اليمين المتطرف يستغل ملف الهجرة ويحرز تقدماً

الدليل ـ برلين

يواصل حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)، وهو حزب سياسي يميني شعبوي، تقدمه في استطلاعات الرأي على مستوى البلاد، وقد يكون في طريقه للفوز بثلاث ولايات في شرق ألمانيا في انتخابات عام 2024، حسب تقرير لوكالة رويترز للأنباء.

وقد أبرز استطلاع أجرته Wahlrecht، وهي شبكة استطلاعات حول المواضيع السياسية، أن نسبة من الألمان صارت منحازة أكثر في الآونة الأخيرة للتصويت لحزب البديل.

كما سجل حزب البديل من أجل ألمانيا 17 إلى 19 بالمئة على الصعيد الوطني، وهو رقم قياسي للحزب. نتائج الاستطلاع الخاصة بحزب البديل من أجل ألمانيا أظهرت أنه صار في نفس المرتبة – المركز الثاني- مع المستشار أولاف شولتز عن حزب الديمقراطيين الاجتماعيين SPD.

وحسب تقرير وكالة رويترز الإخبارية فإن حزب البديل من أجل ألمانيا، بلغ أعلى مستوياته سابقا سنة 2018، بعد  أزمة المهاجرين  في أوروبا. وتشير هذه الإحصائيات إلى أن دعم حزب البديل من أجل ألمانيا، ارتفع عن المرتبة الخامسة التي حصل عليها في انتخابات 2021 عندما كانت نسبته من الأصوات قد بلغت 10.3 بالمئة. كما ذكر تقرير لـ DW، أن حزب البديل من أجل ألمانيا كان منذ فترة طويلة أقوى حزب سياسي في العديد من الولايات الشرقية بالبلاد.

لماذا يحقق حزب البديل من أجل ألمانيا تقدما؟

أوضحت نتائج دراسة استقصائية حديثة حول الدوافع التي جعلت الألمان يصوتون لحزب البديل من أجل ألمانيا، أن عدم الرضا عن الأحزاب السياسية الأخرى كان السبب الرئيسي وراء قيام الناخبين بالإدلاء بأصواتهم لصالح الحزب اليميني. وقال غالبية الذين شملهم الاستطلاع، أو حوالي 65 بالمئة، أن موقف حزب البديل من أجل ألمانيا الحاسم بشأن الهجرة كان سبب تصويتهم للحزب، يليه قطاع الطاقة وتغير المناخ (47 بالمئة) والاقتصاد (43 بالمئة). و32 بالمئة قالوا إنهم يؤيدون سياسات حزب البديل من أجل ألمانيا بشكل كامل، وفق تقرير لـ DW.

التأسيس والفكر السياسي!

تأسس  حزب البديل من أجل ألمانيا  عام 2013، وكان الدافع الرئيسي الأول لانطلاقه هو معارضة  عمليات الإنقاذ الاقتصادية  للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل اليونان التي وجدت نفسها غارقة في أزمة ديون.

وعاش الحزب نقطة تحول عام 2015، عندما اشتدت أزمة تدفق اللاجئين من دول شرق أوسطية على دول الاتحاد الأوروبي. ففي سبتمبر/أيلول 2015، سمحت ألمانيا للاجئين، وأغلبهم من سوريا، بدخول البلاد والحصول على حق اللجوء فيها. كما استقبلت النمسا المجاورة لألمانيا أيضًا لاجئين كثر، لكن ألمانيا أبقت حدودها مفتوحة على مصراعيها، واستقبلت حينها ما يناهز 890 ألف شخص تقدموا جميعا بطلبات لجوء.

وقد عارض  حزب البديل من أجل ألمانيا  هذه الخطوة وظهر كصوت غاضب ورافض لهذا القرار، وتبنى موقفًا مناهضًا للهجرة كموقف سياسي رئيسي. بالإضافة إلى ذلك، يعارض حزب البديل أيضا التحول المكلف نحو حلول الطاقة الخضراء في البلد وأيضا معدل التضخم المرتفع الذي تشهده ألمانيا في السنوات الأخيرة.

