جدل برلماني في ألمانيا حول الإخوان

أعاد حزب البديل الألماني اليميني المتطرف المعارض في الفترة الأخيرة إحياء الجدل حول الحركات الإسلامية في ألمانيا وتوسع شبكات الإخوان المسلمين إحدى أقدم الحركات التي أوجدت لها موطئ قدم في أوروبا ونجحت إلى حدّ كبير في تشكيل خلايا على الامتداد الجغرافي الأوروبي وسط اتهامات وتحذيرات من أجندة تستهدف التغلغل في النسيج الاجتماعي (الأوروبي).

ودخل الحزب اليميني في سجال مع الحكومة حول عمليات ترحيل إسلاميين اعتبرها لا تتماشى مع حجم خطر يمثله المصنفون “خطيرين أمنيا”.

وتقول الحكومة الألمانية التي دشنت عمليات ترحيل للمصنفين أمنيا بـ”إسلاميين خطيرين” وهو تصنيف يعني أن هؤلاء قادرون على نشر التطرف وحتى تنفيذ عمليات إرهابية، إن برنامج الترحيل تراجع في التسعة أشهر الأولى من العام الحالي، موضحة أنه تم ترحيل 17 شخصا من أصل 317 من التيار الإسلامي ممن تمت مناقشة قضاياهم في مركز مكافحة الإرهاب المشترك بين الحكومة الاتحادية والولايات.

وأثار الإعلان الحكومي غضب حزب البديل المتطرف الذي حمل وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر المسؤولية عن تداعيات بطء عملية الترحيل.

ولا يخلو موقف الحزب اليميني المعارض من نزعة كراهية وتمييز وهي ضمن أجندته وايديولوجيته، لكن ملف التيار الإسلامي في ألمانيا ظل على الدوام من الملفات الساخنة التي يعاد فتحها مع كل عمل إرهابي يضرب مكان ما في أوروبا.

تحذيرات

وكان جهاز الاستخبارات الألماني قد حذّر بالفعل في العام 2020 من تنامي نشاط جماعة الإخوان المسلمين ومن تزايد لافت لعدد قادتها في ألمانيا، مشيرا إلى أن التنظيم يسعى لفرض نظام يتناسب مع تفسير متشدد للشريعة الإسلامية. كما حذّر من أن التنظيم يعمل عل تقويض النظام الديمقراطي وإشاعة التطرف داخل النسيج الاجتماعي للبلاد.

ولا تخفي مراكز الأبحاث المعنية بمتابعة شؤون جماعات الإسلام السياسي في أوروبا، مخاوفها من أنشطة تقودها أساسا جماعة الإخوان المسلمين للتوسع والتأثير بما يفكك النسيج الاجتماعي الأوروبي وهي قضية لم تهدأ بعد اكتشاف شبكات واسعة ومترابطة تابعة للإخوان في أكثر من دولة أوروبية. 

ويقول ‘المركز الأوروبي لدراسة مكافحة الإرهاب والاستخبارات في تقرير صدر العام الماضي، إن منظمة ‘رؤيا’ تضم عددا كبيرا من قيادات الإخوان المسلمين في ألمانيا، موضحا أن التقديرات تشير إلى أن عدد الأعضاء يصل إلى 40 ألفا وأن هذه المنظمة تعتبر الأكبر منظمة تابعة للإخوان المسلمين متواجدة في ألمانيا.

وبعيدا عن موقف حزب البديل، تقول مصادر إن التفاتة ألمانيا لجماعات الإسلام السياسي على أراضيها ممثلة أساسا في جماعة الإخوان تعتبر متأخرة مقارنة بالنفوذ الذي باتت تتمتع به هذه الجماعات وشبكاتها السرية والعلنية إضافة إلى الجمعيات التي أنشأتها والتي تشكل واجهة لأعمال خيرية وإنسانية ودعوية بينما تتمدد في عموم أوروبا داخل النسيج المجتمعي.

ولم تكن الالتفاتة الألمانية استثناء في خضم تنسيق بين الحكومات الأوروبية في السنوات الأخيرة التي رصدت فيه أجهزتها تناميا ملحوظا لأنشطة مريبة مقترنة بحوادث إرهابية متناثرة في أكثر من منطقة.

وشكل الفضاء الافتراضي على الانترنت وسيلة للتوسع واختراقا للحدود بين دول أوروبا وهي مهم أخرى بات ملحة في ملاحقة أذرع التطرف الافتراضية والتي أسست بدورها لمنافذ واسعة اخترقت من خلالها المجتمعات الأوروبية.

وكان المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب والاستخبارات قد لفت في تقرير سابق إلى تبني جماعة الإخوان وفروعها وهيئاتها في ألمانيا إستراتيجية تعتمد على اختراق بطيء للمجتمع بينما تتولى قيادات من النخبة مدربة تدريبا جيدة وتعمل ضمن خلايا سرية هذه المهمة.

وأوضح أن الجماعة المحظورة في عدد من الدول العربية والخليجية، يضع قادة فرعها في ألمانيا على سلم أولوياتهم التغلغل على مستوى أكبر وأوسع في المجتمع الألماني وممارسة أنشطة مؤثرة في الولايات الألمانية، مضيفا أنه “بالفعل سيطرت أفكارهم إلى حد كبير على المجال السياسي والاجتماعي والأيديولوجي على مدى العقود الأربعة الماضية”.

كما سلط الضوء على استراتيجيات خادعة تعتمدها الجماعة من قبيل تنصلها من الارتباط بالتنظيم الدولي وبفكر متطرف وتأكيدها الالتزام بالقانون الألماني في العلن بينما تعمل سرّا عكس ذلك وتذهب بعيدا في محاولات تقويض النظام الديمقراطي والنظام المجتمعي ومحاولة بناء نظام مجتمعي مواز.

وبحسب الحكومة الألمانية، فإن عدد الإسلاميين المصنفين على أنهم خطرون أمنيا في ألمانيا 317 شخصا حتى سبتمبر/أيلول الماضي، من بينهم 132 شخصا لا يحملون الجنسية الألمانية.

لكن تقديرات مراكز بحثية تشير إلى أن الرقم أكبر بكثير، منبهة إلى خلايا نائمة وإلى أشخاص يبدون طبيعيين ومندمجين في النسيج الاجتماعي، لكن يحملون أفكارا متطرفة دون أن يظهروها.

.