الحرب النووية والاحتباس الحراري، يمكن أن يقضيا على الحضارة

تقديم د. أمير حمد /
نشر موقع «تروث أوت»، مؤسسة إخبارية غير ربحية تهتم بقضايا العدالة الاجتماعية، مقابلة حصرية أجراها الكاتب سي جيه بوليكرونيو، عالم سياسي واقتصادي ومؤلف وصحافي، ودرَّس في عديد من الجامعات ومراكز الأبحاث في أوروبا والولايات المتحدة، مع المفكر الأمريكي البارز، نعوم تشومسكي. وأوضح سي جيه أن هناك تهديدين وجوديين يواجهان البشرية، الحرب النووية والاحتباس الحراري، واللذين يمكن أن يقضيا على الحضارة التي نعرفها، بالإضافة إلى الحياة الأخرى على الأرض، مؤكدًا أننا نعيش في أوقات خطيرة ومربكة.
وفي البداية، أشار الكاتب إلى أن التعاون الدولي لا وجود له إلى حد بعيد فيما يتعلق بالاحتباس الحراري والأسلحة النووية. والأسوأ هو ما يتعلق بالأسلحة النووية، إذ يوجد اتجاه متزايد نحو تطبيع فكرة الحرب النووية منذ اندلاع الغزو الروسي لأوكرانيا. وكما يوضح نعوم تشومسكي في هذه المقابلة، نما رفض فكرة التهديد الفعلي الذي تشكِّله الإبادة النووية إلى مستويات شديدة الخطورة وباتت «وسائل الحد من خطر حرب الفَناء، كما يسمِّيها تشومسكي، تختفي تمامًا من بين أيدينا». لكن يجب ألا تمضي الأمور على هذا النحو.
ويوضح تشومسكي أن «التأثير البشري لم ينتهِ بعد. وهناك طرق واقعية لحماية البشرية من التهديد الوجودي الذي تشكله الأسلحة النووية».
فوكوياما والتقليل من احتمالية استخدام السلاح النووي
يقول الكاتب: تسبَّب الغزو الروسي لأوكرانيا في عديد من النتائج غير المتوقَّعة وغير المقصودة. أحدها إمكانية استخدام الأسلحة النووية، وهو الأمر الذي لم يخضع لمناقشة كافية، وقد أصبحت الفكرة طبيعية تقريبًا. وأثناء هذه الحرب، سمعنا عن عدة سيناريوهات حول كيفية استخدام روسيا للأسلحة النووية، وفي الأيام الأولى من الغزو، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القوات النووية لبلاده برفع حالة التأهب.
وفي الشهر الماضي، قال بوتين إن روسيا ستستخدم الأسلحة النووية للدفاع عن سيادتها وشدَّد على أن «عصر العالم الأحادي القطب» قد انتهى. على الجانب الآخر، نجد أن أشخاصًا مثل فرانسيس فوكوياما (عالم وفيلسوف واقتصادي سياسي وأستاذ جامعي أمريكي) يقولون إن احتمال نشوب حرب نووية «لا ينبغي أن يُقلق أحدًا» لأن هناك محطات توقف عديدة قبل الوصول إلى تلك النقطة. ويسأل الكاتب تشومسكي قائلًا: كيف وصلنا إلى هذه المرحلة من اللامبالاة بشأن الأسلحة النووية؟
وردًّا على هذا السؤال، أوضح تشومسكي أنه قبل أن نتطرق إلى القضايا المهمة التي أثيرت، يجب أن نضع في اعتبارنا أن القوى العظمى ستجد طريقة للتعاون في معالجة هذه المشكلات الحرجة، وإلا سيهلك المجتمع البشري والعالم المعاصر، ومن المحتمل جدًّا أن تكون هذه هي المرحلة الأخيرة في تاريخ البشرية.
