انحسار أسباب انتشار التعصب والكراهية في ألمانيا

الدليل ـ برلين

قضية الهجرة واللجوء ما تزال محط اهتمام واسع خصوصا وان هذا الملف قد شهد تطورات ومتغيرات مهمة في الفترة الأخيرة وأعلن وزير الداخلية في وقت سابق خطته الرئيسية للهجرة واللجوء، وقال الخطة الرئيسة هي خطة تخص وزارة الداخلية، وستحدث تحولًا في سياسة اللجوء.

وأوضح أن الخطة المكونة من 24 صفحة “تهدف لتدشين نظام حدودي جديد؛ لمنع طالبي اللجوء المسجلين في دول أوروبية أخرى من دخول البلاد”. وتابع: “سننشئ على الحدود مراكز عبور يتجمع فيها طالبو اللجوء المسجلون في دول أوروبية أخرى، تمهيدًا لإعادتهم لهذه الدول”. وأضاف سأعمل على تكوين صورة كاملة عن طبيعة الاتفاقات التي نحتاجها مع الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي بشأن استعادة طالبي اللجوء المسجلين في هذه الدول”.

في هذا الشأن قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن حكومتها ستكثف وتسرع وتيرة ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين بعد أن طالبها مئات من المتظاهرين من اليمين المتطرف بالاستقالة بسبب سياساتها المتعلقة بالهجرة. ونظمت حركة أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب (بيجيدا) المناهضة للإسلام احتجاجات ضد قرار ميركل عام 2015 فتح حدود البلاد واستقبال نحو مليون لاجئ أغلبهم من دول إسلامية. تسبب ذلك في تنامي الشعور المناهض للمهاجرين وساهم في الدفع بحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف لدخول البرلمان في انتخابات جرت العام الماضي

وقالت ميركل إنها تدرك أن قرارها المتعلق باللاجئين أقلق الناخبين وأثار مخاوف بشأن قدرة الدولة على التصرف في الأمر وعدم خروجه عن السيطرة. وأضافت ”أوضحت أن لدينا وضعا الآن لم تحل فيه كل المشكلات خاصة فيما يتعلق بعمليات الترحيل التي تظل مشكلة كبيرة“. وتابعت قائلة ”الحكومة الاتحادية ستتولى مزيدا من المسؤوليات في هذا الشأن خاصة من خلال المساعدة على إصدار الوثائق المطلوبة“.

مزيد من اللاجئين يعثرون على وظائف

تفيد بيانات صدرت أن عددا متناميا من اللاجئين يعثرون على وظائف الأمر الذي سيكون مطمئنا لداعمي قرار المستشارة أنجيلا ميركل بالسماح بدخول مئات الآلاف من اللاجئين الفارين من الحروب منذ 2015. كانت أرقام أظهرت تمكن الشركات الألمانية من جذب مزيد من الدارسين إلى برامج التدريب المهني والعملي.

وستغذي الأرقام السجال الدائر عن تأثير قرار ميركل في 2015 فتح الحدود أمام أكثر من مليون مهاجر، الكثير منهم لاجئون من مناطق حروب في العراق وسوريا وأفغانستان. ويقول منتقدون مثل حزب البديل اليميني المتطرف إن المهاجرين يثقلون كاهل نظام الرعاية الاجتماعية والاقتصاد.

لكن مدير مكتب العمل أبلغ وكالة الأنباء الألمانية أنه لا يوجد ما يدعو للإفراط في التشاؤم بخصوص قدرة البلد على استيعاب العدد الضخم من المهاجرين. وقال ”كل هذا يمضي على ما يرام تماما“ مضيفا أن الأعداد أفضل قليلا من المتوقع. وقال ”هذه أرقام جيدة، مع الأخذ في الحسبان أيضا أن الناس يأتون إلى هنا لأسباب إنسانية وليس للعثور على وظيفة“.

وأوضحت بيانات مكتب العمل أن عدد المهاجرين الموظفين من الدول الثماني التي يأتي منها أكبر عدد من طالبي اللجوء زاد أكثر من 100 ألف في شهر مايو مقارنة مع الشهر نفسه في العام الماضي، ووصل العدد إلى 307 آلاف.

تغيير المسار

قام بعض أصحاب الأعمال والسياسيين بإطلاق دعوة باسم “تغيير المسار”، وتعني في الأساس أن يتمكن طالبو اللجوء الذين رفضت طلبات لجوئهم من البقاء في ألمانيا بموجب قانون للهجرة، وذلك إذا حققوا مستوى جيداً في الاندماج وحصلوا على فرصة عمل تؤمن لهم معيشتهم دون الحاجة إلى مساعدة من الدولة.

