اختراق الوعى العربى

أسعد عبد الكريم

قال “منشه شاؤول”، الخبير الإسرائيلى فى شئون الشرق الأوسط، إن إسرائيل نجحت خلال فترة وجيزة فى اختراق الوعى العربى، عبر إطلاقها عددا من وسائل الإعلام باللغة العربية اجتذبت ملايين الزوار من الدول العربية.

ولفت”شاؤول” فى مقال بمجلة “مرئية” الإلكترونية إلى أن الإعلام أصبح فى العهد الحديث جزءا فاعلا فى الحرب، وأن وزارة الخارجية الإسرائيلية فطنت جيدا لهذا الأمر، فعمدت إلى تدشين صفحة على “فيس بوك” باسم “إسرائيل تتكلم بالعربية”، وموقع “التواصل” إضافة لقناة على يوتيوب، وصفحة تابعة للوزارة على “تويتر”.

هذه الصفحات ورغم إدارتها من قبل طاقم صغير من متحدثى العربية فى الوزارة فإنها، وبحسب الكاتب، نجحت فى إيصال “صوت إسرائيل” لشريحة واسعة من الشباب العربى، بل نافست ما وصفها بـ”ماكينة الدعاية العربية” التى يتم ضخ ملايين الدولارات لتفعيلها.

وأشار “شاؤول” إلى أن دراسات إسرائيلية حول عادات استخدام الميديا فى القطاع العربى كشفت أن الإنترنت هو الوسيلة الأكثر استخداما، وأن العرب لا يقتصر استخدامهم للشبكة العنكبوتية على المنزل أمام الحاسوب، ويفضلون الدخول عبر الهاتف المحمول.

لكنه أشار إلى أن الاهتمام العربى بالمواقع والصفحات الإسرائيلية الناطقة بالعربية ليس مرده دائما الانحياز لتل أبيب، بل معرفة ما يحدث فيها عن كثب، ففى العالم العربى يسعون لمعرفة إسرائيل من مصادرها، وليس عبر “الوسائل الدعائية” بالشبكات الاجتماعية وقنوات التلفزة العربية، وهو ما يفسر ظهور محللين وخبراء إسرائيليين فى الفضائيات العربية، على الأقل التابعة لسوريا وحزب الله، على حد قوله.

وخلال العدوان الصهيونى على قطاع غزة حاولت الصفحات الإسرائيلية تشويه حركات المقاومة الفلسطينية، معتمدة على ما كانت تبثه بعض الفضائيات العربية، التى هاجمت الحركة وقادتها والمتحدثين باسمها. كذلك يشمل التشويه حزب الله وإيران وكل حركات المقاومة العربية التي ترفض التطبيع.

سعت هذه الصفحات لشيطنة المقاومة والتوسع فى مزاعم استخدامها المؤسسات المدنية لقصف إسرائيل، كالمدارس والمستشفيات، مستشهدة بتقارير بثها الإعلام العربى فى هذا الشأن، لكنها تركت مهمة التقليل من إنجازات المقاومة، وتفنيد انتصاراتها على إسرائيل لوسائل الإعلام العربية، كما يقول” منشه شاؤول”.

ويضيف: “عندما تكون هناك تطورات إيجابية فى العالم العربى، تتطرق لها مواقع الإنترنت التابعة لوزارة الخارحية بتوسع، نموذج على ذلك التطرق فى مقال هيئة التحرير للانتخابات الديمقراطية التى شهدتها تونس، والتى فاجأت العالم كله بطابعها الديمقراطى الحر، وتطرق المقال للميزات الكبيرة للبرلمان الجديد الذى منح المساومة التامة للمرأة، وسن قانون التعليم المجانى من الروضة وحتى التعليم العالى، وقد نشرت صحيفة تونسية باللغة العربية المقال الإسرائيلى كاملا”.

صفحة “إسرائيل تتكلم بالعربية” تستغل ما تقوم بنشره بعض المواقع من إيجابيات مزعومة لإسرائيل، ورغبات البعض فى التطبيع معها، بل تصويرها على أنها مثل أعلى يجب على العرب الاقتداء به.

فعلى سبيل المثال  “بوست” نشرته الصفحة مقالا للكاتب مهدى مجيد عبد الله على موقع “إيلاف” يمجد فى الشخصية الإسرائيلية، تحت عنوان “يا ليتنى كنت إسرائيليا”، وعلقت الصفحة الإسرائيلية بالقول: “مقال رأى فى موقع إيلاف: شجاعة منقطعة النظير”.

كذلك نشرت الصفحة مقالا للكاتب” منشه شاؤول” نفسه تحت عنوان “أبطال صنعوا السلام”، مروجا لفكرة التطبيع، وأنه ليس أمام العرب من خيار سوى الانبطاح لإسرائيل والاعتراف بوجودها كأمر واقع والتخلى عن المقاومة، مختتما بالقول: “السلام صمد كالطود الأشم؛ لأنه مراد الشعوب وإرادة الله فى هذه الأرض”.

كما نشرت الصفحة رسم توضيحى لما قالت إنه عدد المسلمين الذين قتلوا منذ عام 1948، مضيفة أن 11 مليون مسلم قتلوا منذ ذلك الوقت، من بينهم فقط 0.3 % قتلوا على يد إسرائيل، متسائلة: “إذن لماذا تُعلَق على الشماعة الإسرائيلية جذور جميع مشاكل الشرق الأوسط”.

.

.