الغرب يكثف حملته على تركيا

إبراهيم بدوي

.

أين ذهبت مساعدات اللاجئين

أثار رفض السلطات التركية تسليم قائمة بأسماء المستفيدين من الأموال المخصصة لمساعدة اللاجئين في تركيا، الشكوك حول كيفية إدارة هذه المساعدات.

وقال ديوان المحاسبة الأوروبي، في تقرير، إنه دقق في مساعدة أولية بقيمة 1.1 مليار يورو مخصصة لحوالي 4 ملايين لاجئ في تركيا، أساسا من السوريين.

وقال: “يمكننا أن نلاحظ بأن الأموال تخصص للاجئين، لكن لا يمكننا أن نتأكد كليا بأن كل الأموال تصل إليهم. هناك شكوك”.

وأعرب الديوان عن الأسف لعدم تمكنه من معرفة المستفيدين من المساعدات، من وقت تسجيل الأسماء حتى تلقي المال فعليا، لرفض أنقرة كشف أسماء المستفيدين ونوع المساعدة التي تم تلقيها.

وبحسب المسؤولة التي تعمل منذ أكثر من 3 سنوات في الديوان، فإنها المرة الأولى التي تواجه فيها المؤسسة مثل هذا الرفض.

وأوضحت أن وكالات الأمم المتحدة وهيئات أخرى مشاركة في مشاريع مرتبطة بهذه المساعدات “خففت هذه المخاطر”، من خلال فرض مراقبة داخلية.

وفي توصياته، طلب الديوان من المفوضية الأوروبية الضغط على أنقرة لكشف بيانات المستفيدين من الجزء المقبل من المساعدات (3 مليارات يورو نهاية 2018 و2019).

وقال الديوان في التقرير: “في ظروف صعبة ساعدت المشاريع الإنسانية اللاجئين على تأمين حاجاتهم الأساسية، لكن استخدام الموارد لم يكن دائما صائبا”.

كما تحدث عن خلافات بين المفوضية والسلطات التركية، حول تطبيق مشاريع مساعدة تتعلق بتأمين المياه وإنشاء شبكة لمياه الصرف الصحي وجمع النفايات. وغادر القسم الأكبر من اللاجئين المخيمات للعيش في المدن.

ويرى الديوان أن “فعالية” المشاريع الإنسانية يمكن تحسينها، منتقدا “عدم تحقق المفوضية بشكل صحيح وشامل ما إذا كانت التكاليف المدرجة على الموازنة معقولة” عند دراستها.

ترحيل السوريين

وتشن السلطات التركية منذ أكثر من أسبوع حملة ضد العمالة السورية والأجنبية غير المرخصة في مختلف أنحاء البلاد، الأمر الذي أثار سخط مئات الآلاف من العاملين السوريين الذي يمارسون عملهم منذ سنوات.

وطرحت الحملة، التي أطلقتها السلطات التركية مؤخرا وتضرر منها لاجئون سوريون وعراقيون وغيرهم، تساؤلات عدة بشأن توقيتها، إذ صب كثير من هؤلاء جام غضبهم على الحكومة، التي يرأسها حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان.

ويلجأ غالبية أرباب العمل العرب وبعض الأتراك إلى تشغيل عمال عرب بدون تصاريح لتجنب تسديد الاستحقاقات الضريبية للحكومة، إذ إن القانون التركي ينص على ضرورة تشغيل 5 عمال محليين مقابل الترخيص لعامل غير تركي.

وشهدت حملة الانتخابات البلدية هذا العام انتشارا للخطاب المعادي للسوريين على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال وسم “السوريون ارحلوا”.

وشملت الحملة التي انطلقت تحت شعار “أمان وراحة تركيا” التي شنتها السلطات التركية في محطات المترو والحافلات والأحياء التي يتركز فيها أعداد كبيرة من السوريين، إغلاق محلات تجارية يملكها أصحاب جنسيات مختلفة، من بينها سورية وعراقية على وجه التحديد، والطلب من وافدين سوريين لا يحملون هوية للإقامة في إسطنبول بمغادرتها.

