خطر يهدد الأرض

ذوبان جليد القطب الجنوبي ..

.

د. أمير حمد

يتعرض القطب الجنوبي منذ فترة إلى تغييرات مناخية متضاربة، فبعض الأنهار الجليدية بدأت في التقلص، وبعضها الآخر في طور الاتساع، في الوقت الذي تختفي فيه أرصفة جليدية، تظهر أغطية ثلجية في أماكن أخرى.

وقد ذكرت شبكة “سي إن إن” الاخبارية الأمريكية، أن القارة القطبية الجنوبية سجلت ما يعتقد أنه أعلى درجة حرارة تم تسجيلها فى التاريخ، بعد وصولها لـ63.5 درجة فهرنهايت (15.5 درجة مئوية) بحسب مركز “the weather underground”.

وأضافت الشبكة الأمريكية أنه قد تكون درجة الحرارة هذه عادية بالنسبة لجو ربيعى بالنسبة للكثيرين، إلا أنه وفى القارة الجنوبية المتجمدة فإن مثل هذه الحرارة تعتبر أمراً كبيراً، يلقى الضوء على حجم الاحتباس الحرارى ومعدلات ارتفاع حرارة العالم وتأثيرها على الحياة والمناخ بكوكب الأرض.

وبعد معدلات الحرارة المسجلة يستعد فريق متخصص لزيارة المواقع التي التقطت فيها درجات الحرارة وسلامة الأجهزة المستخدمة، ليتم بعد ذلك تحضير تقرير موسع يرفع إلى لجنة تابعة للأمم المتحدة.

ويعزو الخبراء التغييرات المناخية في شبه المنطقة القطبية إلى مساحتها الشاسعة التي تبلغ نحو 5.4 مليون ميل مربع أي أكبر من مساحة الولايات المتحدة.

وحذر الخبراء من أن ظاهرة الاحتباس الحراري تلعب دوراً في هذا الأمر، كما حذر باحثو مناخ من أن درجة الحرارة سترتفع بمقدار أربع درجات مئوية أخرى خلال القرن الحالي ما لم يتفق العالم على تقليص الانبعاثات المسؤولة عن الاحتباس الحراري.

ما هو سبب انخفاض الحرارة في القطبين؟

لأن أشعة الشمس تكون عمودية على الخط الاستوائي وتكون مائلة عند القطبين، فلا تصلها حرارة الشمس مع أشعتها، حيث تصل درجة حرارة القطب الشمالي صيفاً 10 درجات، وشتاء 40 تحت الصفر.

أما درجة حرارة القطب الجنوبي في الشتاء فتتراوح بين 70 ، 80 ، 90 تحت الصفر، وتبقى درجة الحرارة تحت الصفر في الصيف أيضاً. ويتحول فيه ماء المطر إلى جليد قبل أن ينزل إلى الأرض.

ذوبان الجليد يؤثر على جاذبية الأرض

كشفت تقارير جديدة أن منطقة غرب القطب الجنوبي فقدت الكثير من الجليد، ما أثر على الجاذبية الأرضية هناك وجعلها أضعف مما كانت عليه.

أيضا أكدت وكالة الفضاء الأوروبية أن الذوبان السريع للغطاء الجليدي في غرب القارة القطبية الجنوبية بين عامي 2009 و 2012 كان كبيراً جداً بما يكفي للتسبب في تراجع بمجال الجاذبية الأرضية هناك.

ونشرت هذه النتائج في أحدث طبعة من جريدة “رسائل الأبحاث الجيوفيزيائية”، حيث اعتمدت على القياسات التي أجريت على مدى أربع سنوات من 2009 وحتى 2013.

وفي هذه الفترة قام القمر الصناعي GOCE”” التابع لوكالة الفضاء الأوروبية بعمل خريطة لحقل الجاذبية الأرضية، التي يمكن أن تختلف من منطقة لأخرى، بسبب التغيرات في الكتلة.

وسجل القمر الصناعي في هذه المنطقة غرب القارة القطبية الجنوبية تراجعا في مجال جاذبية الأرض هناك بسبب فقدان الجليد الواسع في هذه المنطقة.

وتقول جريدة “Live Science” العلمية إنه عندما تذوب الصفائح الجليدية الضخمة يكون هناك جليد أقل، وبالتالي قوة جاذبية أقل.

وتشير القياسات الدقيقة التي أجريت في غرب القارة القطبية الجنوبية أنها فقدت نحو 230 مليار طن من الجليد سنوياً بين عامي 2009 و 2012، كما ورد في تقارير “NBC”.

ووفقا لدراسات نُشرت في وقت سابق من هذا العام، تقول “ان بي سي” أيضاً إن هذه المنطقة من القارة القطبية الجنوبية قد مرت بنقطة تحول في تاريخها، مع حدوث هذا الانهيار، الذي لا يمكن إيقافه.

هذا ويخطط فريق البحث في وكالة الفضاء الأوروبية الآن لتحليل فقدان الجليد في جميع أنحاء القارة القطبية الجنوبية.

تغيرات مناخية خطيرة

توصل العلماء إلى أن الجليد يذوب في كل مكان يوجد فيه، خاصةً في القطبين الشمالي والجنوبي، وسيكون لذلك انعكاسات كبيرة وخطيرة على المياه في هذا الكوكب، وارتفاع مستوى البحار والمحيطات، وسيختفي نتيجة لذلك عدد كبير من الجزر المتناثرة في المحيطات، كما ستخسر البلدان الساحلية جزءاً مهماً من أراضيها، مما سيعكس سلباً على إنتاجيتها الاقتصادية ومواقعها السياحية والثقافية، هذا ويتوقع ارتفاع مستوى البحار بين 20 و 50 سنتيمتر بحلول عام 2100.