وفي صحيفة «تورنتو ستار»، كتبت الصحافية المخضرمة والمحللة السياسية ليندا ماكويج، سمعتُ للتو على شاشة التلفزيون «ملاحظة صادمة، لأنها ربما الأكثر حماقة على الإطلاق»، في إشارة إلى تعليق عالم السياسة الأمريكي الشهير فرانسيس فوكوياما أنه «لا داعي للقلق بشأن الحرب النووية».
وقد نجادل بأن هذه اللامبالاة لم تعد شائعة على الألسن فحسب، بل إنها باتت مضمَّنة في السياسة الأمريكية الرسمية. وفي أبريل (نيسان) الماضي، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إن هدف واشنطن في أوكرانيا أن «ترى روسيا ضعيفة إلى درجة لا تستطيع عندها القيام بالأشياء التي فعلتها في غزو أوكرانيا». ووبَّخه الرئيس الأمريكي على ذلك، لكن «المسؤولين أقروا بأن هذه كانت بالفعل إستراتيجية طويلة المدى». إذن، تتمثل الإستراتيجية الطويلة المدى في استمرار الحرب من أجل إضعاف روسيا، بحسب تشومسكي.
وأُعِيد تأكيد هذه الإستراتيجية الطويلة المدى بوضوح كافٍ في قمة منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) الأخيرة، حيث قدمت هذه القمة «مفهومًا إستراتيجيًّا» جديدًا يعتمد على مبدأ أساسي: لا دبلوماسية بشأن أوكرانيا، إنها الحرب فقط من أجل «إضعاف روسيا».
وهناك افتراض ضمني مفاده أنه بينما تشرع الولايات المتحدة وحلفاؤها في إضعاف روسيا، سيقف القادة الروس يتفرجون في هدوء، وسيمتنعون عن اللجوء إلى الأسلحة المتطورة التي نعلم جميعًا أن روسيا تمتلكها. ربما يكون الأمر كذلك، لكنها مقامرة كبيرة، ليس بمصير الأوكرانيين فحسب، ولكن بمصائر دول أخرى.
ويقول تشومسكي إنه يمكننا أن نُضيف أن هذه اللامبالاة باتت شعورًا عامًّا سائدًا. وأصبح من المسلَّم به أن بإمكاننا تجاهل السجل الصادم للسنوات الـ75 الماضية، والذي يُظهِر بوضوح لا لبس فيه أننا نجونا بما يشبه المعجزة من حرب نووية تؤدي للفَناء عندما شاركت القوى الكبرى في الصراعات من قبل.
الاحتباس الحراري ثاني أكبر تهديد وجودي
تُجرى بعض دراسات الرأي العام الأكثر دقة وتطورًا حول القضايا الرئيسية من خلال برنامج جامعة ييل للاتصالات المتعلقة بتغير المناخ. وعلى الرغم من أن المناخ هو المحور الرئيس لمخاوفهم، فإن نطاق الدراسات أوسع بكثير.
وتطرح الدراسة الأخيرة التي صدرت مؤخرًا 29 قضية رئيسة حالية وتطلب من المشاركين ترتيبها وفق أهميتها في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبلة. ولم تذكر الدراسة الحرب النووية من بين هذه القضايا. إن التهديد خطير ومتزايد، لكن قادتنا و«علماء السياسة المشهورين» يؤكدون لنا، مباشرةً أو ضمنيًّا، إنه: «لا داعي للقلق». و«من بين 29 قضية سألنا عنها»، أشار تقرير مديري الاستطلاع أن «الناخبين المسجَّلين وضعوا الاحتباس الحراري في المرتبة 24». إنها أهم قضية ظهرت في تاريخ البشرية بعد الحرب النووية.