ويشار إلى أن الحزب يستخدم باستمرار وسائل التواصل الاجتماعي  لتعزيز دعم إيديولوجياته السياسية. فقد وجدت دراسة أجرتها جامعة أكسفورد، أن حزب البديل من أجل ألمانيا كان أكثر الأحزاب السياسية نشاطا في ألمانيا على تويتر. ومن بين ملايين التغريدات التي تم تحليلها في الدراسة، كانت 30 في المائة منها مرتبطة بحزب البديل من أجل ألمانيا.

صعود اليمين المتطرف في أوروبا!

اكتسبت الأحزاب اليمينية المتطرفة تأييدا في جميع أنحاء أوروبا في الآونة الأخيرة. في بعض البلدان، لعبت السياسات المتبنية للأفكار المناهضة للهجرة مثل التي نفذتها الحكومة اليمينية في إيطاليا، دورًا في التأثير على سياسة الهجرة في البلدان الأخرى.

أما عن عمليات العودة، سواء كانت طوعية أو ترحيل لطالبي اللجوء المرفوضين، أصبحت موضع تركيز في سياسة الهجرة داخل الاتحاد الأوروبي.

لكن رغم ذلك، فإن دول الاتحاد الأوروبي لا تزال غير قادرة على التوصل إلى توافق بشأن تقاسم مسؤولية الإسكان وإدماج المهاجرين واللاجئين، كما ظهرت خلافات كبيرة غذت خطاب الأحزاب اليمينية والشعبوية المناهض للهجرة، حسب وكالة رويترز.

كما دعت إيلفا جوهانسون، مسؤولة  ملف الهجرة  بالاتحاد الأوروبي، إلى الاتفاق على “نهج مشترك” وحذرت من اتخاذ الدول الأعضاء موقفًا متشددًا بشأن الهجرة لكسب التأييد على المستوى الداخلي. وقالت “إذا اتفقنا على نهج مشترك لإدارة الهجرة بطريقة إنسانية ومقيدة في الآن ذاته، فسنكون جميعًا فائزين لأننا سنكون قادرين على إدارة الهجرة معًا بطريقة منظمة”.

ما أسباب الفوزين الأخيرين لحزب “البديل” اليميني الشعبوي؟

خلال أسبوع، فاز حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي بمنصب عمدة مدينة في ولاية سكسونيا آنهالت وقبله بأول منصب قيادي في البلديات الألمانية.

وبهذا، يعد “البديل” أول  حزب يميني شعبوي  يحقق هذا النجاح منذ الحرب العالمية الثانية بعد أن فاز مرشحه هانيس لوت في جولة الإعادة في انتخابات مدينة راغون-يسنيتس بولاية سكسونيا-آنهالت على منافسه المرشح المستقل نيلز ناومان.

وقبلها فاز الحزب اليميني الشعبوي بأول منصب قيادي في البلديات الألمانية عندما تمكن روبرت زيسلمان السياسي المنتمي للحزب من حسم انتخابات الإعادة على منصب رئيس دائرة زونيبرغ جنوب ولاية تورينغن شرقي ألمانيا.

ورغم أن تعداد سكان زونيبرغ وراغون-يسنيتس صغير نسبياً، إلا أن نتائج الانتخابات بهما تعد هامة لأنها تؤكد على وجود نزعة متزايدة في ألمانيا تشير إلى أن  حزب “البديل”  يحظى الآن بدعم 20 ٪ من الناخبين الألمان وهي نسبة تقترب من نسبة تأييد الحزب الديمقراطي الاشتراكي بزعامة المستشار أولاف شولتس.

ويختلف المحللون السياسيون في تفسير ما يحدث؛ إذ يرجع البعض ذلك إلى الخلافات بين أركان الحكومة لا سيما حول قوانين حماية المناخ. وفي ذلك، قالت أورسولا مونش، مديرة “أكاديمية توتزينغ للتثقيف السياسي” في بافاريا، إن سياسات الحكومة الائتلافية “تثير قلق الناس، وأعتقد أن الذين يشعرون بالسخط تجاه سياسة الحكومة يتم حشدهم عن طريق حزب البديل في الوقت الراهن بوتيرة كبيرة”.

وتقدم جامعة لايبزيغ من خلال دراسة نشرتها مؤخراً، تفسيراً بسيطاً لهذا الأمر لكنها أثارت الكثير من القلق إذ تفيد بأن العديد من الناخبين الألمان خاصة في شرق البلاد لديهم وجهات نظر عنصرية.

.