إيران ـ أمريكا: “نحن من يدفع الثمن”

إيران, أمريكا والعرب

هشام عبد الخالق

تدق طبول الحرب أبواب الشرق الأوسط، المنطقة الأكثر سخونة منذ سنوات، معلنة قرب بدء حرب جديدة بين الولايات المتحدة الأمريكية، وأحد أكثر ألد أعدائها منذ سبعينيات القرن الماضي ألا وهي إيران.

ورغم ما يحيط المنطقة من مناوشات وحوادث تشير بأصابع الاتهام لإيران، كان آخرها وقوع استهداف محدود لمحطتي ضخ بتروليتين تابعتين لشركة أرامكو السعودية الثلاثاء. وأدى هذا لاتهام إيران بالسعي لبدء حرب جديدة في المنطقة؛ إلا أن السياسي الأردني البارز رحيل غرايبة، يرى أن ما يحدث الآن هو بمثابة “السيرك”، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”.

وقال غرايبة، في محادثة هاتفية مع الصحيفة الأمريكية: “ما يحدث الآن ليس إلا محاولة لزيادة الضغط على إيران”.

وتقول الصحيفة، إن عددًا كبيرًا من السياسيين البارزين ورجال الأعمال شبهوا ما يحدث الآن من واشنطن ضد طهران، بما حدث قبل غزو العراق عام 2003، وأعربوا عن خوفهم من اندلاع تلك الحرب التي يعتقد الكثيرون أنه يتم الإعداد لها منذ حادث السفارة الأمريكية في طهران عام 1979 والتي تم فيها احتجاز موظفي السفارة رهائن لمدة 5 أشهر.

واتفق الخبراء أيضًا على أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عادة ما يفضل إحداث ضوضاء حول قراراته ويستخدمها كأداة للتفاوض، لكنه يتراجع في النهاية.

ويقول جوزيف فهيم، ناقد ومخرج برامج مصري “لو صدقنا كل شيء يتفوه به ترامب طيلة السنوات الثلاث الماضية، لكان لدينا الآن حروب مع الصين، وكوريا الشمالية، والمكسيك. ترامب ما هو إلا مزحة، وليس جادًا على الإطلاق”، مضيفًا بقوله: “نحن لا ندري بعد إذا ما كانت هذه التهديدات التي يطلقها تجاه إيران تعني شيئًا حقًا أم مجرد تمثيلية أخرى من أعماله.

وفي لبنان، قال رامي خوري، باحث أكاديمي بالجامعة الأمريكية في بيروت: “لا زلت أنتظر انطلاق الصواريخ من المدمرات الأمريكية تجاه إيران”.

وأرسلت الولايات المتحدة الأمريكية منظومة صواريخ دفاع جوي من نوع باتريوت وحاملة الطائرات “أبراهام لنكولن” إلى منطقة الشرق الأوسط، وسط تصاعد التوتر مع إيران.

ولكن يقلق الجميع، من أن تكون تلك التهديدات التي يطلقها ترامب ليست كسابقاتها، وتندلع حرب بالفعل بين الدولتين المتناحرتين، ويقول المخرج فهيم: “من الممكن جدًا أن تتطور الأمور نحو حرب غير مرغوب فيها في منطقة الشرق الأوسط”.

تجاذبات

وشنت مقاتلات التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات لدعم الشرعية في اليمن، هجمات على مراكز تجمع مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، وتأتي تلك الهجمات بعد يومين من إعلان الحوثيين مسؤوليتهم عن الهجوم على خط أنابيب النفط في المملكة العربية السعودية، منافس إيران الرئيسي في المنطقة.

صحيفة “عرب نيوز” قالت في افتتاحية لها ، إن “الهجمات القادمة يجب أن تستهدف العاصمة الإيرانية طهران”، مضيفة أن “وجهة نظرنا هي أنه يجب استهداف الإيرانيين بشدة”.

وتابعت الصحيفة التي تعكس الموقف السعودي الرسمي: “في حين أن الحرب هي دائمًا الملاذ الأخير، إلا أن الرد الدولي أمر ضروري لكبح التدخل الإيراني”.

ويقول محمد اليحيى، رئيس تحرير موقع “العربية” للصحيفة الأمريكية: “طريقة تعامل ترامب مع الأزمة في إيران، والتي يشكلها بشكل كبير مستشاره للأمن القومي جون بولتون، هي الشيء الوحيد الذي استطاع ترامب القيام به بشكل صحيح بالكامل”.

وتابع اليحيى، “أراد الإيرانيون انتظار انتهاء فترة رئاسة ترامب، لكن عندما أعاد الرئيس فرض عقوبات النفط، أدركوا أنه لا يمكنهم الانتظار، ولهذا نرى هذا النشاط الكبير في منطقة الخليج في الوقت الحالي”.

ويرى بروس ريديل، أحد عملاء وكالة الاستخبارات الأمريكية السابقين والمسؤول البارز بمعهد بروكنجز، أن سياسة السعودية في المواجهة المفتوحة مع إيران الآن، تتناقض كثيرًا عن سياسات قادتها السابقين.

وتقول الصحيفة، إن الملك السابق عبدالله بن عبدالعزيز، كان يكره الصراع المفتوح بين الجانبين، لدرجة أنه كان يعتم على المسؤولية الإيرانية عن الهجوم الإرهابي الذي وقع في أبراج الخبر عام 1996، والذي أودى بحياة 19 فردًا من سلاح الجو الأمريكي، لكن في عهد ولي العهد محمد بن سلمان، أصبح من الواضح أن السعوديين يحبون المواجهة، بحسب تصريحات ريدل.

البحث عن حجة

وتثير تصريحات مسؤولي البيت الأبيض، والحوادث الغامضة الأخيرة -مثل عمليات التخريب التي طالت 4 سفن في المياه الاقتصادية للإمارات والاعتداء على ناقلتي نفط سعوديتين- مخاوف في بعض الأوساط من أن ترامب ومساعديه يحاولون إيجاد سببًا لبدء حرب ضد إيران، مثلما كان يفعل الرئيس الأسبق جورج بوش، عندما ادّعت إدارته وجود أسلحة دمار شامل في العراق عام 2003 قبل غزوها.

ونقلت الصحيفة تصريحات غرايبة، السياسي الأردني، الذي قال: مثلما حدث في السابق، سيكون العرب مجرد إضافات أو مشاهدين لحرب تشتعل بين القوى الأجنبية في حال اندلاع الحرب، ولكنهم سيدفعون الثمن الأكبر من تلك الحرب”.

.