الطقس البارد وأمراضه

بعيداً عن الطقس البارد وقسوته، هناك مجموعة من الأمراض الخاصة به أيضاً، حاله حال كل فصل من فصول السنة. أمراض الطقس البارد عادة ما تصيب الجهاز التنفسي، لأن البرودة تحفز تكاثر الفيروسات المسببة لهذه الأمراض، كما أنها تساهم في جعل بعض الحالات المرضية أسوأ كالتهاب المفاصل والربو وفي بعض الأحيان تضاعف مخاطر الإصابة بأمراض مهددة للحياة كالنوبات القلبية.

الأمراض الخاصة بالطقس البارد عديدة، لذلك سنذكر أكثرها شيوعاً مع مجموعة نصائح للوقاية منها:

حساسية الأنف

نشاط الرياح المتزايد في فصل الخريف، يتسبب في انتشار حبوب اللقاح والغبار والأتربة على نطاق واسع في الهواء الجوي، وعند استنشاق هذه المهيجات، يصدر عن الجسم رد فعل تحسسي يتسبب في المعاناة من بعض الأعراض الناتجة عن الإصابة بحساسية الأنف، مثل حرقان الأنف وانسداد الأنف وسيلان الأنف والعطس المتكرر وصعوبة التنفس.

– التهاب الملتحمة

انتشار الغبار والأتربة وحبوب اللقاح في الهواء الجوي لا يسبب حساسية للأنف فقط، بل يصيب العين أيضًا بمرض التهاب الملتحمة، ومن أبرز الأعراض المصاحبة له “تورم العين وتهيج العين وخروج إفرازات من العين والحساسية الشديدة اتجاه الضوء”.

الاكتئاب الموسمي

فصل الخريف لا يؤثر فقط على الحالة العضوية، بل يمتد تأثيره ليشمل الصحة النفسية، إذ يتسبب في الإصابة بالاكتئاب الموسمي، نتيجة قلة التعرض لأشعة الشمس وتغير المناخ وقصر ساعات النهار، ومعظم المصابين به يعانون من انخفاض الطاقة ويميلون إلى العزلة.

– حمى القش

يعاني بعض الأشخاص من سيلان الأنف واحمرار العين وحكة الجلد والرشح المستمر والإرهاق الدائم في فصل الخريف، نتيجة الإصابة بحمى القش، وهي أحد أنواع الحساسية الناتجة عن استنشاق حبوب اللقاح والمهيجات الأخرى خلال عملية التنفس.

الزكام: المرض الأكثر انتشاراً حول العالم. يصيب الملايين سنوياً، ورغم ذلك لا يوجد دواء بعينه يمكنه معالجته، والسبب هو أن 200 نوع من الفيروسات تسبب الزكام. لا يسبب ارتفاع الحرارة عادة أو الشعور بالتعب أو بآلام الجسد أو الصداع، لكنه يؤدي إلى سيلان الأنف والعطس وألم الحلق والسعال والشعور بضيق في التنفس. وفي بعض الحالات قد ينتج عنه التهاب الجيوب الأنفية ما يؤدي إلى التهاب الأذن.

الوقاية من الزكام عملياً شبه مستحيلة فهي تنتشر كالنار في الهشيم فور إصابة أحد أفراد العائلة بها . لكن يمكن غسل اليدين بشكل دوري، وتجنب التواجد في أماكن مغلقة مزدحمة أو بالقرب من شخص مريض. وخلال الطقس البارد يجب الحرص على عدم الانتقال من مكان دافئ إلى آخر بارد بشكل مباشر، ويمكن شرب الماء لتبريد الجسد قليلاً قبل الخروج.

الإنفلونزا: يعتقد البعض أن الزكام والإنفلونزا اسمان لمرض واحد، لكنهما في الواقع يختلفان رغم تشابه بعض الأعراض. يصعب التفريق بينهما في المراحل الأولى لكن حدة المرض هي العامل الحاسم، فأعراض الإنفلونزا أشد وأقوى. وخلافاً للزكام فإن فيروس الإنفلونزا ثلاثة أنواع «أ» و «ب» و«سي»، ويترافق عادة مع الحمى والصداع والتعب والشعور بآلام في الجسم والسعال الحاد.