وأوضح العلماء أن العالم يمر حالياً بتغيرات مناخية وسخونة في درجات الحرارة لم تشهدها الأرض في تاريخها، ونتيجة لذلك:

– ازدياد الفيضانات والعواصف المدمرة

– ازدياد فترات الجفاف الطويلة، واتساع ظاهرة التصحر، وانتشار الحرائق.

– انتشار الأوبئة والمجاعات على نطاق واسع وخطير.

– تكاثر الحشرات خارج نطاق السيطرة وتدميرها للغابات.

– تدمير الحيود المرجانية والبيئات البحرية.

– توقع زوال ثلوج القطب الشمالي في غضون (7-5) سنوات.

ارتفاع الحرارة واتساع طبقة الأوزون

هناك علاقة بين التغيرات المناخية والأوزون في الهواء بين السماء والأرض في الجزء الأعلى من الغلاف الجزى وأن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي اتساع ثقب الأوزون.

وقد سجل الباحثون الاستراليون لأول مره منذ ما قرب من ربع قرن انكماش ثقب الأوزون فوق القطب الجنوبي، وأن هذا الانكماش ظهر في النصف الثاني من التسعينات وأن العودة لما كان عليه في الثمانينات لا يظهر غير مع حلول عام 2085.

وكانت الأمم المتحدة قد حذرت من أن الثقب في طبقة الأوزون، ذلك الحاجز الحساس من الغازات الذي يحمي الأرض من الجزء الضار من أشعة الشمس- فوق الدائرة القطبية الشمالية بلغ أعلى مستوى له، بسبب استمرار وجود مواد ضارة في الجو، حيث أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة أن كمية الأوزون التي تحمي الأرض من الأشعة فوق البنفسجية تراجعت إلى معدلات قياسية فوق القطب الشمالي بسبب استمرار تواجد المواد المضرة بالأوزون في الجو وحذرت من شتاء قارس البرودة في الطبقة العليا من الغلاف الجوي.

وتقوم طبقة الأوزون بحماية الأرض من الأشعة فوق البنفسجية ذات الآثار الضارة على الصحة.

وأوضحت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن طبقة الأوزون تحمي الأرض من أشعة الشمس فوق البنفسجية الضارة، لكن سمك الطبقة فوق القطب الجنوبي يتضاءل كل عام بسبب انبعاثات غازي الكلور والبرومين الناتجين عن المركبات الكيميائية التي يصنعها الانسان مما يؤدى إلى تآكل طبقة الاوزون باتجاه طبقات الجو العليا.

وحذر العلماء من أن تزايد انبعاث ثاني أكسيد الكربون وغازات أخرى سيؤدي إلى رفع متوسط حرارة الأرض بمقدار من 5ر1 إلى 5ر4 درجات مئوية بحلول النصف الثاني من القرن الحالي.

حقائق عن القطب الجنوبي

القارة القطبية الجنوبية أو القطب الجنوبي يعتبر أكثر المناطق برودة في العالم واليوم سنعرض بعض الحقائق المذهلة عن القطب الجنوبي في مجموعة نقاط قصيرة:

– القطب الجنوبي هو المكان الأشد برودة في العالم كله، حيث وصلت درجة الحرارة في محطة “فوستوك” في القطب الجنوبي إلى 89.2 درجة مئوية تحت الصفر، وذلك بالتحديد في يوم 21 يوليو 1983.

– الأودية الجافة في القطب الجنوبي هى الأكثر جفافاً على وجه الأرض وذلك بسبب انخفاض الرطوبة ويكاد تكون تلك الأودية خالية من الثلج أو الغطاء الجليدي.

– تصل سرعة الرياح في القطب الجنوبي إلى 320 كيلومتر في الساعة.

– تعد القارة القطبية الجنوبية خامس أكبر قارة في العالم بعد قارات آسيا وأفريقيا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية.

– القطب الجنوبي الجليدي هو أكبر كتلة جليدية على وجه الأرض.

– يغطي الجليد حوالي 99% من القطب الجنوبي.

– القطب الجنوبي يوجد به حوالي 70% من المياه العذبة الموجودة على كوكب الأرض، كما يحتوي القطب الجنوبي على 90% من المياه العذبة الجليدية.

– في حالة ذوبان الجليد الموجود في القطب الجنوبي فإن ذلك سيرفع متوسط مستويات سطح البحر في العالم بنسبة 5 متر وفقاً لبعض التقديرات.

– لم يتم اكتشاف القطب الجنوبي إلا في عام 1820 ولكن لم يتم التأكد من أنها قارة كاملة وليست مجموعة من الجزر، إلا منذ 30 عاماً تقريباً.

– القطب الجنوبي غير مأهول بالسكان فلا يستطيع بشر العيش في درجات الحرارة القارصة الموجودة في القطب الجنوبي.

– معظم الأماكن الموجودة في القطب الجنوبي تكون مظلمة تماماً خلال شهر الشتاء مثله مثل القطب الشمالي بسبب درجة ميل الأرض.

– الحيوان الأكثر انتشاراً في القطب الجنوبي ليس البطريق كما يشاع ولكن الدودة الخيطية الصغيرة هى أكثر مخلوق يعيش في القطب الجنوبي.

.