المصريون .. و أحلام التغيير
الدليل ـ برلين
«فى جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، ما لم يكن التعديل متعلقًا بمزيد من الضمانات»، بهذه الكلمات كانت المادة 226 من الدستور المصري قاطعةً في منعها تمديد فترات الرئاسة. ويثير وضوح هذه المادة في حظرها للتمديد، تساؤلاً هو: كيف سيتجاوز البرلمان المصري المادة 226 من الدستور، لتمرير التعديلات المقترحة؟، وهل سيتم التمديد لفترة محدودة أم ستكون حدوده مرتبطة بعمر الرئيس؟.
زيادة سنتين فقط أم إضافة ولايات رئاسية جديدة.. تمديد فوق التمديد
المشرعون الذين وضعوا هذا الدستور عقب إقالة الرئيس السابق محمد مرسي إثر تظاهرات 30 يونيو 2013، كان لديهم إصرار على عدم تكرار تجربة رؤساء البلاد السابقين بتمديد فترات ولايتهم. لذا، فإنهم وضعوا مادة قاطعة تؤكد عدم تغيير المواد الخاصة بفترة حكم الرئيس والحريات، إلا من أجل وضع مزيد من الضمانات، ألا هي المادة 226 من الدستور المصري.
ورغم الصخب الذي أثاره تعديل الدستور والنقاش حوله، فإن هناك غموضاً ما زال يتعلق بالكيفية التي سيتم بها تمديد مدة الرئاسة، وهل تقتصر التعديلات على إطالة المدة الحالية 6 سنوات، أم ستتضمن إمكانية ترشح الرئيس لأكثر من ولايتين رئاسيتين، كما ينص عليه الدستور الحالي؟
بداية الحكاية
انطلق قطار التعديلات الدستورية 3 فبراير 2019، بإعلان رئيس ائتلاف «دعم مصر»، النائب عبد الهادي القصبي، تقدُّمه بطلب رسمي لتعديل الدستور إلى رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال.
وقبل ذلك بيوم، أعلن النائب محمود بدر، الذي كان قيادياً في حركة تمرد التي جمعت توقيعات لعزل الرئيس السابق محمد مرسي، توقيع عدد من أعضاء مجلس النواب على قرار تقديم طلب بالتعديلات الدستورية إلى رئيس المجلس علي عبد العال.
منذ بداية طرح الفكرة، رفض ائتلاف «25-30» النيابي، الذي يصنف نفسه ضمن المعارضة، توجُّه النواب إلى تعديل الدستور.
و قال هيثم الحريري عضو الائتلاف، إن الائتلاف يرفض بشدةٍ أي حديث عن تعديل الدستور المصري، الذي تم إقراره بإرادة الشعب في 2014.
وأضاف الحريري أن الحديث عن التعديل ليس له أي هدف سوى مدة الرئاسة وإمكانية الترشح لمدد متتالية فقط، موضحاً أن الرئيس عبد الفتاح السيسي سيقضي 8 سنوات في منصب رئيس الجمهورية، والتعديل يسعى إلى جعل فترة الرئاسة 6 سنوات، وهنا يدور الحديث حول 20 سنة على الأقل، لبقاء السيسي رئيساً.
السيسي كان يرفض التعديلات!
وكان الرئيس السيسي أكد في نوفمبر 2017، أنه مع التزام فترتين رئاسيتين وعدم تعديل الدستور. وقال السيسي في مقابلة مع قناة «سي إن بي سي» الأمريكية: «ما يجب أن نضعه في الاعتبار أنه ليس هناك رئيس يتولى السلطة من دون إرادة الشعب المصري، ولن يستطيع أيضاً أن يواصل لفترة أخرى دون إرادة هذا الشعب».
وتابع: «وفي كلتا الحالتين فهي 8 سنوات، وأنا مع التزام فترتين رئاسيتين، مدة الواحدة منهما 4 أعوام، ومع عدم تغيير هذا النظام». ويقول أنصار السيسي إن البلاد أكثر أمناً الآن مما كانت عليه قبل سنوات، ويأملون أن تجذب الإصلاحات الاقتصادية والاستقرار مزيداً من الاستثمارات الأجنبية والسياحة التي تشتد الحاجة إليها. أما معارضوه، فيقولون إن السيسي يشرف على أسوأ حملة على الحريات في تاريخ مصر الحديث.
تعديلات
النقطة الأهم والأكثر إثارة للجدل في التعديلات، هي تعديل المادة 140، لجعل مدة الرئاسة 6 سنوات، مع وضع مادة انتقالية للرئيس الحالي، بحيث تمتد فترته الحالية إلى 6 سنوات بدلاً من 4، كما هو موجود في الدستور قبل التعديل، وذلك حسبما ورد في تقرير اللجنة العامة للبرلمان.
كما تتضمن التعديلات إنشاء مجلس أعلى للشؤون القضائية برئاسة رئيس الجمهورية، يشرف على أعمال القضاء، وتغييرات في طريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية. ولكن تقارير إعلامية أشارت إلى أن التعديلات تتضمن زيادة عدد مدد الرئاسة، و جعلها لا تقتصر على فترتين فقط، كما هو الوضع الحالي، مما يتيح بقاء الرئيس للأبد أو مدى الحياة.
ووفقاً لتقرير اللجنة العامة، فإن اللجنة رأت أن المادة 226 من الدستور المصري التي تحدثت عن عدم تغيير المادة الخاصة بمدة الرئاسة، يقصد بها عدد ولايات الرئيس، وليس عدد سنواتها. أي إن الحظر المشار إليه في المادة ينصبُّ على زيادة عدد مدد الرئاسة إلى أكثر من ولايتين رئاسيتين، ولم يتطرق إلى زيادة أمد الولاية من حيث عدد السنوات، وهو الرأي الذي تبناه عدد من فقهاء القانون الدستوري، وفقاً للتقرير. ومن ثم، رأت اللجنة أن تمديد المدة إلى 6 سنوات لا يخالف المادة 226 من الدستور المصري. كما أن التقرير اعتبر أن مدة السنوات الـ4 غير كافية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، خاصة بعد الثورات وفي ظل الأوضاع الإقليمية غير المستقرة.
ما خيارات رافضي التعديلات؟
في الوقت الذي أعلن فيه النواب المعارضون في البرلمان، أنهم سيصوتون بالرفض على التعديلات، فقد تصاعدت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للتصدي للتعديلات. وانطلقت حملة إلكترونية، قبيل ساعات من بدء عملية التعديل، تحت هاشتاغ #لا_لتعديل_الدستور. وتركزت أغلبها على رفض التمديد للرئيس السيسي وتجاوز المادة 226 من الدستور المصري بشكل اعتبروه سافراً.
ومن أبرز من كتب تحت هاشتاغ #لا_لتعديل_الدستور على «فيسبوك»، المرشح الرئاسي الأسبق حمدين صباحي، والنائب المعارض هيثم الحريري. في المقابل ، أطلقت تدوينات وتغريدات مؤيدة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مؤكدةً أهمية تلك الإجراءات لتحقيق مزيد من الاستقرار.
ولكن، من الواضح أن هناك خلافاً بين أطياف المعارضة ـ الممزقة أصلاً ـ والنشطاء في مصر، ، بشأن طريقة مواجهة التعديلات الدستورية: هل ستكون بالمقاطعة أم بالحشد للتصويت بـ «لا» في الاستفتاء؟ فلننتظر قبل إصدار الأحكام المسبقة ..
.