تحديات المستشار الجديد

عادل فهمي /

لن تعرف الحكومة الألمانية الجديدة لحقبة ما بعد أنغيلا ميركل أي مهلة سماح، إذ تحتم عليها فور تنصيبها رسميا الشروع في معالجة عدد من المسائل الكبرى تتراوح بين وباء كوفيد-19 والمناخ، مرورا بالتوتر مع موسكو وبكين.

في ما يلي خارطة الطريق والتحديات الرئيسية أمام فريق المستشار الاشتراكي الديموقراطي أولاف شولتز الذي يضم أيضا البيئيين والليبراليين.

وباء كورونا

اضطرت الحكومة الجديدة قبل تولي مهامها حتى، الشروع في معالجة الموجة الجديدة من الإصابات بكوفيد-19 التي تجتاح ألمانيا، ما أرغمها على العودة منذ الآن عن عدد من وعودها الانتخابية.

فوافقت تحت ضغط الوضع الصحي على مجموعة من القيود وقبلت حتى بفكرة فرض إلزامية تلقي اللقاح على أن تدخل حيز التنفيذ خلال الأشهر الأولى من العام 2022، وهو إجراء يثير احتجاجات قسم من الرأي العام.

تشكيلة صعبة

من التحديات الكبرى التي سيواجهها أولاف شولتس خلال ولايته الحفاظ على لحمة ائتلافه الثلاثي.

فبرنامج الأحزاب الثلاثة المشاركة في الحكومة يبقى غامضا حول سبل تمويل التدابير الموعود بها، ولا سيما على صعيد الاستثمارات في البنى التحتية ومكافحة الاحترار المناخي، مع التخلي المرتقب عن الفحم اعتبارا من 2030 وتطوير مصادر الطاقة المتجددة.

وسيتحتم على قطاع صناعة السيارات الضخم في ألمانيا تسريع تحوله، إذ حددت الأحزاب هدفا أن يكون هناك 15 مليون سيارة كهربائية في البلد بحلول 2030، مقابل ما يزيد بقليل عن 500 ألف حاليا.

وتحت ضغط الليبراليين، تعتزم الحكومة خفض النفقات بهدف تقليص العجز في الميزانية إلى أقصى حدّ بدون زيادة الضرائب. وقد تظهر نقاط توتر سريعا حول هذا الموضوع.

أوروبا “أكثر سيادة”

إن كانت أنغيلا ميركل أحجمت عن الانخراط بقوة في مسألة التكامل الأوروبي، فإن الحكومة الجديدة تعتزم بذل جهود مجددا بهذا الصدد.

ويدعو اتفاق الائتلاف إلى قيام “دولة فدرالية أوروبية” مستقبلا تعتمد اللامركزية في عملها.

وفي تغيير هام آخر في النهج، انضمت برلين إلى الرؤية الفرنسية بشأن تعزيز الدفاع عن المصالح الأوروبية على الساحة الدولية.

وأكد شولتس أن “قيام أوروبا سيّدة هو المفتاح” وهو “واجب” على الحكومة الجديدة.

وفي هذا السياق، يدعو اتفاق الائتلاف إلى اعتماد الغالبية في اتخاذ القرارات على الصعيد الدبلوماسي، وليس بالإجماع كما هي الحال الآن.

روسيا والصين

قد تواجه متانة التحالف الحكومي اختبارا شديدا منذ بدء ولايته حول مسألتي روسيا والصين. فوزيرة الخارجية الجديدة البيئية أنالينا بيربوك تعتزم اتباع سياسة أكثر حزما منها في عهد ميركل التي كانت تعطي الأولوية للمصالح الاقتصادية، حيال الأنظمة المتسلطة مثل موسكو التي تحشد قوات على الحدود مع أوكرانيا، والصين. ولم تستبعد مقاطعة الأولمبياد الشتوي في بكين.

ويعتمد الليبراليون موقفا مشابها، فيما يبدي الاشتراكيون الديمقراطيون بزعامة أولاف شولتس تقليديا مزيدا من التساهل حيال موسكو وبكين.

تدابير هامة

تعتزم الحكومة الجديدة اتخاذ عدة تدابير ستشكل “علامات فارقة” لولاية شولتس وبينها زيادة الحد الأدنى للأجور للساعة إلى 12 يورو مقابل 9,6 يورو حاليا، وتشريع القنب الهندي (الحشيش) للبالغين في “محلات مرخص لها” وخفض سن التصويت في الانتخابات التشريعية إلى 16 عاما.

وعلى صعيد الهجرة، وهو موضوع لم يلق الكثير من الاهتمام لدى الرأي العام خلال الحملة الانتخابية، من المقرر اعتماد آلية لمنح إقامة إلى أجانب كان “مسموح” لهم حتى الآن البقاء في ألمانيا، أي أنه لا يمكن ترحيلهم لعدد من الأسباب غير أنه لا يحق لهم العمل.

وتود الحكومة الجديدة “منح فرصة” لهؤلاء الأجانب بإعطائهم إمكانية بعد إقامتهم خمس سنوات في ألمانيا للحصول تدريجيا على إقامة دائمة.

المستشار في سطور

– انضم إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي في عام 1975 وعمره 17 عامًا.

– درس شولتس القانون، وأسس مكتب محاماة متخصص في قانون العمل، ودافع عن حقوق العمال والموظفين.

– بدأ مسيرته الفعلية في عهد المستشار جيرهارد شرودر، حين انتخب نائبًا بالبرلمان 1998.

– في العام 2002 عين أمينًا عامًا للحزب الاشتراكي الديمقراطي.

– شغل شولتس مناصب حكومية وكانت البداية 2007 كوزير للعمل، ثم عمدة ولاية هامبورج 2011.

– في عام 2018 تولى منصب وزير المالية ونائب ميركل.

– أطلق عليه لقب «شولتس مات» أو «شولتس الآلي»، بعدما اعتاد منه السياسيون على تكرار نفس العبارات التكنوقراط بشكل آلي.

– شولتس هو رابع مستشار لألمانيا من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بعد فيلي برانت وهيلموت شميت وغيرهارد شرودر.

.