عندما يصبح العيد عيدان

 

بداية شهر رمضان تربك مسلمي ألمانيا ومطالب بتوحيد “الرؤية”

 

الدليل ـ برلين

 

بينما بدأ الكثير من المسلمين في ألمانيا الصيام يوم الأربعاء اعتمادا على الرؤية الفلكية، ارتأى آخرون بدء الصيام الخميس لعدم ثبوث “رؤية شرعية” للهلال. ويسبب هذا الاختلاف جدلا بين مسلمي ألمانيا، امتد حتى إلى مواقع التواصل.

بدأ شهر رمضان في أغلب الدول العربية والإسلامية الخميس (17 أيار/مايو 2018)، بحسب ما أفادت السلطات المعنية هناك. فقد أعلنت السعودية والإمارات ومصر والبحرين والأردن والسودان وقطر والجزائر وتونس والوقف السني في العراق ولبنان، أن الأربعاء كان هو المتمم لشهر شعبان ويوم الخميس، أول أيام شهر رمضان المبارك.

أما في ألمانيا فقد أعلن المجلس الأعلى للمسلمين أن الأربعاء (16 أيار/مايو 2018) هو أول أيام شهر رمضان، شأنه في ذلك شأن الاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الإسلامية في ألمانيا (Ditib)، أكبر منظمة إسلامية في البلاد.

 

ويتم إعلان بدء شهر رمضان اعتمادا على مبدأ الرؤية الشرعية أو على مبدأ الحسابات الفلكية. وهو ما شكل اختلافا واضحا هذا العام في ألمانيا مقارنة مع أغلب الدول العربية والإسلامية.

وذكر موقع مركز الفلك الدولي الذي يهتم بأهم الأخبار والأحداث الفلكية وأخبار رؤية الهلال. ومن مشاريعهم “المشروع الإسلامي لرصد الأهلة”، في تغريدة في تويتر : “إذا اعتمدت جهتان على الرؤية فقط  أو اعتمدت على الحساب الفلكي فقط فهذا لا يعني بالضرورة أنهما سيبدآن معا. فقد يعتمد كل منهما على شروط فلكية أو فقهية مختلفة تؤدي إلى بداية مختلفة، مع صحة كليهما فقهيا وعلميا”.

وخلق هذا الخلاف ارتباكا بين المسلمين في ألمانيا، حيث  صام بعضهم اعتمادا على فتاوى المجالس الإسلامية في ألمانيا، في حين ارتأى آخرون الصيام يوم الخميس لعدم رؤية الهلال في أي من البلدان الإسلامية. ووصل هذا الجدل والاختلاف حول بداية رمضان إلى مواقع التواصل الاجتماعي.

من جانبه نشر المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا بيانا على موقع توتير، أعلن فيه أن الأربعاء هو بداية رمضان في ألمانيا.

وذكر البيان أن المجلس استند على “الاجتهاد الفقهي الذي تبتنه الروابط الإسلامية الكبرى المشكلة للمجلس التنسيقي للمسلمين في ألمانيا” والذي يأخذ “بمبدأ إمكانية الرؤية فلكيا في أي بقعة من بقاع الأرض”. وهو ما يسمح بتوحيد الصيام والعطل في ألمانيا والتحضير لها مسبقا، حسب بيان المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا.

أما اتحاد الأئمة بمنطقة الراين ماين غرب ألمانيا فقد أصدر بلاغا قال فيه أن لجنته المختصة في مراقبة هلال رمضان لم يثبت لها رؤية هلال رمضان ، ليعلن الاتحاد أن شعبان قد أكمل الثلاثين، وأن فاتح شهر رمضان هو الخميس 17 مايو.

 

واختلفت ألمانيا وتركيا وهولندا فى غرة شهر رمضان الكريم، ليبدأ الأربعاء، وبحسب تصريحات عبد الصمد اليزيدى، الأمين العام للمجلس المركزى للمسلمين فى ألمانيا أن الاختلاف فى المنهج هو السبب فى اختلاف غرة شهر رمضان فى دول عن أخرى، ففى الوقت الذى يتبنى فيه المجلس التنسيقى للمسلمين والذى يضم المؤسسات الإسلامية الكبرى مثل الاتحاد التركى الإسلامى للشؤون الدينية، رابطة المراكز الثقافية الإسلامية، المجلس الإسلامى والمجلس الأعلى للمسلمين فى ألمانيا الرأى الفقهى الذى يجيز إتباع الحسابات الفلكية وبالتالى حسم بداية الشهور القمرية قبل دخولها، تتبنى مؤسسات إسلامية أخرى حسب تصريحه، الرأى الفقهى الذى يعتمد على الرؤيا العينية.

وتبقى قرارات المجالس الإسلامية، حسب اليزيدى، بمثابة توصيات يأخذ بها جزء كبير من المسلمين فى ألمانيا دون أن يتم إلزام الجميع بها، داعيا إلى توحيد الصفوف وتغليب المصلحة العامة للمسلمين. ويقول: “علينا أن نتحد من أجل مواجهة الأخطار التى تهددنا من اليمين المتطرف والتيارات العنصرية وأن نثبت من خلال أنشطتنا على انتمائنا للمجتمع الألمانى”.

وهناك مجموعة من المؤسسات الإسلامية التى توافقت مع الأتراك فيما يخص تحديد اليوم الأول والأخير من رمضان، إلا أن البعض لا يصوم عن اقتناع وإنما من أجل إتباع الأغلبية التى تشكلها الجالية التركية فى ألمانيا، كما صرح بذلك الشيخ الميلود لحسينى رئيس اتحاد الأئمة بالراين/ ماين وإمام مسجد التقوى بمدينة فرانكفورت لوسائل الإعلام أن “الجالية التركية تتبع بلدها تركيا بقرار تركى منذ 1978 إلى يومنا هذا، نحن مستعدون للاجتماع حول الهلال الألمانى ليس فقط  كمسلمين بل كمواطنين ألمان فى دولة مستقلة نتمتع فيها بكل حقوقنا، فلما لا نتبع رؤية هلال هذا البلد إذن؟ أما إن كان لا بد من تقليد بلد بعينه فالأحرى أن نقلد المغرب أو السعودية”.

 

وفيما يخص عدم اعتماد الحساب الفلكى فى ألمانيا، فاتحاد الأئمة بمنطقة الراين/ ماين، يضيف الشيخ لحسينى، يجمع ما بين الرؤيا والحسابات الفلكية، فإن ثبتت الرؤيا أخذوا بها وإن لم تثبت صاموا مع أول بلد يعول عليه فى المراقبة شريطة عدم مخالفة الحسابات الفلكية بالنفي. اتحاد الأئمة، يضيف الشيخ لحسينى، لا ينكر الحسابات الفلكية ولكن بشروط وذلك بسبب الخلاف بين الفلكيين أنفسهم من حيث اعتماد التقويم الثنائى أو الأحادى.

 

و يَعتمد ملسمو أوروبا على مواقيت بلادهم فى صيام شهر رمضان المُبارك، نظراً للفارق الكبير بين الساعات مع الدول العربية، والتى قد تصل إلى نهار كامل، لذا قد يواجه المسلمون صعوبة فى صيام من 18 إلى 23 ساعة حسب توقيت ألمانيا والدول الغربية الأخرى، وبذلك يَعتمد مسلموها على توقيت بلادهم، عن طريق تواصلهم مع أقرباءهم لمعرفة مواعيد السحور والإفطار، والصلوات بشكل عام.