يقول تشومسكي إننا عندما نتعمق أكثر في الواقع الحالي، نجد أن الأمر يزداد سوءًا. إن الجمهوريين قد يهيمنون على الكونجرس في غضون أشهر قليلة. وقيادتهم لا تخفي نيتها في البحث عن طرق للتمسك بالسلطة السياسية الدائمة تقريبًا، بغض النظر عن الإرادة الشعبية، وقد تنجح بمساعدة المحكمة العليا الأمريكية الشديدة الرجعية، وفق وصف المفكر الأمريكي. كما أن الحزب ينكر ظاهرة الاحتباس الحراري بنسبة 100%، وفي دراسة جامعة ييل، صنَّف الجمهوريون المعتدلون ظاهرة الاحتباس الحراري في المرتبة 28 من بين 29 خيارًا معروضًا. وصنَّفه الباقي في المرتبة 29 أي الأخيرة.
وضح تشومسكي: «إن أهم قضيتين في تاريخ البشرية خارج جدول الأعمال قريبًا في أقوى دولة في تاريخ البشرية، ويعني هذا أننا سنمضي قدمًا في تجربة قاتمة مثل تجربة سنوات ترامب الأربعة».
والقضيتان لن تكونا خارج جدول أعمال الحزب الجمهوري تمامًا بطبيعة الحال، إذ أن هناك أصواتًا عقلانية، يتمتع بعضها بمكانة وخبرة كبيرة. وقبل عقد من الزمان، كتب أربعة منهم – ويليام بيري، وهنري كيسنجر، وجورج شولتز، وسام نان – مقال رأي نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» يدعو إلى «توقُّف العالم عن الاعتماد على الأسلحة النووية، لمنع وقوعها في أيدي متهورة، والتخلص منها في نهاية المطاف لأنها تشكل تهديدًا للعالم».
وهم ليسوا وحدهم، فقد أصدرت الدول الأطراف في معاهدة حظر الأسلحة النووية إعلان فيينا، الذي يدين جميع التهديدات باستخدام الأسلحة النووية بوصفها انتهاكات للقانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة. ويطالب الإعلان «جميع الدول المسلحة نوويًّا بعدم استخدام الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها تحت أي ظرف من الظروف».
لقد رفضت الدول النووية الانضمام إلى هذه المعاهدة، لكن يمكن تتغير ذلك بالضغط الشعبي، كما رأينا كثيرًا من قبل، وفق تشومسكي. وسيُعقد المؤتمر العاشر لمراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في أغسطس (آب). ويمكن أن يوفر ذلك فرصة لجمهور منظم للمطالبة بالالتزام بأحكامه، التي تدعو إلى بذل جهود «مخلصة» لإزالة آفة الأسلحة النووية من الأرض، والحد من تهديداتها الهائلة. ولن يحدث ذلك إذا لم تكن أهم قضيتين في تاريخ البشرية في بؤرة الاهتمام؛ إحداهما تكاد تكون منسيَّة تقريبًا وتتمتع الأخرى بقدر ضئيل من الاهتمام حتى يكون العالم مكانًا صالحًا للحياة.
ليست حربًا أوكرانية روسية
ألمح الكاتب إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شدَّد مؤخرًا في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» على أن العالم يجب أن يتعامل بجدية مع احتمالية أن تستخدم روسيا أسلحة نووية في أوكرانيا. ومع ذلك، ألمح زيلينسكي إلى فكرة تطوير أوكرانيا لأسلحة نووية على الرغم من أنها إحدى الدول الموقِّعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. وأضاف الكاتب: «لستُ متأكدًا هل تمتلك أوكرانيا قدرات للمضي قدمًا في تطوير برنامج أسلحة نووية» لكن ألن يكون القيام بذلك أشبه ما يكون بالانتحار؟
وأكَّد تشومسكي أن الأمر أشبه ما يكون بالانتحار تمامًا. وحتى الجهود المبدئية الأولى لامتلاك أسلحة نووية ستؤدي إلى انتقامٍ قاسٍ، ومن ثم تتصاعد الأمور.
لقد صرح بوتين علانية بأن روسيا منفتحة على الحوار حول عدم انتشار الأسلحة النووية، ولكن يبدو أن الولايات المتحدة ترى أن غزو روسيا لأوكرانيا قد أفسد معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. وأضاف تشومسكي: «تذكَّر ما قلته آنفًا: القوى العظمى ستجد طريقة للتعاون في معالجة هذه المشكلات الحرجة، وإلا سيتحطم المجتمع البشري والعالم المعاصر».
