شخصية العدد: سعيد صالح
في أواخر عام 1979، ظهر الفنان، سعيد صالح، في لقاء نادر أذيع على التليفزيون اللبناني، كان في هذا اللقاء يتميز بـ خفة الدم وسرعة البديهة، وقتها تحدث عن بدايته وحبه للتمثيل برفقة صديقه المقرب الزعيم عادل إمام، الذى التقاه في المدرسة السعيدية، قائلاً “أنا وعادل لو مكناش مثلنا، كان زمانا دلوقتي قاعدين في السجن”، نظراً لشقاوة أفضل ثنائي مميز في السينما المصرية.
سعيد صالح الذي ملئ دنيا الفن كوميديا ودخلت “إيفيهاته” قلوب المصريين، كان يقول دوماً على نفسه “السينما المصرية أنتجت 1500 فيلم أنا نصيبي منهم الثلث”، لكن قبل اليوم الأول من أغسطس بنحو أربعة أعوام توفي الفنان سعيد صالح إثر أزمة قلبية حادة وتم دفنه في مسقط رأسه بقرية مجيريا بالمنوفية.
مرسي الزناتي
كانت بداية سعيد صالح الفنية من خلال المسرح، إلى جانب بعض الأدوار الثانوية القليلة فى سينما الستينات والسبعينات، لكن نقطة الانطلاق الحقيقية جاءته مع مسرحية مدرسة المشاغبين التى كتبها للمسرح الكاتب الراحل على سالم، وقتها قدم صالح دور مرسى الزناتى بجانب عادل إمام وأحمد زكى ويونس شلبى وسهير البابلى وغيرهم من الممثلين الشباب.
المسرحية حققت نجاحاً كبيراً، كان بمثابة جواز المرور إلى عالم الفن فتوالت أعماله فى السينما والمسرح والتليفزيون لتصل إلى ما يقرب من 500 فيلم، و300 مسرحية، و150 مسلسل.
صداقته بعادل إمام
في كتابه الذي حمل عنوان المضحكون، يقول الكاتب الصحفي الراحل، محمود السعدني، عن جيل عادل إمام وسعيد صلاح أنه كان آخر فوج من المضحكين، ولا نستطيع أن نتكهن بالمستقبل لهم، لأن المستقبل بالنسبة لهم مازال في علم الغيب، وقد تأتي الرياح بما يشتهي المضحكون، وقد تأتى الرياح بما يشتهى المضحكون، المضحكون الجدد هم شلة العيال.
سعيد صالح قال عن صداقته بعادل إمام “إحنا كنا زملاء في المدرسة السعيدية، ومكنش حد يقدر يستحملنا في ثانوي، بس كانوا ساعات بيستحملونا عشان دمنا كان خفيف”، ومن بعد الثانوية، تفرق الصديقان، ولكنهما التقيا على خشبات مسرح الجامعة، حيث جمعتهما الموهبة الفنية المتفردة التى تمتع بها كل فرد منهم.
سجن سعيد صالح
عندما سُجن سعيد صالح في الثمانينيات بتهمة تعاطي المخدرات دافع عنه صديقه ورفيق عمره، عادل إمام، واصفًا محاكمته بأنها محاكمة للفكر المصري، أيضاً الراحل يونس شلبي دافع عن صديقه قائلا : فنان مبدع يستلهم فنه من خلال حواره مع الجمهور ولا يجوز تقييد موهبته بل يجب أن يعيش الدور بكامل حريته ولا يحاسب على لفظ خارج على النص وإلا ما اعتبر هذا فناً.
ومرت أزمة السجن بسلام وعاد سعيد صالح للأضواء وأخذ نجاحه في التوهج مرة أخرى بأفلام ومسلسلات أعجبت الجمهور، وأخذت كلماته يُنادي بها الجمهور في لحظاتهم المرحة.
الناقد طارق الشناوي قال إن المصريين والعرب في مجال الكوميديا مع مطلع السبعينات تعلقوا بنجمين هما عادل إمام، وسعيد صالح. اقتسما الحب، ولكن عادل كان نصيبه مع مرور السنوات أكبر.
وأضاف في مقاله بصحيفة الشرق الأوسط اللندنية أن عادل إمام أدرك مع مسرحية «مدرسة المشاغبين» أنه وسعيد هما القادمان، ولكنه أراد أن يصبح هو الزعيم، ولهذا أصر على أن يستحوذ على دور «بهجت الأباصيري» بينما كان سعيد هو المرشح الأول للدور. ”هكذا خرجا من المسرحية متعادلين في النجاح الجماهيري، ولكن مع احتفاظ عادل إمام بلقب الزعيم الذي لازمه حتى الآن أربعة عقود من الزمان” تابع الشناوي وأضاف أن عادل كان يرنو للبطولة وكان يعلم أن الزمن له بينما لم يدقق سعيد صالح كثيرا فيما تخبئه الأيام.
هذا السبب في رأي الشناوي جعل الفنان الراحل يوافق عن طيب خاطر على أداء دور صديق البطل لتصبح صورته الذهنية على الشاشة أنه في الدور الثاني، بينما عادل يحرص دائما على أن يتصدر «الأفيش»، وهكذا صار عادل منذ مطلع الثمانينات هو النجم الجماهيري الأول في شباك التذاكر، بينما سعيد يبدد طاقته في نفس الفترة الزمنية بأفلام «المقاولات».
سبب آخر يراه الشناوي من عوامل تراجع سعيد صالح وهو انتقاده السلطة السياسية في مسرحياته والسخرية منها، في الوقت الذي كان فيه عادل يتقرب إليها ويحرص على التواجد في عدد من المؤتمرات التي كان يعقدها الرئيس الأسبق حسني مبارك مؤيدًا للحزب الوطني الحاكم وقتها.
الشناوي أضاف أن عادل إمام كان صوتا للدولة في كل مواقفها حتى في توريث الحكم لجمال، في المقابل لم يعر سعيد أي اهتمام لذلك يضاف إلى كل هذه العوامل تورطه في قضية تعاطي المخدرات ودخوله السجن.
سعيد صالح الذى وُلد بمحافظة المنوفية فى 31 يوليو عام 1938، وتخرج فى كلية الآداب بجامعة القاهرة عام 1960، لم يدرس التمثيل بشكل أكاديمى، ولكنه مارسه كهواية فى مسرح الجامعة مع جيل صار أغلبهم نجوم على الساحة الفنية فيما بعد.
.