ألمانيا تخفف شروط منح الجنسية

الدليل ـ برلين

وافقت الحكومة الألمانية على مشروع قانون لإصلاح قواعد منح الجنسية في البلاد، والذي من شأنه أن يسمح للأشخاص بامتلاك جوازات سفر متعددة، وذلك بهدف تسهيل اندماج الأجانب في أكبر اقتصاد في أوروبا.

ووفقاً لبيانات وزارة الداخلية، فإن 14% من السكان في ألمانيا، أو نحو 12 مليون شخص، لا يحملون الجنسية الألمانية، ونصفهم تقريباً يعيشون في البلاد لمدة عشر سنوات على الأقل.

يتخلف معدل منح الجنسية في ألمانيا كثيراً عن متوسط منحه في ​​الاتحاد الأوروبي، حيث يبلغ المعدل في ألمانيا 1.1% مقارنة بـ 2% للكتلة الأوسع، ويرجع ذلك جزئياً إلى إلزامية التخلي عن الجنسية الأصلية مقابل الحصول على جواز السفر الألماني.

معارضة القانون

هاجمت أحزاب المعارضة، وخاصة حزب البديل من أجل ألمانيا المناهض للمهاجرين، هذه الخطط، وأعربت عن مخاوفها بشأن السماح بإجراءات سهلة للحصول على الجنسية الألمانية. لكن الائتلاف الحاكم أكد أن القواعد الجديدة ستتطلب من المتقدمين الالتزام بالقيم الديمقراطية، وأن يكونوا قادرين على إعالة أنفسهم وأفراد أسرهم، وأن يكون لديهم معرفة باللغة الألمانية تمكنهم من العمل.

ونُقل عن وزيرة الداخلية نانسي فيزر قولها في مقابلة مع مجموعة (RND) الإعلامية: “نحن في خضم منافسة عالمية لاستقطاب أفضل العقول”.

أضافت فيرز: “نريد أن يتمكن الأشخاص الذين كانوا جزءاً من مجتمعنا لفترة طويلة أن يكون بإمكانهم المساعدة في تشكيل بلدنا بشكل ديمقراطي”، مضيفةً، “يشعر العديد من المهاجرين بأنهم ألمان، لكنهم لا يريدون قطع العلاقات مع بلدهم الأصلي بشكل كامل. ومن الآن، لن يضطروا إلى التخلي عن جزء من هويتهم”.

حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ المعارض، والذي عرقل باستمرار أي إصلاحات من هذا القبيل في الماضي، يعارض خطط الحكومة والمستشار أولاف شولتس بوضوح. وقال فريدريش ميرتس زعيم الحزب في تصريح سابق للقناة الألمانية الأولى “ARD” إن “الجنسية الألمانية شيء ثمين للغاية، ويجب على المرء أن يتعامل مع هذا الموضوع بحذر شديد”.

ووفقاً لمشروع القانون الذي تمت الموافقة عليه، سيكون طلب الجنسية ممكناً بعد خمس سنوات بدلاً من الثماني سنوات الحالية، ويمكن خفض ذلك إلى ثلاث سنوات للأشخاص الذين تمكنوا من الاندماج في المجتمع بشكل جيد.

تشمل المقترحات، التي ستُعرض الآن على البرلمان للتشاور، معاملة خاصة للعمال الضيوف الذين جاؤوا إلى ألمانيا الغربية والشرقية في العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية. حيث سيتم تجنيسهم إذا كانوا قادرين على استخدام اللغة الألمانية في حياتهم اليومية بمستوى مقبول، ولن يحتاج أقرباؤهم بعد ذلك إلى اجتياز اختبار الجنسية.

تشمل التفاصيل الإضافية لمشروع القانون ما يلي:

ـ سيتم منح الجنسية لجميع الأطفال المولودين في البلاد من أبوين أجنبيين.

