الدولة البوليسية قادمة لا محالة

الداخلية الألمانية تتبني قانونا للحصول على بيانات المواطنين الشخصية

غادة غالب

تلجأ سلطات الأمن الألمانية على نحو متزايد إلى مراقبة الهواتف الجوالة للأفراد المشتبه بهم. فقد ذكرت الحكومة الألمانية ردا على طلب إحاطة من الكتلة البرلمانية لحزب “اليسار” أن هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) أرسلت في النصف الأول من هذا العام أكثر من 103 آلاف رسالة صامتة لتحديد موقع الهواتف الجوالة، بزيادة قدرها الضعف تقريبا مقارنة بأربعة أعوام ماضية.

وكشفت صحيفة “واشنطن بوست” عن عرض أنظمة مراقبة يمكنها أن تتبع سرًا مستخدمو الهواتف المحمولة فى جميع أنحاء العالم للبيع، وقالت الصحيفة، إن صناع أنظمة المراقبة يقدمون للحكومات، فى جميع أنحاء العالم، القدرة على تعقب تحركات المواطنين، سواء كانوا على بعد عدة مبانٍ أو فى قارة أخرى.

جمع البيانات لمكافحة الجريمة

والآن تريد الشرطة الألمانية، مثلها مثل العديد من خدمات إنفاذ القانون في دول العالم، الوصول، ليس فقط إلى بيانات الهاتف، ولكن أيضًا للمعلومات التي تُجمع بواسطة المساعدين الرقميين مثل Google Home وAmazon Echo.

وتخطط ألمانيا لمناقشة هذه المسألة في اجتماع لوزراء داخلية الاتحاد الأوروبي. وطرح متحدث باسم وزارة الداخلية هذا الموضوع، في مؤتمر صحفي، وقال: «لمحاربة الجريمة بشكل فعال، من المهم جدًا أن تتمتع السلطات بإمكانية الوصول إلى البيانات التي تم جمعها بواسطة هذه الأجهزة».

وهذا يفجر أجراس الإنذار لأولئك الذين يراقبون حقوق الخصوصية الرقمية.

وقالت جانيت هوفمان، أستاذة سياسات الإنترنت في الجامعة الحرة في برلين وعضو خبير في التحقيق الذي أجراه البرلمان الألماني في مجال الإنترنت والبرلمان: «إنهم يدركون تمام الإدراك أن ما يخططون القيام به غير دستوري. وأتوقع أن تتدخل وكالات حماية البيانات والمجتمع الرقمي».

وأضافت: «لا يزال المنزل مكانًا مقدسًا مقارنة بما يحدث في الأماكن العامة. لذلك فإن احتمال تتبع كل ما تفعله في المنزل والبيانات المقدمة لإنفاذ القانون، أمرًا مخيفًا للغاية».

ومن المؤكد أن ألمانيا ليست الدولة الوحيدة التي تتصارع مع مواطنيها على الخصوصية الرقمية. ولكن بسبب تاريخها، تعاني ألمانيا وضعا حساسا بشكل خاص فيما يتعلق بحقوق الخصوصية، حيث ثبتت بعض من أقوى قوانين الخصوصية في العالم.

وقال خبير الأمن السيبراني سفين هيربيج، إن السياسات الألمانية كانت داعمة للتشفير لهذا السبب بالذات.

وأضاف: «السياسة التي اتبعناها على مدار العشرين عامًا الماضية تقول إننا لا نلمس التشفير، ولا نضعفه، ولا نبني خلفيات، ويجب أن يجد تطبيق القانون طريقة أخرى للوصول إلى البيانات».

وتابع: «عليك أن تنظر إلى التجربة التاريخية مع المراقبة من قبل النظام النازي، ومن ثم من قبل الشرطة السرية الشيوعية الألمانية الشرقية شتازي… نحن لدينا تاريخ قوي في المراقبة الحكومية».

ولكن في حالة المساعدين الرقميين مثل Google Home أو Amazon Echo، فإن الكثير من البيانات التي يتم جمعها لا يتم الاحتفاظ بها في ألمانيا، ولكن في البلدان الخارجية، وخاصة الولايات المتحدة.

والتقى الاتحاد الأمني للمفوضية الأوروبية، لتقييم المقترحات التي تسمح لأي عضو، بما في ذلك ألمانيا، بالوصول إلى الأدلة الرقمية التي تم جمعها في بلد آخر.

وقال جوليان كينج، مفوض الاتحاد الأمني، في بيان: «لفترة طويلة للغاية، يسيء المجرمون والإرهابيون إلى التكنولوجيا الحديثة لارتكاب جرائمهم».

وأضاف: «من خلال وضع معايير دولية للوصول إلى الأدلة الإلكترونية، نتخذ خطوة أخرى لإغلاق المجال الذي تعمل فيه الشبكات الإرهابية والإجرامية، من خلال ضمان أن سلطات إنفاذ القانون يمكنها التحقيق بشكل فعال ومحاكمتهم، مع المراعاة الكاملة للحقوق الأساسية».

الأدلة الرقمية كدليل جنائي

ووفقًا للمفوضية الأوروبية، هناك حاجة إلى أدلة رقمية في حوالي 85% من التحقيقات الجنائية، وفي ثلثي هذه الحالات يجب الحصول على الأدلة من مقدمي الخدمات الخارجيين، خاصة في الولايات المتحدة.

لكن جماعات الحقوق الرقمية في ألمانيا انتقدت مقترحات الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أنه يمكن تخريب قوانين الخصوصية الصارمة في ألمانيا، وتجادل بأن المقترحات الحالية لا تأخذ في الاعتبار ما إذا كانت الجريمة المرتكبة في بلد ما تعتبر بالضرورة جريمة في بلد آخر.

وأوضحت إليزابيث نيكرينز من جمعية المجتمع الرقمي، وهي هيئة رقابة على الحقوق الرقمية، أن «مثل هذا النظام لن يكون له معنى إلا إذا كان هناك إجماع في الاتحاد الأوروبي أو اتفاقا دوليًا على ما يشكل جريمة وتطبق نفس الإجراءات الوقائية». «وإذا كان الإجهاض جريمة جنائية في دولة واحدة وليس في دولة أخرى، فلا ينبغي إجبار مقدمي الخدمات في هذه الحالة على تقديم أدلة على مثل هذه الأحداث».

هذا وقد أصدرت الداخلية الألمانية بيانا يشير إلى احتمال تبني قانون جديد للحصول على بيانات الأشخاص الشخصية من هواتفهم الذكية ومن الأدوات المنزلية المطورة تقنيا مثل أليكسا وغوغل هوم.

.