وأمهلت سلطات ولاية إسطنبول السوريين المقيمين بشكل غير قانوني في المدينة للمغادرة، مغادرتها في موعد أقصاه 20 أغسطس.

اللعب مع الكبار

على مدار الأعوام القليلة الماضية، وبينما كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يشن هجوماً أقوى من أي وقت مضى ضد الولايات المتحدة وأوروبا وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، دعا المسؤولون والمهتمون بالشؤون الخارجية في واشنطن إلى التحلي بالصبر. واعتبر هؤلاء أن مواقف أردوغان المتشددة، والتي تستهدف بمعظمها الرأي العام المحلي أولاً، هي بمثابة مصدر محدود للإزعاج، ولم تكن تعد مبرراً كافياً لأن يتخلى الغرب عن تركيا. وتابعت الشبكة أنه “حان الوقت للاعتراف بحدوث المزيد من الإزعاج، حيث إن تركيا تخلت عن الغرب مع سابق القصد والنية”.

واعتبرت “بلومبيرغ” أن تصرفات أردوغان تتسق حاليا مع لغة خطابه. وفي هذا السياق، يُعد قراره بتسلّم منظومة الدفاع الصاروخي الروسية الصنع “إس 400” تحدياً واضحاً لحلف الناتو. وقد حذر المسؤولون الغربيون منذ فترة طويلة من إتمام هذه الصفقة.

في سياق آخر، صعدت تركيا التوترات مع أوروبا في جبهة أخرى، حسب “بلومبيرغ”، وذلك من خلال إرسال سفن التنقيب عن الغاز الطبيعي إلى مياه البحر المتوسط الشرقية، قبالة سواحل قبرص.

لكن “بلومبيرغ” اعتبرت أنه يجب على أردوغان “الآن أن يتحمل مغبة خياراته”، مذكرةً أن الاتحاد الأوروبي يقوم بالفعل الآن بتجميد الاتصالات رفيعة المستوى مع تركيا، وقد بدأ في قطع مساعداته المالية لها.

واعتبرت “بلومبيروغ” أن “الولايات المتحدة بحاجة هي الأخرى إلى المضي قدماً. وفي المراحل التالية، يوجد أمام الإدارة الأميركية قائمة طويلة من العقوبات الممكن فرضها على تركيا للمفاضلة فيما بينها، مثل تجميد أصول مالية خاصة بكبار المسؤولين الأتراك، وحجب القروض الكبيرة عن تركيا، أو إزالة تركيا من النظام المالي الأميركي بالكامل، حسب “بلومبيرغ” التي أضافت أنه “يجب أن يكون الهدف هو البدء بضبط النفس، لكن يجب فرض العقوبات بسرعة ما لم يعيد أردوغان التفكير ملياً في سوء تقديره ومدى جدوى صفقة الصواريخ الروسية”.

قواعد بديلة للناتو

وتابعت: “إذا فشلت تلك الإجراءات في ردع أردوغان، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيون سيحتاجون إلى مواجهة سؤال أكبر: هل يمكن اعتبار تركيا حليفا موثوقا به؟”. وذكّرت أنه “على الرغم من أن قواعد الناتو لا تسمح بطرد أي عضو من الحلف، إلا أن هناك قضايا عملية أكثر خطورة يجب مراعاتها، بما في ذلك تواجد عسكريين غربيين وعتاد وأسلحة عسكرية، من بينها أسلحة نووية، في قواعد الناتو في تركيا”.

وذكّرت “بلومبيرغ” أنه “في السنوات الأخيرة، كان بعض قادة الناتو يبحثون في جميع أنحاء الشرق الأوسط عن مواقع بديلة لهذه القواعد، وبوصول شحنات صواريخ “إس 400″ إلى تركيا، يتحتم الإسراع بإتمام عملية البحث”. وختمت: “لا يوجد أدنى شك في أن أردوغان قد حدد خياره في هذا الخلاف. وينبغي على الغرب أن يستعد للمضي قدماً بدون تركيا”.

.