المخدرات تقتل المزيد من الشباب في ألمانيا
شباب برلين يتعاطون مخدرات أكثر من غيرهم في بقية الولايات
عاطف عبد العظيم
حذر وزير الداخلية الالمانى ألكسندر دوبرينت ، خلال مؤتمر صحفى، من ارتفاع نسبة الوفيات بين الشباب المرتبطة بتعاطى المخدرات ، وقال إن سهولة الوصول إلى المواد المخدرة عبر الانترنت إلى جانب تضاعف استخدام مادة الإكستازي ، أدى إلى هذا ارتفاع نسبة تعاطى المخدرات وسط الشباب.
وأضاف وزير الداخلية الألمانى : لدينا مشكلة ضخمة مع المخدرات في ألمانيا، وهي مشكلة لا يمكن فصلها عن الجريمة المنظمة.
قدرت السلطات عدد الجرائم المرتبطة بالمخدرات في البلاد بنحو 228 ألف جريمة، أي بانخفاض يقارب الثلث مقارنة بعام 2023، لكن الوزير اعتبر هذا الانخفاض تشويهًا إحصائيًا ناتجًا عن التقنين الجزئي للحشيش مؤكدًا أن هذا القانون ضار بالمجتمع ويشجع على تعاطي المخدرات.
وأضاف أن الجرائم المتعلقة بالإكستازي والكريستال ميث والكوكايين ارتفعت، كما زاد عدد مختبرات تصنيع المخدرات، ما يدل – بحسب قوله – على تصاعد هائل في استهلاك المواد المخدرة.
وأوضح رئيس مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالي هولجر مينش أن مهربي المخدرات أصبحوا مبدعين للغاية، إذ يغيرون باستمرار أساليب التهريب، من استخدام الموانئ الصغيرة والغواصات إلى رمي شحنات الكوكايين في البحر ليتم التقاطها لاحقًا.
وأضاف أن العصابات تلجأ كذلك إلى خلط الكوكايين بمنتجات قانونية مثل التوابل أو العصائر لإخفاء رائحته وصعوبة اكتشافه أثناء عمليات التفتيش الجمركي.
وكشف التقرير أن عدد الوفيات المرتبطة بتعاطي المخدرات بلغ 2,137 وفاة في عام 2024، وهو انخفاض طفيف بنسبة 4% مقارنة بالعام السابق، لكن الوفيات بين الشباب دون سن الثلاثين ارتفعت بنسبة 14%.
وقال مفوض الحكومة لشؤون المخدرات هندريك شتريك خلال المؤتمر الصحفى : نواجه موجة من الكوكايين والكراك والمخدرات الصناعية. هذه المواد عالية القوة متاحة اليوم أكثر من أي وقت مضى، ويستهلكها شباب أصغر سنًا وأكثر جرأة في التجربة.
وأضاف أن استهلاك الكوكايين لم يعد ظاهرة هامشية، بل أصبح جزءًا من قلب المجتمع الألماني ، محذرًا أيضًا من مؤشرات متزايدة على أزمة أفيونية جديدة.
وطالب شتريك بتكثيف برامج التوعية والتعليم والبحث حول الفئات المعرضة للخطر، مع تحسين برامج العلاج البديل التي توفر مواد غير مخدرة لتخفيف أعراض الانسحاب.
من جانبه، شدد الوزير دوبرينت على أن أنشطة تهريب وتجارة المخدرات تشكل العمود الفقري للجريمة المنظمة في البلاد.
قمع أقل ومزيد من المساعدة والعلاج
وفي ما يتعلق بعدد الوفيات، تتقدم ألمانيا على إسبانيا (774)، والسويد (450)، وفرنسا (417). ولهذا السبب، يتحدث الخبراء عن سياسة مغايرة تتمثل في قمع أقل ومزيد من المساعدة والعلاج، واعتماد الوقاية الشاملة، ومطالب للولايات الألمانية بتقديم دعم أفضل للأهل والمرضى لأن المتضررين وأسرهم بحاجة إلى رعاية أفضل، مع أهمية توفير استشارات للمدمنين، وأشارواً إلى دور الأطباء والصيدليات في المساعدة على العلاج من الإدمان.