تجدر الإشارة إلى أن بعض الأصوات في الأوساط الاقتصادية شكت مؤخراً من ترحيل طالبي لجوء رغم تلقيهم تدريباً مهنياً واندماجهم في المجتمع على نحو جيد. وأُثير النقاش حول هذا الأمر من جانب رئيس حكومة ولاية شليزفيغ-هولشتاين والعضو في مجلس رئاسة الحزب المسيحي الديمقراطي دانيل غونتر. ورفضت المستشارة ميركل هذا المقترح، بينما يرغب شريكها في الائتلاف، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، في تطبيق سياسة “تغيير المسار”.

و قالت رئيسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي أندريا نالس: “نحتاج إلى الأفراد المندمجين على نحو جيد والذين لديهم فرصة عمل… تغيير المسار عنصر يساعد في تحقيق ذلك”.

نقص الأيدي العاملة

كشف تقرير أن الحكومة ستتخذ قرارا قريبا بشأن اقتراح يسهل على العمالة الماهرة من خارج الاتحاد الأوروبي الانتقال إلى ألمانيا للعمل حيث تسعى الحكومة لسد نقص حاد في الأيدي العاملة. وقد تكون لمثل هذه الخطط حساسية في بلد يسوده اتجاه مناهض للهجرة.

يهدف الاقتراح الجديد بشكل أساسي لتخفيف سياسة الهجرة للمتخصصين من خارج الاتحاد الأوروبي نظرا لأن مواطني دول الاتحاد يتمتعون بحرية الحركة للعمل داخل التكتل. وأصبح نقص العمالة الماهرة وقلة عدد الشباب المستعدين للالتزام بتدريب وظيفي، يصل إلى ثلاثة أعوام ونصف العام، من أهم مصادر قلق مديري الشركات في أكبر اقتصاد أوروبي. وتعلق ألمانيا آمالا على اللاجئين الذين وصلوا إليها لسد الفجوة في القوة العاملة، لكن نقص العمالة الماهرة أبطأ العملية.

وقال مكتب العمل الاتحادي إن 1.2 مليون وظيفة ما زالت شاغرة في ألمانيا. وذكر التقرير أن وزارات الداخلية والعمل والاقتصاد اتفقت على توظيف المزيد من العمالة الأجنبية الماهرة في البلاد. ويقترح التقرير أن تتخلى الحكومة عن إلزام الشركات بتفضيل المواطنين الألمان لشغل الوظائف الشاغرة قبل البحث عن مواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي.

وأضاف التقرير أن القادمين الجدد لن يستفيدوا من مزايا التأمين الاجتماعي خلال هذه الفترة، لكن سيسمح لهم بالعمل في وظائف أقل من مؤهلاتهم لكسب المال. وقال التقرير إن إجراءات تحديد الكفاءة في ألمانيا ستكون أسرع وأسهل مضيفا أن الحكومة تخطط لحملة ترويجية في البلدان المختارة.

الاتحاد الأوروبي يحذر من آثار القومية المدمرة

هذا وقد وحذرت المفوضية الأوروبية من التأثيرات المدمرة “للقومية والعنصرية” على المجتمعات خلال الرسالة التي نشرتها بمناسبة ذكرى ضحايا الأنظمة الاستبدادية بالقارة. وأكدت الرسالة ـ التي نشرت في فترة يتنامى فيها التيارات الشعبية اليمينية في أوروبا ـ أن القومية تجعل الدول فقيرة وضعيفة وغير آمنة أخلاقيا، لأن بحثها الدائم عن عدو وازدرائها الآخرين وحاجتها للشعور بالسيادية يجعل التعاون مع الشعوب الأخرى أكثر صعوبة. وشددت على ضرورة عدم الانخراط في كراهية الآخرين أثناء حل المشكلات التي تتعرض لها أوروبا.

وأخيراً .. أيد غالبية الألمان في استطلاع للرأي إعطاء طالبي اللجوء، الذين رفضت طلبات لجوئهم فرصة للبقاء في ألمانيا حال كانوا منخرطين بالفعل في عمل أو تدريب مهني. فقد أظهر استطلاع للرأي ـ  نُشرت نتائجه في 22 أغسطس ـ أن 58 بالمائة من الذين شاركوا فيه أيدوا ذلك، بينما عارض الأمر 31 بالمائة، في حين ذكر 4 بالمائة من الذين شملهم الاستطلاع أنهم لا يريدون تطبيق الترحيل بوجه عام.