاز محمول يتم ارتداؤه لمدة لا تقل عن يوم كامل، ويتم خلاله تسجيل النشاط الكهربائي للقلب.

ـ تخطيط صدى القلب (Echocardiogram) حيث يتم تصوير القلب باستخدام الموجات الصوتية.

ـ تخطيط أمواج الدماغ (Electroencephalogram) للكشف عن النشاط الكهربائي للدماغ.

علاج فقدان الوعي

في حال ارتباط حدوث الإغماء بوجود حالة صحيّة أخرى يجب علاج هذه الحالة لتجنّب تكرار حدوث الإغماء في المستقبل، وفي حال حدوث الإغماء دون وجود مشكلة صحية، فعندها لا يحتاج الشخص المصاب في أغلب الأحيان للخضوع لأيّ نوع من العلاج، ولتجنّب حدوث الإغماء مرة أخرى يجدر بالشخص تجنّب التعرّض لبعض العوامل التي تزيد فرصة حدوث الإغماء كالوقوف لفترات طويلة، والتعرّض للجفاف، وغير ذلك كما أسلفنا، وفي حال معرفة الشخص لإمكانية تعرّضه للإغماء عند رؤية الدماء يجب أنْ يخبر الطبيب قبل القيام بعمل جراحي لاتخاذ الإجراءات المناسبة، كما ويمكن استخدام أدوية حاصرات المستقبل بيتا (β-Blockers) في بعض الحالات التي يكون فيها سبب الإغماء متعلقاً بالجهاز القلبيّ العصبيّ لتجنّب حدوث الإغماء في المستقبل.

.