أشياء تجنبوا فيها الكذب على الاطفال

علاقة الآباء بالوالدين مُعقّدة للغاية، ولا يمكن أن تُختزل في كلمات واضحة ومُحدّدة، لكن هُناك أساسيّات يجب اتباعها إذا أرادوا أن يُصبح أطفالهم مُتزنين نفسياً ومُتقبلين للواقع.

الكذب على الأطفال قد يكون مُفيداً في بعض الأوقات، لكنّه في أحيانٍ أُخرى قد يؤدي إلى بعض المشاكل، وبحسب دراسة أُجريت الأطفال في عُمر 5، و6، و7 سنوات الذين يُدركون أن آباءهم يكذبون عليهم، يكونون أكثر عُرضة للكذب والغش حينما يكبرون، هذا بخلاف الآثار النفسيّة السيّئة على الطفل.

مِن المهم جداً أن يُدرِك الآباء أن للأمر حدود، وأن هُناك بعض الأشياء التي لا ينبغي الكذب بشأنها، وهي كالتالي:

– الموت : تجربة فقد شخص هي من أكثر التجارب الوجوديّة إيلاماً، وأعنفها، وأقساها، خاصًة على الأطفال؛ لأنّه مِن الصعب أن تشرح مفهومه وأن تجعله يُدرك أن الشخص الذي توفّى لم يتركه ويرحل برغبته.

وسواءً كان هذا الذي رحل، شخصاً عزيزاً على الطفل، أو أنّه حيوان كان يعيش معه، مِن الصعب التعامُل مع الأمر، لكن تأجيل المواجهة لا يزيده إلا صعوبة، ويجعل التعامل معه في المستقبل أمر شبه مُستحيل، ولذلك دائماً تكون الحقيقة هي أفضل طريقة يُمكِن أن يُصارَح بها الطفل، بطريقٍة تُناسب سنّه وإدراكه الصغير، يُمكنك أن تستشير مُتخصصاً إذا كان الأمر صعباً عليك، ورُبما يُمكنك أيضاً أن تطّلِع على بعض الكُتب المُفيدة باللغة الإنجليزيّة مِن هُنا، أو مقالات عربيّة مِن هُنا.

– الطلاق : الأطفال أكثر إدراكاً مِمّا نعتقد، ويُمكِنهم تذكُّر أبسط التفاصيل وأدقّها، ويُمكنهم معرفة إذا ما كان الشخص الذي يتعاملون معه لديه مُشكلة أو لا، أو إذا ما كان يمُر بظروفٍ صعبة، ويُمكنك رؤية ذلك مِن خلال بعض الكلمات الطيبة التي يستخدموها مع آبائهم إذا كانوا غاضبين من أمر ما، أو رُبما تربيتة بسيطة على يديهم.

ومِن غير العادل والمُحبط لهؤلاء الأطفال أن يقوم الآباء بالكذب عليهم فيما يخُص علاقتهم ببعضهم البعض، خاصةً لو وصلت المُشكلات إلى الطلاق، واضطر حينها أحد الوالدين للمُغادرة، فإذا لم يتفهّمون جيِّداً أن سبب الرحيل منطقي، سيظن أن المُشكلة بسببه، وإذا استمر الوالدين في إقناعه بأنّهما لا يزالان يُحبّان بعضهما البعض، فعلى الأرجح أنّه لن يُصدِّقك، وربما يتطور الأمر، ويظن أنّكما في النهاية ستعودان لبعضكما.

– الألم : لا داعي للكذب على طفلك إذا كُنتما ذاهبين إلى طبيب الأسنان، ومِن غير الصحيّ أن نقول له أنّه لن يُعاني مِن أي ألم، أو أنّه لن يشعُر بشيء؛ لأنّه سيتألم، وسيفقد الثقة في علاقتكما إذا تكرر هذا الأمر، وربما يتطور الأمر لديه بأن يشعر بأنّه لا يستطيع تحمُّل ما يتحمّله الآخرون.

الآثار السيئة قد يندرج تحتها أيضاً فقدان رغبته في أن يُعبِّر عن نفسه أمامكما، لأنّكما بالطبع ستُقللان مِن معاناته، وسترون أنّه يتدلل، الأمر يُمكن أن يُعالج بطريقة أبسط كثيراً، منها المُصارحة، وهي أن تقولوا له بأن الأمر قد يكون مؤلماً، وأنّكم تتفهمون خوفه، وحُزنه، أو يُمكِنكما أن تقومان معه بجولة على الانترنت، تُريانه الأدوات، وتحكيا له أهميّتها بطريقة مُسليّة، أو أن تقوما بلعب دور المريض، ويقوم هو بدور الطبيب، مِمّا يُشجعه على أن يفتح صدره لكما في مواضيع أخرى أيضاً.

– الأمان الزائف : وارِد جِداً أن يشعر الأطفال بالخوف مِن العالم المُحيط بهم، وأن يشعروا ببعض الترقُّب الصحي الذي لا يمنعهم مِن الفضول تجاه اكتشاف هذا العالم، والخوف الذي يُعاني منه الأطفال رُبّما يكون سببه اختبار تجربة مؤلمة، أو مُشاهدة الأخبار، ومشاهد القتل التي تحتويها.