وتبين شبكة “إيه آر دي” الإخبارية أن متوسط عمر ضحايا المخدرات في ألمانيا هو 41 سنة، من بينهم أكثر من 80 في المائة من الذكور، وأن معظم الضحايا من الولايات المكتظة في شمال الراين- وستفاليا وبافاريا.
ووفقاً لتقرير الاتحاد الأوروبي، فإن الهيروين أو المواد الأفيونية الأخرى مسؤولة عن الجرعات الزائدة المميتة في ثلاثة أرباع الحالات. ويتيح مشروع “فحص المخدرات” التجريبي قيد التنفيذ في العاصمة برلين، للبالغين منح عينات من مشترياتهم من المخدرات إلى ثلاثة مراكز استشارية تتولى تقديم النصائح لهم حول الأضرار الناتجة عن الجرعات الزائدة، وهذا البرنامج معتمد في كل من هولندا وسويسرا والنمسا.
وتبين دراسة حديثة قدمتها أخيراً عضوة مجلس الشيوخ، إينا سيبورا، أن شباب برلين يتعاطون مخدرات أكثر من غيرهم في بقية الولايات، ولديهم فجوة معرفية حول مخاطر الاستهلاك.
وبحسب مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية، يدخل عدد كبير من المواد الجديدة إلى سوق المخدرات كل عام، والتي عادة ما تصل على شكل مسحوق أو حبوب أو كبسولات أو أقراص أو سوائل، ويتم تعاطيها إما عن طريق البلع أو الحقن أو الاستنشاق.
وتعتزم ألمانيا العمل مع خمس دول في الاتحاد الأوروبي، لتوحيد الجهود ورفع المعايير الأمنية في الموانئ، وجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لعصابات تهريب المخدرات. وفي اجتماع عقد أخيراً في بلجيكا، أكدت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، أهمية التمكن من اعتراض الاتصالات بين المجرمين، لا سيما أن هذه البيانات مهمة لتعطيل هياكل القوة لديهم، عدا عن اعتماد وسائل فنية متطورة لفحص الحاويات، ومنع المجرمين من استخدام أساليب الاحتيال لحماية أعمالهم غير القانونية. ووفقاً لوكالة تطبيق القانون الأوروبية “يوروبول”، يتم فحص ما بين 2 إلى 10 في المائة فقط من جميع الحاويات البحرية التي تصل إلى أوروبا.
عجز في مكافحة عصابات المخدرات؟
وبحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة فإنَّ منتجي المخدرات والتجار في أميركا اللاتينية يعتبرون خطر القبض عليهم في أوروبا قليلًا نسبيًا. وذلك لأنَّ الملاحقة الجناية لا تسير بشكل جيد كما في الولايات المتحدة الأمريكية.
وكثيرًا ما ينجح التجار – بحسب أحدث تقرير لمكتب الأمم المتحدة – في رشوة موظفي الموانئ. وليس هذا فقط: ففي ألمانيا، يمثل منذ أسبوع مدع عام أمام محكمة الإقليمية في هانوفر بتهمه تسريبه نتائج التحقيقات طيلة سنين لعصابة مخدرات مقابل المال.
وكذلك قام في السنين الأخيرة سلطات مكافحة المخدرات البلجيكية والهولندية بزيادة أعداد أفرادها ومعداتها بشكل كبير.
أما ألمانيا فهي متخلفة عن الركب فيما يتعلق بالمعدات الجمركية والشرطية. وفي هذه الأثناء يرتفع عدد وفيات المخدرات منذ سنين. وهذا يجعل مفوض شؤون الإدمان والمخدرات يشعر باليأس من مكافحة الاتجار بالمخدرات. ويقول: “لن نتغلب على هذه التحديات بالوسائل الشرطية والعقوبات وحدها. فهذا يحتاج إلى عمل مركز بين جميع الأطراف الفاعلة والمؤسسات في النظام: من الوقاية والمساعدة وحتى المكافحة الشديدة لجرائم المخدرات
.







