عرق النسا

عرق النسا ليس مرضًا في الأساس وهناك حقائق وأساطير عنه، نتعرض لها في السطور التالية.

يشكل ما يعرف بـ«عرق النسا» مصدرًا لشكاوى متكررة لكثير من الناس، وثم الكثير من المعتقدات الخاطئة حول الإصابة به. وقد نشر موقع «إيفري داي هيلث» تقريرًا للصحافية كرستين فيشر، تعدد فيه أهم الأساطير حول عرق النسا، والحقائق التي تصحح هذه المعتقدات.

إذ يشير التقرير إلى أن عرق النسا يعرف بأنه ألم أو تنميل في أي مكان على طول العصب الوركي – الذي يمتد من أسفل العمود الفقري، مرورًا بالأرداف، ثم نزولًا إلى الجهة الخلفية من الساقين- من جراء انضغاط العصب.

ويمكن أن يتراوح الألم الناجم عن عرق النسا بين الخفيف والشديد. ولكن في معظم الحالات يكون هذا الألم محدودًا؛ ما يعني أنه يختفي من تلقاء نفسه. وبكل تأكيد إذا أُصيب أحد به، فسيشعر أنه لن يزول أبدًا.

ونوضح هنا ماهية بعض الأساطير الشائعة حول عرق النسا وماهية الحقائق:

عرق النسا حالة مرضية

الحقيقة: عادة ما يعتبر الناس عرق النسا حالة مرضية، لكنه في الحقيقة عَرَض، يدل على أن هناك شيئًا ما يضغط جذر العصب في أسفل الظهر.

ويقول دكتور بيتر أوتون، وهو مقوم عظام في بلدة بريك تاونشيب بولاية نيوجيرسي: «المهم هو معالجة ما يسبب الضغط على العصب».

جميع آلام الساق مؤهلة لأن تكون عرق النسا

الحقيقة: بحسب الكاتبة، يسمع الدكتور أوتون أحيانًا من المرضى أن أي ألم في الساق يوصف على أنه عرق النسا، لكن هذا غير صحيح.

فيقول: «يمكن أن تحدث آلام الساق بسبب مشاكل في الأوعية الدموية أو إجهاد العضلات، أو التهاب النسيج الخلوي، أو الضغط على عصب مختلف، مثل العصب الفخذي؛ ما قد يسبب ألمًا في مقدمة الساق. أما أعراض عرق النسا الحقيقية فتمتد من منتصف الأرداف إلى أسفل الجزء الخلفي من الساق، وعادة ما تتجاوز الركبة إلى أسفل».

لم نعرف بعد ما أسباب عرق النسا

الحقيقة: تقول كرستين: «إن عرق النسا يحدث عندما يصبح العصب الوركي ملويًا أو مضغوطًا، ويحدث هذا عادة بسبب وجود غضروف منتفخ أو منفتق بين الفقرات السفلى من العمود الفقري».

ويمكن أن يكون بسبب نتوء العظم أو نموه على العمود الفقري، أو ضيق القناة النخاعية. وفي حالات نادرة يمكن للورم النخاعي أن يضغط على العصب؛ ما يسبب ألم عرق النسا.

فعل معين يمكن أن يسبب عرق النسا

الحقيقة: في استيضاح من ديفيد سبينر، مدير قسم طب الألم وجراحة أسفل الظهر بالمناظير لقسم طب إعادة التأهيل بشبكة مستشفيات ماونت سيناي في مدينة نيويورك، وأستاذ مساعد بكلية إيكان للطب بماونت سيناي، يقول سبينر: «يعتقد الناس أحيانًا أنهم إذا لم يحملوا هذه الحقيبة، أو يجلسوا في رحلة طويلة، أو يساعدوا صديقًا في تحريك شيء، لم يكونوا ليشعروا بالألم».

لكنه يوضح قائلًا: «في معظم الأحيان، يكون لدى الغضروف بين الفقرات عيب صغير، يجعله مستعدًا للفتق، ولا يكون عرق النسا بالضرورة بسبب ذلك الفعل المحدد».

وفي ذات السياق يرى لورين فيشمان، وهو طبيب وأستاذ مساعد في كلية الطب بكولومبيا، والمدير الطبي في مانهاتن للطب الفيزيائي وإعادة التأهيل، أن معظم الأشخاص قيدوا أنفسهم نتيجة تكرار نوبات آلام عرق النسا، وهو أمر جلل عندما يحدث، لكنه عمومًا جزء بسيط من حياتهم.

ويقول فيشمان: «وعلى كل حال، يعاني 80% من الأمريكيين من آلام الظهر أو عرق النسا في مرحلة أو أخرى، لذا فهو جزء من كونها آلامًا طبيعية».

ويذكر التقرير أنه بينما قد لا يؤدي فعل معين إلى عرق النسا، قد تؤدي بعض الوظائف إلى الإصابة به. ويستشهد في ذلك بدراسة نُشرت في «المجلة الأوروبية للعمود الفقري» في يونيو (حزيران) 2017، توضح أن العمل الجسدي يشكل عامل خطر قوي مسبب لعرق النسا. بالنسبة للرجال، شملت الوظائف المرتبطة بالمخاطر العالية، بما في ذلك المعادن والآلات والأعمال الصناعية الأخرى، أما للنساء، كان الخطر أعلى بين الممرضات والبائعات وعاملات المصانع.