بدلاً من إعطائهم شعوراً زائفاً بالأمان، على الأب والأم أن يدعموا عند طفلهم فكرة أن العالم مكانٍ قاسي، وأن العديد من الأشياء التي تحدث فيه غير جيّدة، ومع هذا لا يجب أن يتوقّفوا عن التأكيد على أنّهم سيكونوا موجودين بجانبه في كُل وقت ولحظة، وأنّه مهما تطلّب الأمر، سيدعمونه، وسيحمونه، مُصارحة الأطفال بالواقع دائماً ما يكون في صالحهم، ويُمكن تخفيف حِدّة الأمر بأن تُشجعوهم على الحديث معكم حول ما يزعجهم، والإصرار على التعبير عن حُبكما له.

– الحديث عن التجارُب السابقة : هذة النقطة تحديداً مِن أكثر الأمور الشائِكة؛ لأنّها تتضمّن حديثاً مُباشراً حول سلوكيّات الآباء، ولأنّها تخلق مُقارنة بين الطفل ووالده، وفي أحيان كثيرة، يُريد الآباء أن يُظهروا لأطفالهم أنّهم كانوا الأوائل في مدراسهم، وكانوا التلاميذ المُفضّلين للأساتذة، حتّى لو لم يكُن هذا الأمر صحيحاً، إلى هُنا وتبدو الأمور عاديّة، ولا مُشكلة فيها، لكن وقت أن يدخل الحديث في منطقة التدخين مثلاً، فعلى الآباء أن يكونوا صريحين مع أطفالهم، لأنّه إذا اكتشف الصغير من خلال صورة قديمة لوالدهم في الجامعة، سيُفقدهم الثقة في أي حوار يُجرونه معه، وسيتطلّب الأمر مجهوداً كبيراً لاستعادة الثقة فيما بينهما مرّة أُخرى.

إذا رأيت نفسك غير مُستعد للحديث بصدقٍ عن هذا الأمر، فاعلم أن إخفاءه وتجنّبه سيكون أفضل من الكذب حوله، ويُمكنك أن تتجنّب كُل هذا بأن تُخبره صراحًة بأنّك غير سعيد بالتصرُّف الذي قام به، سواء كان تدخين، أو تهرُّب من المدرسة، أو رسوب في اختبار.

– تركه وحيداً : تسقط العديد مِن الأمهات في هذه الكذبة لأسباب عِدّة، أهمها إرهاقها من تدليل الطفل، وإلحاحه على أمرٍ ما، فتلجأ لأن تقول له: “لو لم تتوقف عن الإلحاح، سأغادر وأتركك هُنا وحدك”.

هذه الجُملة مِن أخطر ما يُمكِن أن يُقال لطفلٍ صغير؛ لأّنها عادة ما تُقال في وسط حديقة، أو مركز تسوق، أو ملاهي أو حتّى في النادي، مِما يترك لديه إحساساً بأن من السهل أن تتخلّى أُمّه عنه.

البديل عن هذا الأمر هو شيء سهل للغاية، ومِن خلال المُصارحة أيضاً، يُمكن للأم أن تقول لابنها “إذا لم تتحرّك معي الآن للخروج، فسأضطر إلى حملك والخروج بك”، أو يُمكِن التلويح بعقاب بسيط مثل “عليك أن تخرج معي الآن، وإلّا لن تذهب إلى الحديقة مع والدك غداً”.

– التقدير المغلوط عن الذات : بعض الآباء يرون أنّ من الصحي والأفضل لأبنائهم أن يقوموا بتشجيعهم على الدوام، وأن يُسمعوهم كلمات التحفيز والإطراء شكلٍ مُستمر، دون أن يفطنوا لعواقب هذا الأمر، المديح الزائد الذي يجعله أكثر عُرضة لتكوين صورة مغلوطة عن نفسه وقُدراته، وكمثال بسيط لتوضيح هذا الأمر، إذا رسم الطفل سمكة، وقال له والده بأنّها أفضل ما رآها في حياته، وبعد ذلك يذهب إلى المدرسة فيجد المُعلِّمة تمدح في رسمة طفلٍ آخر، فلعل ذلك الأمر سيترُك لديه شعوراً بالازدواجية.

وطبقاً للدراسات، فإن المديح الزائد يجعل الأطفال يشعرون بالخذلان إذا ما أنجزوا قليلاً مُقارنة بأصدقائهم، ورُبما سيجعلهم يتوقّفون عن اكتشاف الأشياء ، والتجربة والفضول، خوفاً من التعرَّض للفشل، الذي سيُفقده ثقتته بنفسه، يُمكن للآباء أن يمدحوا أبناءهم دون زيادة، تجعلهم يفقدون ثقتهم بأنفسهم، وتُشجعهم على بذل المزيد مِن الجهد، مثل “لقد أحببت المجهود الذي بذلته في هذه اللوحة”.

.