خرافات علمية لا اساس لها

تثير الأفلام الخيالية عن الفضاء فضول مشاهديها كونها تدمج بين الخوف من المجهول القادم وغياب الثقافة حول الحقائق العلمية للفيزياء الفلكية فتشتعل المخيلة.

ويعتبر نجاح الأفلام الفضائية أكبر دليل على حب استكشاف الإنسان لما هو أبعد من السماء، كما ينم عن المخيلة السينمائية الواسعة لبعض الكتاب، وخوف المشاهدين من المجهول.

وإذا ما دققنا قليلاً في بعض الأحداث التي تستعرضها الأفلام وكأنها مسلمات لما يحمله المستقبل، سنجد أن الكتاب والمنتجين انتهكوا بشكل فاضح العقل البشري والمنطق الفيزيائي، ولا نحتاج لخبير في علم الفضاء ليوضح هذه المفاهيم المغلوطة.

إليكم بعض الأمثلة على هذه الأخطاء، علها تريح بالكم من اصطدام كوكب الأرض بنيزك أو ابتلاعه من قبل ثقب أسود:

– الجاذبية منعدمة في الفضاء:  هذا الخطأ العلمي منتشر بصورة كبيرة في الأفلام السينمائية، لكن الحقيقة أن أياً من وكالات الفضاء العالمية اختبرت مركبة فضائية أو قمر صناعي في وسط منعدم الجاذبية، لأنه لا بد أن توجد جاذبية بشكل أو بآخر مهما كانت ضعيفة، والدليل على ذلك أن الأجسام في الفضاء تكون في حالة سقوط حر.

– صمود الأرض عند اقتراب سفينة فضائية ذات كتلة ضخمة:  أفضل مثال على ذلك فيلم Independence Day، الذي يروي قصة سفينة فضاء تسكنها كائنات فضائية تتواصل ذهنياً مع الجميع. تبلغ كتلة السفينة – كما جاء في الفيلم – ربع كتلة القمر وتدور في فلك ثابت قريب من الأرض.

المثير للغرابة هو أن سفينة فضائية بهذه الكتلة وبهذا القرب من الأرض لا تحتاج إلى إطلاق أشعتها الليزرية بهذه الكثافة الشديدة أو الدفع بمقاتلاتها الفضائية للقضاء على البشر، ذلك أن المواصفات التي ذكرناها عن السفينة كفيلة بنشوء قوة جذب مغناطيسية للسفينة، ستؤدي إلى موجات مدّ وزلازل وبراكين كثيرة تعمل على انهيار الكوكب دون الحاجة للدفع بمقاتلة واحدة.

– إذا توقفت نواة الأرض عن الدوران سيأخذ كوكب الأرض وقتا ليتلاشى:  يستعرض الفيلم الشهير النواة The Core سيناريو توقف نواة الأرض عن الدوران، ما يؤدي إلى انهيار مغناطيسي للكوكب، وبالتالي فإن الإشعاع الكهرومغناطيسي القادم من الفضاء ينفجر في الغلاف الجوي للأرض ويسبب كوارث لا حد لها. ويصور الفيلم كثيراً من الصراخ وقبلات الوداع بين أبطال الفيلم.

الجدير ذكره أن نواة الأرض تتكون من كرة من الحديد والنيكل بقطر 1500 ميل، وحولها غلاف سميك من المادة المنصهرة. والواقع أن توقف نواة الأرض عن الدوران سينتج عنه ما هو أكثر من ذلك بكثير، فبمجرد توقف النواة عن الدوران ستبحث الطاقة الهائلة المختزنة في هذه النواة عن منفذ لها وطالما أن النواة لا تتحرك فسيحدث انفجار يساوي (5 تريليون) قنبلة نووية في وقت واحد، أي أن جميع سكان الأرض سيتلاشون في ثوانٍ وليس هناك أدنى فرصة للصراخ أو توديع أحد.

– جسم الإنسان ينفجر في الفضاء:  إذا خرجنا إلى الفضاء دون بدلة لن تنفجر أجسامنا أبداً، هذا ما أكدته وكالة “ناسا” بعد قيامها بإجراء بحث حول النجاة في الفضاء تحت ظروف ضغط منخفض.

لكن ما يحدث هو فقدان الإنسان لوعيه خلال 15 ثانية فقط بسبب قلة الضغط ونقص الأكسجين، ويمكنه أن يظل على قيد الحياة لمدة 90 ثانية مع أضرار بسيطة، ولكنه لن يتمكن من الحياة لمدة أكثر من دقيقتين.