وبناءً على ذلك، يجب النظر بجدية في كل خيارات الحوار المطروحة والسعي وراءها، ويمكن تحقيق ذلك في إطار دولي في المؤتمر القادم لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. أو يمكن ببساطة رفض هذا الخيار، ومن ثم تبني الموقف الذي اتخذه الغرب في مؤتمر مجموعة العشرين الأسبوع الماضي؛ نَبْذ روسيا وعزلها.
ولكن إندونيسيا والصين والهند والبرازيل وتركيا والأرجنتين وغيرها من الدول لم تنضم إلى الولايات المتحدة والغرب في نَبْذ روسيا وعزلها، وهذا يثير السؤال مرةً أخرى: مَنْ هو المعزول في النظام العالمي الجديد الذي يتشكِّل؟
وهذا سؤال جيد، ولا يمكن تجاهله. وقد تناول جراهام فولر، النائب السابق لرئيس مجلس الاستخبارات الوطني في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) والمسؤول عن تقديرات الاستخبارات العالمية، تحليل هذه القضايا التي تستحق الاهتمام الشديد.
ويرى فولر أن المسؤولية تقع بالأساس على عاتق عملاء العدوان؛ بوتين ودائرته. لكن هناك إدانة ثانوية تستحقها الولايات المتحدة وحلف (الناتو) بسبب إثارة حرب مع روسيا عمدًا، على الرغم من إخطارات موسكو المتكررة بشأن تجاوز الخطوط الحمراء، وفق تشومسكي.
كما يرى فولر أن الصراع ليس «حربًا أوكرانية روسية، بل حربًا أمريكية روسية بالوكالة حتى آخر جندي أوكراني. وليس لمعظم دول العالم الأخرى – أمريكا اللاتينية والهند والشرق الأوسط وأفريقيا – ناقة ولا جمل في هذه الحرب الأمريكية ضد روسيا. وأدانت دول كثيرة الغزو بشدة لكنها لم تقف إلى جانب الولايات المتحدة وحلفائها، ويتساءل تشومسكي: «كيف يُتوقع من تلك الدول مراعاة احتجاجات الولايات المتحدة على انتهاك المبادئ السامية وهي أكبر مَنْ ينتهكها؟».
ويضيف فولر أن أوروبا تعاني بالفعل بشدة، وسيتعين عليها، عاجلًا أم آجلًا، العودة إلى شراء الطاقة الروسية الرخيصة. ولا يمكن لأوروبا أن تتحمل ارتكاب خطأ في المواجهة مع الصين – وهو تهديد تتصوره واشنطن في المقام الأول ولكنه غير مقنع لعديد من الدول الأوروبية وكثير من دول العالم. وفي النهاية، ستؤدي حرب أوكرانيا إلى إعادة نظر جادة في أوروبا حول فوائد دعم محاولة واشنطن اليائسة للحفاظ على هيمنتها العالمية.
وعلى الأرجح يميل الطابع الجيوسياسي لروسيا الآن نحو أوراسيا. وليس أمام النخب الروسية الآن بديلًا سوى قبول فكرة أن مستقبلها الاقتصادي يكمن في المحيط الهادئ، ولدى الصين وروسيا الآن اهتمام مشترك أكثر من أي وقت مضى لتقويض حرية الولايات المتحدة غير المقيدة في التدخل العسكري والاقتصادي الأحادي الجانب في جميع أنحاء العالم. وتتمتع روسيا بتقدم علمي وطاقة وفيرة ومعادن نادرة غنية، كما تتمتع الصين برأس المال والأسواق والقوى العاملة للإسهام في ما يمكن أن يصبح شراكة طبيعية عبر أوراسيا.
وكتب فولر أن «الفساد المطلق» لوسائل الإعلام يُعد أحد أكثر السمات المزعجة للأزمة الحالية: يجب أن نفهم بعمق ما يحدث بالفعل في أوكرانيا.