أما سيلان الأنف فقد يظهر عند البعض وقد لا يظهر. مضاعفات الإنفلونزا هي الالتهاب الرئوي وفشل الجهاز التنفسي وحتى الموت. ينتمي للعائلة «أ» إنفلونزا الطيور وفيروس إنفلونزا الخنازير.

 للوقاية يجب الحرص على غسل اليدين بشكل دائم، واستخدام المناديل عندما تعطس أو تسعل. وفي حال مرض أحد أفراد العائلة يجب عدم مشاركة حاجياتك كالصابون أو المنشفة معه. ومن طرق الوقاية الفعالة الحصول على لقاح الإنفلونزا مع بداية فصل الشتاء.

التهاب الحلق: يعرف أيضاً بالتهاب البلعوم، وينتج عادة عن الإصابة بعدوى فيروسية أو بكتيرية تسبب تهيجاً في الأنسجة المحيطة بالحلق؛ ما يؤدي إلى الشعور بالألم. تكثر الإصابة به في الشتاء، ويرتبط بعدد من المسببات له وهي التهابات الجهاز التنفسي كالزكام والإنفلونزا.

تزول عادة أعراض المرض خلال أسبوع من دون تدخل طبي، لكن في حال استمرت لأكثر من ذلك يجب مراجعة الطبيب.

الوقاية من التهاب الحلق هي نفس الخطوات التي يجب اتباعها للوقاية من الإنفلونزا والزكام، والتي تم ذكرها أعلاه.

نوروفيروس: تعتبر هذه الجرثومة واحدة من أكثر الجراثيم انتشاراً في العالم؛ لكونها شديدة العدوى، وتعرف أيضاً بفيروس الشتاء. صحيح أن انتشارها ليس حكراً على الشتاء لكنها تظهر وتنتشر بشكل كبير خلال الطقس البارد. تصيب المعدة وتسبب التقيؤ والإسهال مع ألم وتشنجات في المعدة بالإضافة إلى ألم حاد في العضلات والصداع والعطش الشديد نتيجة فقدان الجسم للسوائل.

ينتقل عن طريق الطعام الملوث أو المياه الملوثة، وتستمر الحالة المرضية لبضعة أيام. لا يوجد علاج محدد لها لكن يتم إعطاء المريض مضادات الإسهال والكثير من السوائل. من الحالات التي لا يجب إهمالها؛ لأن مضاعفاتها تشمل الفشل الكلوي والجفاف وحتى الموت.

للوقاية يجب غسل اليدين جيدا خصوصاً بعد قضاء الحاجة، بالإضافة إلى النظافة الشخصية وفي حالة أصيب أحد أفراد العائلة فيجب عزله، وعدم استخدام الأدوات التي يستخدمها واستعمال القفازات والأقنعة، مطهرات اليدين لا تجدي نفعاً في هذه الحالة؛ لأنها لا تقضي على الجرثومة هذه، لذلك فإن القفازات هي الخيار الوحيد.

الربو: الهواء البارد يحفز نوبات الربو بشكل كبير، وتصبح الحالة أسوأ حين يصاب المريض بالزكام أو الإنفلونزا. الربو هو التهاب مزمن في الشعب الهوائية، وتتزايد نوبات الربو بشكل كبير خلال الشتاء لأن الهواء البارد يعمل على تحفيز المنبهات العصبية في الرئة التي بدورها تفعّل عملية الالتهاب وبالتالي تضيق القصبات. بالإضافة إلى الزكام والإنفلونزا والنزلات  الصدرية  فإن  أنظمة  التدفئة المنزلية تحفز نوبات الربو. 

للوقاية ينصح بالبقاء داخل المنزل خلال الطقس البارد والعاصف مع الحرص على تهوية المنزل بين حين وآخر،  وفي  حال  قررت  الخروج يمكن تغطية الوجه بوشاح مع المواظبة على تناول الأدوية الخاصة بالمريض.