مع العلم بأن حبس الهواء في الرئتين لن يكون حلاً لأن الهواء حينها سيتمدد ويمزق الرئتين.

– الشمس عبارة عن كرة نارية محترقة:  يمكن وصف الشمس بأنها جسم متوهج، ولكن لا يمكننا القول بأنها جسم محترق وشتان ما بينهما.

فهذا التوهج ناجم عن التفاعلات النووية على سطح الشمس، وهو توهج وليس احتراقاً لأن الاحتراق له علاقة بالتفاعلات الكيميائية.

فالشمس عبارة عن كرة غازية كبيرة تعطي الضوء والطاقة الحرارية من خلال الاندماج النووي الذي ينتج من تجمع ذرات الهيدروجين والهيليوم.

– الشمس صفراء:  اعتدنا أن نلون الشمس باللون الأصفر في الصغر، لكن هذا الاعتقاد خاطىء، فالشمس لونها أبيض.

ولمزيد من التوضيح، تتدرج ألوان النجوم من الأحمر للأزرق. يتميز النجم الأقل حرارة باللون الأحمر، وكلما زادت درجة حرارة النجم زادت كثافة اللون إلى أن يقترب من الأزرق.

ونظراً لأن درجة حرارة سطح الشمس 6000 درجة كلفن، فهي تتوسط ذلك التدريج وبالتالي لونها أبيض.

– دم الإنسان يغلي في الفضاء:  ساد هذا الاعتقاد بسبب انخفاض الضغط في الفضاء، والمعروف أنه عندما يقل الضغط فإن درجة غليان السوائل تقل أيضاً والمفترض أن يغلي الدم سريعا تبعا لذلك.

لكن هذه الحالة لا تنطبق على الدم، إذ أنه في دائرة مغلقة من الأوعية الدموية، فيبقى الدم تحت ضغط مرتفع نسبياً ولن يغلي.

– تجمد الإنسان في الفضاء:  ساد هذا الاعتقاد بسبب انخفاض درجة حرارة الفضاء، لكن الواقع أن الفضاء عبارة عن فراغ به جسيمات قليلة نسبياً حتى يكون لها تأثير على انتقال الحرارة بين جسمين متلامسين، وبالتالي لا يمكن قياس درجة حرارته.

ولا ننسى أن الفراغ عازل جيد، وكانت هذه الفكرة وراء استعمال أواني الطهي، فمن البديهي أن تظل درجة الحرارة كما هي أو تزيد.

– الأرض أقرب للشمس في الصيف:  ساد اعتقاد خاطئ بأن ارتفاع الحرارة في فصل الصيف هو نتيجة اقتراب الأرض من الشمس، ولكن السبب الحقيقي هو ميل محور الأرض أثناء الدوران، الذي يصبح فيه أحد نصفي الكرة الأرضية مواجهاً للشمس والنصف الآخر بعيداً عنها.

– عطارد أشد الكواكب حرارة:  نفترض خطأً أن عطارد الأشد حرارة لأنه الأقرب للشمس، ولكن الواقع أن حرارة كوكب الزهرة أكبر منه بسبب ثاني أكسيد الكربون. بل يصبح عطارد بارداً جداً في بعض الأحيان بسبب غياب الغلاف الجوي.

– القمر له جانب مظلم:  يصل ضوء الشمس لجميع أجزاء القمر بكميات متساوية، لكن سكان الأرض يرون جانباً واحداً للقمر، لذا يعتقدون أن الجانب الآخر غارق في الظلام.

– ذيل المذنب ناجم عن سرعته:  المذنب عبارة عن جسم جليدي يدور حول الشمس وخلفه ذيل مضيء. هذا الضوء ناتج عن الطاقة الشمسية الحرارية التي أذابت الجليد وليس بسبب السرعة العالية، والدليل أنه كلما اقترب المذنب من الشمس ظهر الذيل، وكلما ابتعد عن الشمس تضاءل حجمه.

– الثقوب السوداء دوامات مظلمة: كي نتخيل الثقوب بشكل أوضح فهي مجسمات غير مرئية، تشبه الكواكب والنجوم في شكلها لكنها ذات جاذبية عالية جداً، إذا اقترب منها أي شيء تسحبه إلى داخلها، وهي ليست دوامات ثنائية الأبعاد على الإطلاق.

.