بين الدعوة الدينية .. والشطارة التجارية

مصطفى السيد ـ برلين

عندما دخل الإسلام أوروبا، كانت الدعوة تتم على يد أشخاص، كان شغلهم الشاغل نشر الدين، لذ كان هؤلاء ـ وقتها ـ مثل يحتذي به في الاستقامة والمعاملات الإنسانية، بجانب تدينهم.  هؤلاء الدعاة الأوائل عملوا أيضا على لم شمل الجالية ـ وقتها ـ كما حرصوا على أن تكون الجالية جزء من المجتمع المحيط، وعاشت الجالية في سلام.

الآن حال الجالية لا يسر، فقد تغيرت الدنيا وتغير الدعاة أيضاً.  مع العولمة.. تعولم الدعاة، فغلبت الماديات على الروحانيات، ودخل الجميع ـ الدعاة والرعية ـ في عالم الحسابات. فكم من أشخاص يدعون أنهم “دعاة” يعملون في سبيل الله، امتلأت جيوبهم من أموال “الرعية”، صدقات كانت أم تبرعات.

بعض هؤلاء المُدعين يتخفون في العمل داخل جمعية أو رابطة، ومنهم من يعمل لحساب نفسه ” أعمال حرة”.  وكم من شركات ومحال تجارية أنشئت من أموال “الرعية”، الذين يتبرعون ـ بحسن نية ـ في سبيل الله.

هنا في برلين قصص كثيرة يتناولها الناس تتحدث عن منازل وشركات وفيلات أقيمت من أموال “الرعية”.. الكل هنا يعرف. ورغم أن كل الرعية تعرف.. وتسمع.. وتتحدث.. إلا أنهم ما زالوا يدفعون !

الجديد في أمر ” دعاة عصر العولمة”، الذين جاءوا من بلدانهم ـ فقط ـ في سبيل الدعوة، أن يعمل الداعية ” داعية وتاجر سيارات”، أو ” داعية وصاحب مكتب” أو مثلاً ” داعية وحانوتي” !!

المحزن في الأمر أن أغلبية هؤلاء الدعاة لا يملكون التأهيل العلمي والديني للتصدي لأمور الدعوة، وبعض من يملكون المؤهلات الدينية شغلوا أنفسهم بأمور ” البزنس” !!

فما أرخص التجارة باسم الدين… وللإسلام رجاله.