ألمانيا تقع في حالة الركود الاقتصادي

محمد عبد المنعم

أكد خبراء اقتصاد في تصريحات خاصة لموقع ” سكاي نيوز” أن الاقتصاد الألماني فقد إمكانات النمو، مقارنة بالاقتصادات المتقدمة الأخرى، وذلك مع دخول البلاد في انكماش تقني أي فصلين متتاليين من التراجع، مشيرين إلى أن انخفاض الناتج المحلي الإجمالي سينعكس سلباً على كافة شرائح المجتمع، ويتجلى ذلك في انخفاض القدرة الشرائية وارتفاع معدل البطالة وتراجع الإنفاق الاستهلاكي للأسر.

وبحسب بيانات رسمية ألمانية، فإن أن أكبر اقتصاد في أوروبا سجل انكماشاً تقنياً في الربع الأول من عام 2023، إذ انخفض إجمالي الناتج المحلي للبلاد بنسبة 0.3 بالمئة بين يناير ومارس 2023، بعد تراجعه أيضاً بنسبة 0.5 بالمئة بين أكتوبر وديسمبر 2022، لتدخل ألمانيا وفقاً لذلك في انكماش تقني، وهذه سابقة منذ الجائحة التي تسببت في تراجع إجمالي الناتج المحلي في الربعين الأول والثاني من 2020.

وظل التضخم يشكل عبئاً على الاقتصاد الألماني في بداية العام، إذ انعكس ذلك على استهلاك الأسر المعيشية، الذي انخفض بنسبة 1.2 بالمئة على أساس ربع سنوي بعد تعديله للأخذ في الاعتبار تأثيرات الأسعار والتقويم، طبقاً لمكتب الإحصاء الألماني.

ما هو الركود؟

وفيما يُعرف الركود التقني بأنه ربعان متتاليان من الانكماش، غير أنه في العموم لا يوجد اتفاق بشكل محدد على تعريف الركود إذ أن المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية في أميركا يعرفه على أنه “الانخفاض الكبير في مستويات النشاط الاقتصادي، والذي يستمر لبضعة أشهر، والمتمثل في انخفاض مستويات الإنتاج والتوظف والدخل الحقيقي وغيرها من المؤشرات “، ويبدأ غالباً عندما يصل الاقتصاد إلى قمة النشاط، وينتهي عندما يصل الاقتصاد الى أدنى مستوياته.

في حين يراه البنك الدولي متمثلاً في “انكماش اقتصادات العديد من الدول الكبرى في ذات الوقت، بالإضافة الى مؤشرات أخرى تدل على ضعف النمو الاقتصادي العالمي، تتمثل في الانخفاض المطول في الناتج المحلي ارتفاع معدل البطالة مع انخفاض الطلب الكلي على السلع والخدمات”.

كيف وصلت ألمانيا إلى الركود؟

إن فترة الانكماش في الربعين الماضيين للاقتصاد الألماني كانت تلي أسعار طاقة مرتفعة، وهو ما أدى إلى خروج العديد من الاستثمارات من ألمانيا وتوقف العديد من الصناعات، وإفلاس العديد من الشركات، وهذه تعد أهم أسباب الركود إلى جانب توجهات البنك المركزي الأوروبي في رفع أسعار الفائدة لمحاصرة التضخم في أوروبا.

ورفع البنك المركزي الأوروبي، معدل الفائدة 7 مرات منذ العام الماضي، بهدف السيطرة على التضخم ليصل إلى مستوى 3.75 بالمئة، ليتباطأ التضخم في دول منطقة اليورو بشكل حاد من قراءات في خانة العشرات في أواخر العام الماضي، حيث أظهرت بيانات مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي “يوروستات”، أن التضخم بلغ 7 بالمئة.

وفي بيانه الأخير، أبقى المركزي الأوروبي خياراته بشأن توجهات الفائدة مفتوحة مع استمرار معركته لمكافحة التضخم، إلا أنه لم يذكر ضرورة الحاجة إلى تطبيق زيادات أخرى.

توقعات الربع الثاني

وحول توقعاته للاقتصاد الألماني للربع الثاني من العام الجاري، يقول الخبير الاقتصادي الشوبكي: “على الرغم من انخفاض أسعار الغاز التي تبدو الأقل منذ عام 2021 وأسعار معقولة للنفط عند 75 دولاراً لخام برنت، فإن ألمانيا ستعاني في الربع الثاني من العام الجاري جراء ارتدادات أسعار الطاقة المرتفعة على باقي السلع بمعنى أنه لو انخفضت الأسعار في الربع الثاني سيبقى تأثيرها السلبي على الاقتصاد الألماني للربع الثاني، هذا إلى جانب تداعيات أسعار الفائدة المرتفعة والتي لا يبدو أن هناك بارقة أمل من قبل البنك المركز الأوروبي لتخفيضها لأن معدل التضخم لا يزال بعيداً مستهدف المركزي الأوروبي البالغ 2 بالمئة”.

ويؤكد الشوبكي أن حالة عدم اليقين في الاقتصاد الألماني والأوروبي وحتى العالمي ستستمر حتى منتصف العام 2024 “حيث سترافقنا الأشهر المقبلة أسعار فائدة مرتفعة”.

سياسات خاطئة تجاه الطاقة

من جانبه يرجح الرئيس التنفيذي لمركز “كوروم للدراسات الاستراتيجية” في لندن أن يكون الضغط على ألمانيا أشد خلال الفترة المقبلة لجهة التضخم والتعافي الاقتصادي بسبب سياسات الحكومة الخاطئة تجاه الطاقة، مشيراً إلى أن الكثير من الشركات الصناعية أنهت أعمالها في ألمانيا أو حولت عملياتها إلى الصين ودول أخرى.

ويوضح أن “ألمانيا تعد أكثر الدول الأوروبية تأثرًا بأزمة الطاقة، وباعتبارها واحدة من أهم الدول الصناعية في العالم، فإن الصناعة الألمانية اليوم تواجه أسوأ أزماتها خلال سنوات طويلة، بسبب سياسات الحكومة في التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري واستبداله بوسائل الطاقة الخضراء لتفتح الباب للاعتماد على بشكل كبير على استيراد الطاقة من روسيا، ولكن بسبب الحظر الاقتصادي على روسيا حالياً، فإن ألمانيا تستورد الطاقة من الخارج بتكلفة أعلى”.

.