آلام المفاصل: تتزايد حدة الآلام عند المصابين بالتهاب المفاصل خلال فصل الشتاء، مع الإشارة إلى أن  الطقس  البارد  لا  يتسبب  بأي  شكل  من  الأشكال بالتهاب المفاصل.

ومع انخفاض درجات الحرارة تصبح المفاصل أكثر تصلباً؛ ما يؤدي إلى الشعور  بالألم،  كما  أن  الحالة  النفسية  تلعب  دورها،  فعدد  كبير من الأشخاص يصابون بالاكتئاب خلال فصل الشتاء؛  ما  يجعلهم  أكثر  حساسية  للألم.  لذلك  فإن  ممارسة  الرياضة  قد  تحسن  الحالة النفسية والبدنية، والسباحة مثالية لمن يعانون من التهاب المفاصل.

قرحة البرد:  قرحة البرد هي بثور صغيرة ممتلئة بسائل شفاف تتشكل حول الفم أو الأنف وعلى الذقن. يتسبب فيروس الهربس البسيط بقرحة البرودة، ومن الفيروسات المعدية التي تنتقل عن طريق الاتصال المباشر بجلد المصاب. أسبابها متعددة ومنها الإنفلونزا والتهابات الجهاز التنفسي والتعرض للرياح الباردة والإجهاد العاطفي أو الجسدي.

تشفى عادة من تلقاء نفسها خلال 7 إلى  10 أيام، ويمكن الاستعانة بكريمات ومراهم طبية وقد يتطلب علاجها  الأدوية  المضادة  للفيروسات.  للوقاية منها يجب العمل على تخفيف حدة التوتر النفسي والعاطفي، والقيام بنشاطات تبعد شبح الاكتئاب الشتوي.

النوبات القلبية: ترتفع معدلات الإصابة بالنوبات القلبية بشكل كبير خلال فصل الشتاء، وهذا مرده إلى أن  الطقس  البارد  يسبب  تضيق  الأوعية  الدموية ما يسبب ارتفاعاً في ضغط الدم وبالتالي إنهاك القلب. في المقابل فإن ضخ الدماء إلى أطراف الجسم للحفاظ على درجة الحرارة تضعف عضلات القلب.

الأمراض الأخرى كالإنفلونزا والتهابات الجهاز التنفسي تؤدي إلى تمزق  اللويحات  والتخثرات  الدموية  ما  يحلق  الضرر  بالشرايين  وبالتالي النوبات القلبية.

للوقاية يجب تجنب ممارسة الأنشطة التي تتطلب مجهودات جسدية كبيرة خلال الطقس البارد خصوصاً للذين  يعانون  من  مشاكل  قلبية.  اختيار الملابس السميكة، والحرص على نظافة اليدين واستخدام المعقمات لتفادي الإصابة بالإنفلونزا وطبعاً مع  الحصول  على  لقاح الإنفلونزا قبل بداية موسم البرد.

وأخيرا كوفيد 19 ومشتقاته

فيروسات كورونا فصيلة واسعة الانتشار معروفة بأنها تسبب أمراضاً تتراوح من نزلات البرد الشائعة إلى الاعتلالات الأشد وطأة مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS) ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم (السارس).

نصائح للوقاية

– اتباع نظام غذائي صحي، لتقوية الجهاز المناعي وتعزيز قدرة الجسم على مكافحة الفيروسات.

– شرب كميات وفيرة من الماء، للحفاظ على ترطيب الجسم وتخفيف أعراض الحساسية المختلفة.

– غسل العين بالماء فور العودة من الخارج أو تنظيفها بالكمادات الدافئة، للتخلص من آثار الأتربة والمهيجات الأخرى العالقة بها.

– ارتداء النظارة الشمسية قبل الخروج من المنزل، للحفاظ على صحة العين.

– غسل الأنف بواسطة المحلول الملحي فور الرجوع للمنزل، لتنظيف الممر الأنفي من الأتربة العالقة به.

– الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم، يتراوح من 6 إلى 8 ساعات يوميًا، لتقوية الجهاز المناعي وتحسين الحالة المزاجية.

– يجب على مرضى الحساسية الاهتمام بتناول أدوية الحساسية، لتجنب الإصابة بأي مضاعفات.

.