حديث حول الديمقراطية الأوروبية

الدليل ـ برلين

بينما خرج عشرات الآلاف إلى الشوارع في أنحاء العالم في 13 أكتوبر/ تشرين الأول للتعبير عن تضامنهم مع الفلسطينيين، حظرت كل من ألمانيا وفرنسا كل هذه الاحتجاجات.

وأطلقت الدولتان، وبهما أكبر جاليتين يهودية ومسلمة في دول الاتحاد الأوروبي، حملة لكبح الجماعات المؤيدة للفلسطينيين منذ معركة “طوفان الأقصى” التي أطلقتها حماس وفصائل المقاومة في 7 أكتوبر الجاري.

وتقول الحكومتان إن القيود تهدف إلى وقف الاضطرابات العامة ومنع “معاداة السامية”.

لكن المؤيدين للفلسطينيين يقولون إنهم يشعرون بأنهم ممنوعون من التعبير علنًا عن دعمهم، أو عن قلقهم على الناس في قطاع غزة، دون المخاطرة بتعرضهم للاعتقال أو فقد وظائفهم أو وضعهم كمهاجرين.

ففي ألمانيا، قال متحدث باسم الشرطة: إن شرطة برلين وافقت على طلبين لتنظيم مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين، وكان طلب التصريح بهما مقدم على أنهما وقفتين صامتتين.

لكن تم رفض السماح بسبعة على الأقل، بما في ذلك واحدة تحت شعار (يهود برلين ضد العنف في الشرق الأوسط) والأخرى تحت شعار (شباب ضد العنصرية). وتم اعتقال 190 شخصًا على الأقل خلال احتجاجات.

وقال نائب مدير منظمة “هيومن رايتس ووتش”: “قانون حقوق الإنسان لا يسمح للحكومة بالقول بشكل عام إن هناك مخاوف بشأن العنف، واستخدام ذلك كمبرر لحظر الاحتجاجات”.

وأضاف: “السؤال هو ما إذا كان ذلك متناسًبا، وأعتقد أن هذا هو ما يثير القلق”.

ومنعت المجر والنمسا أيضًا احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر، بينما خرجت في بقية أوروبا مسيرات كبيرة مؤيدة للفلسطينيين مع قيود أقل.

مسؤولية تاريخية

ويوجد في برلين أكبر جالية للفلسطينيين في المهجر خارج الشرق الأوسط، وبالتالي يتزايد القلق إزاء ما يحدث في غزة، حسب وكالة رويترز.

وفي احتجاج بدون تصريح في برلين قال فلسطينيون تحدثوا إلى “رويترز” إنهم قلقون من التحدث علنًا، خوفًا من وصفهم بأنهم مؤيدون لحماس في بلد يُعتبر فيه دعم إسرائيل من المقدسات. ونحن خائفون، قلقون من اتهامنا بتبرير الإرهاب، في حين أننا نريد فقط دعم قضية إنسانية“.

بدوره، قال المستشار أولاف شولتس: “إن تاريخنا ومسؤوليتنا عن المحرقة يجعل من واجبنا في كل لحظة الدفاع عن وجود إسرائيل وأمنها”، حسب قوله.

هذا وقد أقر البرلمان الألماني بالإجماع إدخال زيادة كبيرة على المساعدات الحكومية المخصصة للمجلس المركزي لليهود في ألمانيا.

وبموجب القرار، سيتم زيادة المساعدات السنوية للمجلس المركزي لليهود في ألمانيا من 13 إلى 22 مليون يورو على أن تسري هذه الزيادة أيضا على العام الجاري.

وأبلغت سلطات التعليم في برلين المدارس أنها يمكن أن تمنع الطلاب من وضع الكوفية الفلسطينية ورفع ملصقات “فلسطين حرة”.

وقال فيليكس كلاين، مفوض الحكومة الألمانية لمكافحة معاداة السامية: إن تاريخ البلاد يعني أنه يتعين عليها أن تكون يقظة بشكل خاص.

وحتى قبل 7 أكتوبر، كانت ألمانيا تقيد المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، إذ حظرت سلطات برلين العديد منها لأسباب تتعلق بالسلامة العامة.

وقالت منظمة العفو الدولية في سبتمبر/ أيلول: إن الأسباب التي تعلل بها الشرطة الألمانية القيود على المجموعات المؤيدة للفلسطينيين تستند على ما يبدو إلى “قوالب نمطية من التشويه والتمييز“، مستشهدة بإشارات في أوامر الشرطة إلى أشخاص “من الجالية العربية، لاسيما من ذوي الخلفية الفلسطينية”.

فرنسا تضيق الخناق

وفي فرنسا كانت المجموعات المؤيدة للفلسطينيين تواجه أيضًا قيودًا قبل السابع من أكتوبر.

وأسقطت محكمة عليا حكمًا العام الماضي بحظر منظمتين، هما (رابطة فلسطين ستنتصر) و(لجنة العمل من أجل فلسطين)، قائلة: إن مواقفهما “الجريئة، وحتى المعادية” لا تشكل خطاب كراهية أو إرهاب.

وأعلن وزير الداخلية الفرنسي دارمانان أنه أطلق إجراءات قضائية بتهم “معاداة السامية والدفاع عن الإرهاب ودعم حماس” ضد 11 منظمة، بينها (رابطة فلسطين ستنتصر) وأيضًا (لجنة العمل من أجل فلسطين) اللتان تنفيان الاتهامات.

وفي مذكرة حول مجموعة من الاحتجاجات، قالت أجهزة المخابرات الفرنسية: إن هذه الاحتجاجات ستجذب “عناصر متطرفة من اليسار المتطرف، وقريبة من الحركات الإسلامية وشبابًا من الأحياء غير المستقرة”.

وأعلن الوزير دارمانان أن فرنسا شهدت “327 فعلًا معاديًا للسامية منذ السابع من أكتوبر، وأُلقي القبض على 183 شخصًا بتهمة معاداة السامية أو تبرير الإرهاب”، حسب قوله.