شخصية العدد: ناهد شريف
مثلما عاشت حياة مليئة بالانكسارات وليس الانتصارات، انتهت حياتها بطريقة تراجيدية، هي المرأة التي ألصقت بها نجومية الاثارة والإغراء، وهي أيضا الممثلة التي نجحت في أن تغير لون الشاشة وتقدم سينما لها ملامح خاصة حول المرأة المظلومة والمستكينة والخائنة في أحيان أخرى.
وكما أنها عاشت قصص حب لم تكتمل كانت زيجاتها مجرد سيناريوهات لأفلام لم تستمر طويلا على شاشة الحياة.
وافقت على الزواج من أستاذها حسين حلمي المهندس، فلعل الزواج من مخرج ومنتج معروف ويكبرها سنا ينقلها للشهرة والنجومية، لكنها كانت نجومية غير مكتملة حتى عندما تزوجت النجم كمال الشناوي كان مثل لحظات انتظار قطار أتى ومر دون أن يستقله أحد، ومحطة أخرى مع شاب يدعى ادوارد وبه انتهى العمر القصير.
مشوار مليء بالحكايات لفتاة تدعى سميحة زكي النيال.. وشهرتها ناهد شريف.
بدأت معاناة ناهد شريف مبكراً، فلم تكن وهي صغيرة مثل بنات الاسكندرية عاشقة للبحر والليل والسهر..كانت منطوية وهو ما يفسره البعض كسبب لتحررها الشديد عندما انطلقت في السينما.
عندما رحل أبوها بشكل مفاجئ قررت الانطلاق وتحقيق أحلامها بالاتجاه الى الفن الذي كانت تهواه منذ طفولتها وتلقت دروسا في الموسيقى والغناء واختارت لنفسها اسم ناهد شريف ثم قررت التركيز في التمثيل فقط حتى ترسخ قدميها بين نجمات السينما فبدأت رحلة البحث عن فرصة ودور تحقق من خلاله أحلامها فالتقت مدير التصوير الشهير وحيد فريد الذي قدمها للفنان الشهير عبدالسلام النابلسي فاسند اليها دورا صغيرا في فيلم “قاضي الغرام” ولم تنجح في لفت الأنظار نحوها كما واجهت الفشل في ثاني تجاربها بفيلم “حبيب حياتي”.
وكان ان توجهت في صيف عام 1959 للقاء المنتج والسيناريست والمخرج حسين حلمي المهندس وكان يحضر لفيلم “تحت سماء المدينة” بطولة كمال الشناوي وإيمان فأسند اليها دورا في الفيلم كتدريب عملي في البداية وبعد أن أثبتت تفوقها قام بإعطائها دوراً أكبر في فيلم “مخالب القط” ثم كانت النقلة المهمة في فيلم “أنا وبناتي” مع زكي رستم وفايزة أحمد وصلاح ذو الفقار .
وكان جمالها ذو الطابع المصري لافتا للأنظار، ما دفع المخرج والمنتج الراحل حسين حلمي المهندس، لأن يعرض عليها بطولة فيلم “عاصفة من الحب” أمام صلاح ذو الفقار، وبسرعة الصاروخ اتسعت شهرة ناهد شريف، خاصة أنها تشبه النجمة الاميركية راكيل والش التي كانت عنوانا للإثارة والنموذج الذي أعدته هوليوود، لتعوض به الخسارة بعد وفاة مارلين مونرو.
ولم يكتف حسين حلمي المهندس بمنحها ادوار البطولة فحسب، حيث منحها قلبه وقام باخراجها من تجارب حب الطفولة والمراهقة التي مرت بها مع ابن الجيران وبعض الفنانين وهي في بدايتها -كما اعترفت هي- فمنحها الدفء والحنان ووجدت فيه صاحب الشخصية القوية الذي يبدع في عمله وفي وقت فراغه يعيش في مرح دائم فتزوجت منه وهي في الثامنة عشرة من عمرها.
توطدت علاقتها مع الفنان كمال الشناوي بعد انفصالها عن زوجها الاول، ويمكن القول انها وقعت في غرامه من أول مشهد قامت بتمثيله معه في فيلم “تحت سماء المدينة” ، وحاول الشناوي ارضاءها بأن تشاركه بطولة فيلم “نساء الليل” الذي كان يحضر لانتاجه ويكون هو البطل امامها وبدأ التصوير ولم يستطع أي منهما اخفاء مشاعره نحو الآخر وحقق الفيلم نجاحا كبيرا وحصلت ناهد على جائزة التمثيل الأولى فعرض عليها الزواج ولكن في صمت وسرية بحكم أنه كان متزوجا فوافقت وشعرت أنها امتلكت الدنيا.
بعد مرور بضعة أعوام شعرت بالملل من حياتها الزوجية وضاقت بكونها نصف زوجة وتعيش نصف الوقت مع زوجها ورغم حبها الشديد له لكنها تأثرت فنيا بذلك الموقف واثر بالسلب على حياتها الفنية بعد أن وصلت للقمة فأوجد ذلك نوعا التحدي لنفسها فطلبت الطلاق بعد زواج استمر ستة أعوام.
بعدهاأصبحت ناهد هزيلة وضعيفة تعاني مرض السرطان وأقر الطبيب ضرورة السفر للخارج وسافرت ناهد خلال 48 ساعة الى السويد وأجريت لها جراحة ناجحة لكنها للأسف عادت للقاهرة وتناست تماما أنها مريضة وتركت الدواء واندمجت في العمل فتعرضت صحتها لانتكاسة ، ثم سافرت من جديدة إلى لندن للعلاج ..
تحت عنوان “مأساة ناهد شريف” نشرت مجلة آخر ساعة في عددها الصادر بتاريخ 14 ديسمبر 1980 أي قبل رحيل ناهد شريف بأربعة شهور فقط تقريراً جاء فيه ان ناهد شريف تعيش وحيدة وسط الدموع والوحدة في فراش المرض في لندن. وليست المأساة في المرض الخطير الذي تصارع آلامه وضراوته وإنما صدمتها في زوجها اللبناني ادوارد الذي تخلى عنها في أصعب مراحل محنتها.
فبعد أن عاشت معه زوجة مثالية طوال السنوات الخمس الماضية قبل أن يهاجمها المرض الخطير وأنجبت منه ابنتها الوحيدة، وبدأت تشعر بالآم السرطان في العام الماضي سافرت الى السويد لإجراء جراحة خطيرة وصحبها زوجها ادوارد الى هناك ولكنه عاملها بقسوة وتركها وحدها بعد الجراحة فاضطرت الى قطع فترة العلاج والعودة للقاهرة بعد أن نفدت النفقات اللازمة للإقامة.. واضطرت أيضا الى العمل قبل أن تستكمل العلاج فأرهقت نفسها بينما كان زوجها يتجول في مونت كارلو وأسبانيا مع بعض الأثرياء العرب.
لجأت ناهد الى السفارة المصرية في لندن وتم الطلاق بين ناهد وزوجها في السفارة المصرية بعد تزايد الخلافات وحتى لا يقوم باستغلالها في اشد لحظات مرضها قسوة.
رحلت رقيقة السينما وهي في سن الأربعين.. بعد مشوار مليء بالآلام والأحزان، ولم يتبق منها سوى أفلامها وابنتها من زوجها الأرمني اللبناني ادوارد.