ـ يمكن للمواليد الجدد الاحتفاظ بجنسية والديهم إذا كان أحد الوالدين على الأقل قد عاش في ألمانيا أكثر من خمس سنوات، بدلاً من الثماني سنوات التي كانت مطلوبة بموجب القانون السابق، كما يتمتع الوالدان بحق غير محدود في الإقامة.

وسيحتاج طالبو الجنسية لإثبات أنهم لا يعتمدون على معونة الدولة، علما بأن هذا الشرط سيكون خاضعا لاستثناءات.

ويمهد مشروع القانون الجديد الطريق أمام ازدواجية الجنسية لشريحة أكبر من الأشخاص، بما يشمل أبناء الجالية التركية الكبيرة المقيمة في ألمانيا.

وكان الحصول على الجنسية صعبا لكثير من المهاجرين من تركيا ودول أخرى استقروا في ألمانيا بصفة “عمال ضيوف” في النصف الثاني من القرن العشرين. واقتصرت ازدواجية الجنسية إجمالا على مواطني الاتحاد الأوروبي وسويسرا رغم تطبيق بعض الاستثناءات.

وكان تعديل قوانين الجنسية في ألمانيا من التعهدات الرئيسية للمستشار، أولاف شولتس، مع وصول ائتلافه الحكومي الى السلطة في أواخر 2021. ويسعى أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي إلى جذب اليد العاملة الأجنبية لتعويض النقص الحاد في تلك المحلية.

ورأت وزيرة الداخلية، نانسي فيزر، أن القانون الجديد يعكس “المجتمع المتنوع” في البلاد، مشيرة إلى أن ألمانيا هي “في منافسة عالمية” لاستقطاب الأدمغة وترغب في تحسين ما تقدمه إلى المهاجرين من خلال تسهيل مسار الحصول على الجنسية.

وفي العام الماضي، حصل حوالي 168.500 شخص على الجنسية الألمانية، وكان هذا أعلى رقم منذ عام 2002، مدعوماً بالزيادة الكبيرة في عدد المواطنين السوريين الذين وصلوا في العقد الماضي بعد حصولهم على الجنسية، ولكنهم لا يزالون مجرد جزء صغير من المقيمين لفترة طويلة.

وبلغ عدد سكان ألمانيا 84.3 مليون خلال العام 2022، ما يمثل رقما قياسيا للبلد الأوروبي رغم النمو الضعيف، مع تزايد ضغط الشيخوخة السكانية على نظام المعاشات التقاعدية العام.

جاء ذلك بحسب ما أعلن عنه الإحصاء الاتحادي في ألمانيا، الذي قال إن عدد سكان ألمانيا زاد 1.1 مليون في 2022 مقارنة بنهاية العام 2021.

ويأتي هذا الارتفاع في عدد سكان ألمانيا، في الوقت الذي تواصل فيه السلطات استقبال المهاجرين، إذ تسعى الحكومة إلى تعزيز الهجرة للمساعدة في تجنب نقص العمالة، وتفادي الضغط في نظام المعاشات التقاعدية.

هذا الإصلاح سيجعل القوانين الالمانية منسجمة ومماثلة لنظيراتها في الدول الأوروبية الأخرى. في الاتحاد الأوروبي، كان للسويد أعلى معدل تجنيس في عام 2020، حيث تم تجنيس 8,6 بالمائة من مجموع الأجانب الذين يعيشون هناك. أما في ألمانيا، فقد كان المعدل 1,1 بالمئة فقط.

بحسب “مكتب الإحصاء الاتحادي” الألماني، هناك حوالي 2,9 مليون شخص يحملون أكثر من جنسية واحدة يعيشون في ألمانيا، أي حوالي 3,5 بالمائة من السكان. كما يحتفظ 69 بالمائة من المواطنين الحاصلين على الجنسية الألمانية في السنوات الأخيرة على جواز سفرهم الأصلي. ويتصدر القائمة حاملو جوزات السفر البولندية والروسية والتركية.