انهيار “بلاك بيري”
تعتبر شركة “بلاك بيري” إحدى أشهر الشركات التي انطلقت بداية الألفية الحالية، إذ انتشرت بشكل كبير بين المستخدمين خلال فترة قصيرة، لتحكم سيطرتها على سوق الأجهزة الجوالة على حساب الإمبراطورية اليابانية “نوكيا”.
وقدمت الشركة سلسلة من الأجهزة الناجحة التي اجتاحت الأسواق في كل العالم، بسبب تطبيق “بي بي أم” الذي اعتبر وسيلة التواصل الوحيدة بين المستخدمين في حينها، وكان منصة “الدردشة” الوحيدة للهواتف قبل ظهور تطبيق “واتساب” وبقية تطبيقات التواصل الاجتماعي.
هذه السيطرة لم تدم أكثر من عشر سنوات، ثم انهارت فجأة.
الارتباط بالجهاز صعد بها ثم أسقطها
هذا التطبيق الثوري في حينه لم يكن يمكن استخدامه إلا بواسطة جهاز “بلاك بيري”، فلا يمكن تحميله على أجهزة ذكية، واستخدامه فقط على أجهزتها، وهو ما نمّى مبيعات الشركة، وكان تشغيله يتطلب الاشتراك بإحدى باقات الخدمات من قبل مشغلي شركات الاتصالات، وهذا الاشتراك كان قيمة منفصلة عن سعر امتلاك الجهاز الذي يشغل التطبيق بشكل حصري.
يمكن القول إن تطبيق “بي بي أم” أو “بلاك بيري ماسنجر” هو من صنع مجد شركة “بلاك بيري”، لأن هواتف الشركة لا تملك أي مميزات مختلفة ومنافسة، فإن كنت تريد أن تدخل هذا العالم يجب عليك شراء جهاز معين والاشتراك بخدمة حتى تستطيع التواصل مع أصدقائك، وهو أمر مزعج بخاصة مع التكلفة العالية لبعض الأجهزة، التي بلغت في تلك الفترة 350 دولاراً تقريباً كمتوسط سعري، وهو رقم كبير جداً جداً في تلك الفترة.
كل هذا سهّل الاستغناء عن الفكرة بالكلية عندما توفر البديل.
الأجهزة الذكية عالجت مشاكله
مع بداية ظهور أجهزة مثل “آيفون” وأخواتها من الأجهزة الذكية المختلفة العاملة بنظام “أندرويد”، وظهور تطبيقات للتواصل منافسة مثل “واتساب”، وأيضاً تطبيقات كانت تعتمد على مبدأ “بي بي أم” نفسه، تزامن مع هذا، ظهور متاجر التطبيقات في الأنظمة المنافسة، التي قدمت التطبيقات بشكل منفصل عن الجهاز، ويمكن تشغيل هذه التطبيقات على أي نظام تشغيل ولا تحتكر استخدامه على جهاز بعينه.
الأجهزة الذكية تتسع للجميع
كانت الأجهزة الذكية التي تلت هواتف “بلاك بيري” لديها ميزة لا يملكها الأخير، أنها تتسع لأي شكل من أشكال التطبيقات، فيمكن تحميل برامج تعديل الصور أو الألعاب ومنصات تعليمية ووظيفية، عكس السابق الذي كان محدوداً يشبه الهواتف من جيله، ولا يتميز عليهم إلا بتطبيق التواصل الخاص به.
بعد أن أدركهم الغرق
بعد انتقال المستخدمين إلى أجهزة منافسة مثل “آيفون” و”جلاكسي” وظهور تطبيقات تخدمهم، حاولت شركة التوت الأسود أن تتحول كقريناتها، إلا أنها اقتفتهم في الشكل، فقدمت هاتفاً بشاشة كاملة لكن دون العديد من التطبيقات والخدمات، وهو ما يكشف عن أن الشركة لا زالت تعيش في عصرها السابق، إذ إن العصر الجديد يعتمد وبشكل كامل على المطورين والمبرمجين لا مصممي الشكل.
نستطيع القول إن أسباب خسارة “بلاك بيري” وخروجها من السوق أن الشركة تأخرت بشكل كبير في التحول من منصة تواصل بين المستخدمين إلى تقديم حلول وخدمات مختلفة، وأيضاً تأخرها في دعم المطورين، على الرغم من أنها امتلكت فرصة عظيمة في إصدار أنظمة جديدة وخدمات، وكانت صاحبة أسبقية يفترض أنها عمقت خبرتها في صناعة الهواتف والبرمجيات.
وفي 4 من يناير (كانون الثاني)، انتهت حقبة في تاريخ الهواتف المحمولة مع توقف عدد كبير من الأجهزة عن العمل، بعد أن قرّرت العلامة التجارية الكندية إيقاف تحديثات نظام التشغيل الخاص بها “أو إس” الذي كانت الهواتف المُباعة حتى عام 2013 مجهّزة به.
.