كيف يمكن تجنُّب الحرب النووية؟
أشار الكاتب إلى أن تاريخ حملة نزع السلاح النووي إلى أواخر الخمسينيات من القرن الماضي. ويتطلب نزع السلاح النووي أن تثق الدول القومية بعضها ببعض، وهو أمر غير قابل للحدوث على أرض الواقع، إذن، ما العمل؟ ما أكثر الطرق واقعية لتجنب الحرب النووية؟
وأفاد تشومسكي أن هناك طرقًا واقعية لتقليل احتمالية نشوب حرب تؤدي إلى الفَناء – وهو المصطلح المناسب للحرب النووية التي تشارك فيها القوى العظمى. والأمر الأكثر إلحاحًا هو تطوير نظام جاد للسيطرة على الأسلحة النووية.
وكانت هناك خطوات مهمة في هذا الصدد، من بينها معاهدة ريجان – جورباتشوف للقوى النووية المتوسطة المدى (INF) في عام 1987، والتي كانت مدفوعة بشعبية هائلة على إثر الاحتجاجات المناهضة للأسلحة النووية في أوروبا والولايات المتحدة. وكانت هناك خطوة أخرى هي معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية (ABM) لعام 1972 بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، والتي اعترف كلا الجانبين بأنها كانت «عاملًا جوهريًّا في كبح سباق الأسلحة الهجومية الإستراتيجية».
ومع ذلك، جرى تفكيك معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية على يد جورج دبليو بوش، وجرى تفكيك معاهدة الصواريخ النووية المتوسطة المدى على يد ترامب. كما دمر ترامب خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني).
إن إحدى المآسي الكبرى الناجمة عن حرب أوكرانيا تتمثل في أن وسائل الحد من خطر «حرب الفَناء» تختفي تمامًا من بين أيدينا. ومع ذلك، قد تكون التعبئة الجماهيرية التي ساعدت في اتخاذ خطوات سابقة نحو العقلانية فعَّالة مرة أخرى. وهذا يعني في البداية إحياء نظام الحد من الأسلحة النووية، ومن ثم المضي قدمًا.
ويمكن اتخاذ خطوات أخرى الآن إذا كانت هناك ضغوط شعبية كافية. وفي الواقع، يمكن المضي قدمًا في معاهدة حظر الأسلحة النووية والسعي لتحقيق الأهداف المعلنة لهذه المعاهدة، ويمكن الدعوة إلى إيجاد منطقة خالية من الأسلحة النووية (NWFZ) في الشرق الأوسط، الأمر الذي طُرِح بانتظام في جلسات مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي، بمبادرة من الدول العربية في المقام الأول، التي هددت بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي إذا لم تُتَّخذ خطوات في هذا الصدد.
وهذه الدعوة تحظى بتأييد عالمي بالإجماع تقريبًا، لكن واشنطن تمنعها دائمًا. والأسباب الحقيقية مفهومة جيدًا: نظام الأسلحة النووية الإسرائيلي الهائل، الوحيد في المنطقة، يجب ألا يخضع للتنظيم الدولي. وترفض الولايات المتحدة الاعتراف رسميًّا بمنشآت الأسلحة النووية الإسرائيلية، إذ من المفترض أن يؤدي ذلك إلى التشكيك في شرعية جميع المساعدات الأمريكية لإسرائيل بموجب القانون الأمريكي.
إن إنشاء المناطق الخالية من الأسلحة النووية خطوة مهمة نحو الحد من تهديد الأسلحة النووية. وبصورة أدق، ستكون خطوة مهمة إذا كان تنفيذها ممكنًا. يختم تشومسكي قائلًا: «نُذكر مرةً أخرى: إما أن تجد القوى العظمى طريقة للتعاون في معالجة هذه المشكلات الحرجة، وإلا فلن يكون هناك شيء باقٍ».
.