ألمانيا من الدول الأوروبية القليلة التي تجرم تجديف الأديان

قامت أغلبية الدول الأوروبية بحذف القوانين التي تعاقب على تجديف الأديان. ولكن بعض الدول الأوروبية ومنها ألمانيا مازالت تحتفظ بالمادة التي تجرم من يقوم بذلك. ويثير هذا الموضوع جدلا، رغم عدم وجود سند قانوني بهذا الشأن.

في ألمانيا باتت المحاكمات التي تصدر أحكاما في القضايا المتعلقة بتجديف الأديان حدثا نادرا واستثنائيا. ولا يعود ذلك إلى التطورات المجتمعية فقط ولكن أيضا بسبب تعديل قانون العقوبات المرتبط ب”الإساءة للمعتقدات والمجتمع المتدين والعقيدة” والذي تم إقرار عام 1871.

منذ تعديل ذلك القانون عام 1969 أصبح تطبيق العقوبات الخاصة بالتعدي على المعتقدات يرتبط بشرط أن يؤدي ذلك الى “الإخلال بالسلام والأمن العام”، وإذا ما ثبت ذلك فإن المحكمة تصدر في هذه الحالة أحكاما بغرامات مالية أو بالسجن لمدة قد تصل إلى ثلاث سنوات. ويسعى المسؤولون السياسيون في ألمانيا إلى حذف المواضيع المتعلقة بالذات الإلهية من النقاش السياسي، وإصدار العقوبات فقط إن كانت هناك عواقب وخيمة بسبب الجدف والإهانة.

ويعتبر يوهانس كاسبار أستاذ القانون في جامعة أوغسبورغ أن هذه الصيغة القانونية لا قيمة لها، لأن “القانون بصيغته الحالية يسمح بجدف الأديان كيفما يشاء، عدا إن أدى ذلك إلى الإخلال بالسلام العام”.

في العام الماضي أثار كاسبار هذه القضية خلال اجتماع رابطة القانونيين الألمان في مدينة هانوفر، وطالب بحذف المادة 166 من قانون العقوبات، وينطلق اعتراضه من عدم وجود دقة في النص القانوني، لأن المادة 166 لا تحمي الأفراد من التعرض للإهانة ولكنها فقط تتصدى للاعتداءات على المعتقدات الدينية. ولكن أين يقع الخط الفاصل في هذا الموضوع وكيف يجب المحاسبة، حيث يلزم القضاة وممثلو الادعاء تحديد الأحكام من خلال التفاصيل وحسب كل حالة فردية على حدة. ويضيف كاسبار في حديث مع DWعربي: “بموجب القانون في صيغته الحالية يمكن تفسير أعمال الكاتب الساخر أو راسم الكاريكاتير على أنها جريمة مرتكبة؟. قبل تسعة أعوام صدر حكم في مدينة مونستر يمكن اعتباره من بين الحالات القليلة التي تم فيها إصدار عقوبة تستند على المادة 166 من القانون الخاص بهذا الشأن. فقد أصدرت المحكمة حكما مع إيقاف التنفيذ في حق رجل قام بطباعة آيات من القرآن على الورق المستخدم في المراحيض ثم قام بتوزيعها. وقد أثار تصرفه احتجاجات قوية وصلت إلى خروج أعداد كبيرة من المتظاهرين في إيران. وعلى إثر ذلك أصدرت المحكمة حكما بهذا الشأن، حيث اعتبرت في قرارها أن مثل ذلك التصرف يهدد السلم والأمن العام. وقد رفضت رابطة القانونيين الألمان في مؤتمرها الذي عقدته العام الماضي في هانوفر اقتراحا تضمن حذف المادة 166 من قانون العقوبات، معتبرة أن هذه المادة “تحافظ على شعور الأقليات الدينية بالأمان”.

.