عليك بالراحة والبقاء في السرير

الحقيقة: لكن أتول باتيل، وهو طبيب فيزيائي في عيادة كانزاس سيتي للعظام والمفاصل في ولايتي كانساس وميزوري، يدحض هذا الزعم بقوله: «يتحسن معظم المرضى إذا ظلوا نشطين وتجنبوا الراحة المفرطة».

بحسب كرستين، وجدت العديد من الدراسات أنه لا فائدة تُذكر من البقاء في السرير، مقارنة بالحركة النشطة بالنسبة لمرضى عرق النسا.

الأدوية هي أفضل وسيلة لتخفيف آلام عرق النسا

الحقيقة: ربما يسود اعتقاد بأن تناول مسكن أو مضاد للالتهابات يمكن أن يخفف الألم، لكن الواقع غير ذلك، في ظل ما توصلت إليه مراجعة منهجية واستعراض تحليلات نُشر في فبراير (شباط) 2012 في «المجلة الطبية البريطانية»، بحسب ما ورد في «تقرير إيفري داي هيلث». إذ يشير الاستعراض إلى عدم وجود أدلة على فعالية الأدوية، بما في ذلك مضادات الالتهاب اللاستيرويدية والكورتيكوستيرويدات، ومضادات الاكتئاب والمسكنات الأفيونية.

وخلص الباحثون إلى أنه «لا يوجد في أحسن الأحوال سوى أدلة ضعيفة للحكم على فعالية وإمكانية العقاقير الموصوفة عادة للسيطرة على آلام عرق النسا في مراحله الأولى.

لكن العلاج قصير الأجل بمضادات الالتهاب أو أسيتامينوفين يمكن أن يكون مفيدًا للبعض.

وتنصح الكاتبة الأشخاص الذين يعانون من أعراض شديدة ومستمرة لا تستجيب للمسكنات أو تتحسن حالتهم مع تعديل النشاط، باللجوء إلى خيارات علاجية أخرى تتضمن تناول المنشطات عن طريق الفم، أو تلقي حقن الستيرويد فوق الجافية حول النخاع الشوكي.

لكن باتيل يوضح قائلًا: «يشار عادة إلى حقن الستيرويد فوق الجافية لعلاج اعتلال الجذور الحاد أو جذر العصب ملتوي، لكنها لا تساعد عادة في عرق النسا المزمن».

الجراحة هي الطريق الوحيد لعلاجه

يقول ستيفن تولهورست، طبيب جراحة العمود الفقري في معهد تكساس باك في فلاور ماوند: «إن معظم الحالات تشفى خلال ستة أسابيع تقريبًا، ولا تحتاج إلى جراحة».

إذ إن العلاجات الأخرى، بما في ذلك العلاج الطبيعي والحقن فوق الجافية، يمكن أن تكون مفيدة، لكن تولهورست يقول: «إذا فشلت هذه العلاجات، أو في الحالات النادرة التي تشهد الشعور بضعف شديد أو تنميل أو ألم، يمكن للجراحة أن تخفف ألم عرق النسا بشكل كبير ومستمر».

أحيانًا لا يوجد شيء يمكنه أن يخفف آلامه

يقول تولهورست: «عادة ما أسمع أن المرضى يشعرون بالقلق من عدم وجود علاج مناسب، أو عدم القيام بأي شيء يخفف آلامهم، وأسمعهم كذلك يشعرون بالقلق من احتمالية عدم نجاح التدخل الجراحي. ولحسن الحظ، أظهرت الدراسات العلمية عالية الجودة بشكل متكرر أن معظم الأعراض تتحسن وأن الجراحة – إذا لزم الأمر – فعّالة للغاية».

لا يمكن تفادي الإصابة بعرق النسا

يعود التقرير إلى الدكتور فيشمان من كلية الطب في كولومبيا، الذي يقول إنه لا يمكن تفادي الإصابة بعرق النسا، لكن الحركة بنشاط واستخدام الوضعيات المناسبة أثناء ذلك، يمكن أن تقطع شوطًا طويلًا نحو الحد من حدوث أو تكرار آلام أسفل الظهر.

ويضيف سبينر، من شبكة مستشفيات ماونت سيناي، أن الحفاظ على جسد قوي – أي تقوية العضلات في البطن والظهر – يمكن أن يساعد أيضًا في منع تكرار الإصابة بعرق النسا.

وتدلي الكاتبة كرستين بدلوها قائلة: «إن تمارين البيلاتس تساعد على زيادة القوة الأساسية، ويمكن تكييفها مع العديد من الحالات الصحية، بما فيها عرق النسا». فيما يسهم الدكتور أوتون، مقوم العظام، ببعض التوصيات: «يمكن تجنب عرق النسا عن طريق التحرك بوضعيات جيدة، وتقليل الجلوس، وإدارة الوزن، والحفاظ على مرونة جيدة في أوتار الركبة، والمحافظة على استقامة العمود الفقري بشكل جيد».

.